هل يحصل توافق أميركي-روسي للعمل ضدّ إيران شرق سورية؟
نقلت الشبكة عن مصادر مطلعة قولها إنّ الروس استغلوا أخيراً تأخير دفع رواتب المنتسبين للمليشيات الإيرانية.
ميدل ايست نيوز: تتواتر أنباء عن عزم الولايات المتحدة على دعم عملية عسكرية ضدّ المليشيات الإيرانية في شرقي سورية، تقوم بها فصائل عسكرية محلية مقربة من واشنطن، وذلك مع تراكم مؤشرات عدة على تركيز الأخيرة في الفترة الحالية على تحجيم نفوذ طهران وطردها من سورية.
لكن عملية كهذه لا بدّ أن تأخذ بالاعتبار الموقف الروسي. وفيما راجت تسريبات عن أنّ العملية ستتم بالتنسيق مع موسكو المنزعجة أيضاً من الوجود الإيراني في تلك المنطقة، فإنّ مصادر محلية في شرق سورية استبعدت في حديث مع “العربي الجديد”، حدوث ذلك، كما استبعدت مشاركة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في مثل هذا التحرك.
وقال عضو مجلس القبائل والعشائر السورية، مضر حماد الأسعد، إنّ عملاً عسكرياً قريباً يمكن أن ينطلق ضدّ المليشيات الإيرانية في شرق سورية، لكنه استبعد أي مشاركة من جانب الوحدات الكردية في هذا التحرك. وقال إنّ هذه الوحدات رفضت سابقاً المشاركة في أي عمل عسكري ضدّ المليشيات الإيرانية، بل إنها ساهمت في تسليم تلك المنطقة لإيران ومليشياتها.
وأوضح الأسعد أنّ واشنطن تعمل على تشكيل جيش عربي من أبناء جنوب الحسكة ودير الزور، ليكون قوة مساعدة لـ”جيش مغاوير الثورة” الموجود في محيط التنف، والذي سيقود هذه العملية انطلاقاً من مدينة الشدادي، جنوبي الحسكة. وأضاف أنّ واشنطن طردت كل العناصر التابعة للأكراد من حقلي العمر وكونيكو في دير الزور وسلمتهما للعناصر العربية من أبناء المنطقة، بسبب الرفض الشعبي لوجود العناصر الكردية في تلك المناطق التي هي عربية بالكامل. ولفت إلى أنّ مجموعة من الأحزاب الكردية، وفي مقدمتها حزب “الاتحاد الديمقراطي”، وقّعت وثيقة تقضي بعدم القتال سوى ضدّ الجيش التركي و”الجيش السوري الحر”، وبرفض قتال النظام السوري وإيران وروسيا. وقال: “نحن لا نجد فرقاً بين قسد وداعش والمليشيات الإيرانية، لأن جميع هؤلاء ارتكبوا جرائم بحق شعوب المنطقة ونهبوا ممتلكاتها وهجروا أهلها”.
ويتزامن ما سبق مع إرسال التحالف الدولي المزيد من التعزيزات إلى قاعدة الشدادي في ريف الحسكة الجنوبي، وذلك في وقت تشهد فيه مناطق عدة شرقي الفرات حراكاً للقوات الأميركية. كما جاء ذلك بعد إنشاء القوات الأميركية قاعدة عسكرية جديدة في منطقة الجزرات، غربي دير الزور، بعد أن كانت قد وسعت أخيراً قاعدة حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي.
وإذا كان الأسعد قد استبعد أن تقاتل روسيا المليشيات الإيرانية لأنها توفر الغطاء السياسي لتلك المليشيات، وتدفعها للقيام ببعض الأعمال نيابة عنها في إدلب والبادية الشامية، فقد ذكرت شبكة “دير الزور 24” أنّ القوات الروسية في دير الزور تعمل على استقطاب المنتسبين المحليين من أبناء المحافظة للمليشيات الإيرانية إلى صفّها.
ونقلت الشبكة عن مصادر مطلعة قولها إنّ الروس استغلوا أخيراً تأخير دفع رواتب المنتسبين للمليشيات الإيرانية، إذ اجتمع مندوب للقوات الروسية في دير الزور مع عدد من هؤلاء وعرض عليهم العمل مع الروس وترك مليشيات طهران. وأوضحت أنّ العرض تضمن التحاق العناصر الذين يريدون الانسحاب من المليشيات الإيرانية بصفوف ما يسمى بـ”الدفاع الذاتي” التابع للقوات الروسية، والعمل في مقراتها في قرية الحسينية أو في نقاط منطقة البانوراما بدير الزور، مقابل أجر شهري ثابت قدره 50 ألف ليرة سورية (أقل من 50 دولاراً).
وكانت روسيا قد كثّفت من وجودها العسكري في دير الزور، وقد سيّرت مطلع الشهر الحالي دورية عسكرية هي الأولى من نوعها على أطراف مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، حيث تخضع المنطقة لسيطرة المليشيات الإيرانية. ورأى مراقبون أن تحركات العربات الروسية تعتبر تغيراً في الوجود الروسي في المدينة، إذ لا تقترب عادة القوات الروسية من المنطقة ويقتصر وجودها على نقاط عسكرية.
وتتزامن هذه التطورات مع تواتر أنباء عن نيّة روسيا اتخاذ موطئ قدم لها في المنطقة الشرقية (غرب الفرات)، التي تحتكر إيران السيطرة فيها إلى الآن. وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أخيراً، إن “تحالفاً ثلاثياً بين إسرائيل وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، وروسيا، يعمل على إغلاق طريق طهران – بيروت من الجانب السوري، ومجابهة النفوذ الإيراني”.
وحسب المرصد، فقد عقد اجتماع قبل أيام بين وفد من “قوات سورية الديمقراطية”، وقيادات من “قوات مغاوير الثورة”، و”قوات النخبة” العاملة في قاعدة التنف، “لشنّ عمليات عسكرية ضدّ القوات الإيرانية والمليشيات الموالية لها، بدعم من التحالف الدولي، لإغلاق طريق طهران – بيروت”. وتابع أنّ العمليات العسكرية “ترتبط بفشل روسيا في إقناع إيران بسحب قواتها من البادية، على أن يتم وضع قوات موالية لروسيا تحلّ محل القوات الإيرانية”.
وكان المبعوث الأميركي للملف السوري، جيمس جيفري، قد قال أخيراً إنّ الإيرانيين “يقلصون بعض أنشطتهم في سورية بسبب المشكلات المالية، ما يعكس النجاح الهائل لسياسات العقوبات الأميركية على إيران”. من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان من النظام الإيراني مغادرة سورية.
وأضاف في حديث لقناة “كان” الإسرائيلية أخيراً: “أوضحنا للنظام السوري والنظام الإيراني أن على إيران مغادرة سورية”. وناقش بومبيو، الأربعاء الماضي، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “تقويض النشاط الإيراني، وتحجيم موارده”، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه بحث مع وزير الخارجية الأميركي “مواصلة الجهود لمواجهة إيران في إطار الشراكة، وصدّها في الشرق الأوسط وفي سورية وفي كل مكان”.
وصعّدت إسرائيل خلال الشهرين الماضيين من هجماتها على مناطق عسكرية في سورية توجد فيها قوات إيرانية، فيما توعد وزير أمنها، نفتالي بينيت، الأسبوع الماضي، بمواصلة العمليات في سورية حتى خروج القوات الإيرانية منها.
وبرزت تطورات في الأسابيع الأخيرة تشير إلى تحولات يمكن أن تغير الوضع القائم، مثل انسحاب الحرس الثوري الإيراني وإخلائه بعض قواعده في سورية بعد تكثيف الغارات الإسرائيلية، وكذلك تسجيل تجاذب روسي مع النظام السوري على خلفية “السجال الإعلامي” بين الطرفين الذي قال خلاله موالون للنظام إنّ الأخير يعتمد على إيران وليس على روسيا، بل حرض بعضهم صراحة على موسكو، وهو أمر من غير المستبعد أن تكون طهران تقف خلفه.
وفي ظلّ هذه المؤشرات، وحديث مسؤولين أميركيين عن نجاح مقاربتهم في تحقيق “الضغط الأقصى” على إيران، فإن تفاهماً مع الروس يبقى الشيء الوحيد الذي يقف أمام انطلاق عملية عسكرية مدعومة من واشنطن ضد إيران في شرقي سورية.