كيف تقدمت دول الخليج إيجاباً في مؤشر السلام العالمي 2020؟
مؤشر السلام العالمي هو برنامج سنوي لقياس وضع المسالمة النسبي للدول والمناطق، وهو من إنتاج معهد الاقتصاد والسلام بأستراليا

ميدل ايست نيوز: كانت السنوات الماضية تحمل في طياتها العديد من التحديات على المنطقة العربية، خصوصاً الواقعة في الشرق الأوسط، وسط واقع من التوترات والنزاعات والحروب الحاصلة في عدة دول عربية.
وفي ظل ذلك الوضع الاستثنائي لمنطقة تغلي حافظت دول الخليج العربي على الاستقرار والأمان الداخلي؛ عبر انخفاض كبير في معدلات الجريمة والعنف، واستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وازدياد ملحوظ في الاستثمار والنمو.
وكان لافتاً في عام 2020 وجود جميع الدول الخليجية على مؤشر السلام العالمي، حاجزة مراكزها في قائمة أفضل 10 دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو ما جعلها هدفاً أولاً للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار لبدء مشاريعهم.
ومؤشر السلام العالمي هو برنامج سنوي لقياس وضع المسالمة النسبي للدول والمناطق، وهو من إنتاج معهد الاقتصاد والسلام بأستراليا، ووضع بالتشاور مع فريق دولي من الخبراء والمعاهد ومراكز البحوث، بالإضافة لتحليل البيانات من قبل الاستخبارات الاقتصادية، وبدأت أولى القوائم في مايو 2007.
الخليج العربي.. بين الأكثر سلاماً
وحققت أغلب دول الخليج العربي تقدماً في سلم مؤشر السلام العالمي، رغم التراجع الملحوظ الذي يشهده العالم من ناحية السلامة والأمان في ظل العديد من التطورات؛ والتي كان آخرها تفشي وباء فيروس كورونا المستجد، واستمرار النزاعات والحروب وعدم الاستقرار.
وكشفت النسخة الـ14 من التقرير السنوي للمؤشر أن متوسط مستوى السلمية الدولي في عام 2020 قد شهد تدهوراً للمرة التاسعة خلال 12 عاماً، مبيناً بصورة إجمالية أن 81 دولة شهدت تحسناً في مستوى السلمية (بينها دول الخليج الست)، فيما شهدت 80 دولة تدهوراً.
واستمرت دولة قطر في تصدر مؤشر السلام العالمي على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2020، متقدمة ثلاث مراتب لتصبح في المركز الـ27 عالمياً من بين 163 دولة شملها التقرير.
واستطاعت قطر أن تحافظ على مركزها الأول عربياً وخليجياً، والـ16 عالمياً؛ في مؤشر الدول الأكثر أماناً وسلاماً مجتمعياً، ما يجعلها ضمن قائمة الـ20 دولة الأكثر أماناً في العالم.
التقرير السنوي صنف قطر في المرتبة الـ161 عالمياً (مؤشر عكسي)، لتكون في قائمة الدول الاقتصادية الخليجية والعربية والدولية الأقل تأثراً بالعنف.
واستطاعت الدوحة أن تحقق مراتب متقدمة بإحرازها معدلات تقييم عالية ببعض المحاور؛ مثل انخفاض معدل جرائم القتل وأعمال العنف ومدى انتشار الجريمة في المجتمع، واستقرار الأوضاع السياسية، ومجتمع خالٍ من الإرهاب وتأثيراته، وعدم وجود تهديدات أو صراعات سواء كانت داخلية أو خارجية.
الكويت أيضاً تميزت هذا العام بتصنيفها بالمرتبة الثانية عربياً وخليجياً، متقدمة 5 مراكز ضمن مؤشر السلام العالمي لتصبح بالمركز الـ39 عالمياً.
ونجحت دولة الإمارات في التقدم 6 مراكز من السنة الماضية في مؤشر السلام وصولاً للمركز 41 على المستوى العالمي، والثالث عربياً وفي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكذلك أثبتت سلطنة عُمان حضورها؛ حيث جاءت بالمرتبة الرابعة في قائمة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمرتبة الـ68 عالمياً، متقدمة مرتبة واحدة عن عام 2019.
والمهم ذكره في ترتيب السلطنة أنها جاءت بالمرتبة الأولى عالمياً في مؤشر “الخلو من الإرهاب” الذي يصدره معهد الاقتصاد والسلام، وهو يعكس ما تتمتع به من استقرار سياسي وأمني في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة والعالم ككل.
واستطاعت البحرين أن تحقق تقدماً لافتاً في ترتيبها ضمن مؤشر السلام، متقدمة 14 مرتبة عن العام الماضي، حيث جاءت في المركز 110 عالمياً، وفي المرتبة الثامنة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والخامسة خليجياً.
السعودية كذلك استطاعت أن تحرز تقدماً بدرجة واحدة في مؤشر السلام، بارزة في المرتبة الـ128 عالمياً، والـ10 على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والسادسة خليجياً.
وقد يعود ذلك بالنسبة للسعودية إلى الحرب الدائرة على حدودها في اليمن، واعتداءات الحوثيين المتكررة على أراضيها عبر الطائرات المسيرة والصواريخ.
إيران هي الأخرى شهدت انخفاضا في هذا المؤشر بفعل ما حصلت فيها العام الماضي بعد ارتفاع أسعار الوقود وهوت إلى مرتبة 142 عالميا و 12 في الشرق الأوسط.

دول متدهورة وأخرى متقدمة
واستطاعت دول الخليج أن تحرز تقدماً واضحاً هذا العام على جميع المستويات في مؤشر السلام، ويظهر ذلك من المراكز التي جاءت بها الدول، وخصوصاً قطر والكويت والإمارات.
وتبرز عدة عوامل لتدهور مستوى السلمية الدولي للمرة التاسعة سنوياً على المستوى العالمي، وهو ما يجري عكسياً في الخليج، حيث إن تعامل الحكومات في عدة دول مع المظاهرات المدنية المتزايدة باعتبارها عامل خطر مستقبلي زاد من أعمال الشغب والإضرابات العامة، ومن وتيرة التظاهر ذاته.
ومن الأسباب الأخرى لتدني معدلات السلامة استمرار الضغوط البيئية؛ كالمشكلات المائية الكارثية، حيث يوضح المؤشر أن 27% من تلك البلدان ستواجه ذلك، في حين أن 22% من البلدان ستواجه مشكلات مرتبطة بالأمن الغذائي بشكل كارثي مع حلول عام 2050.
ولا شك أن لوباء كورونا المستجد تأثيراته السلبية على السلام في جميع أنحاء العالم، وهو ما يعكس قدرة الفيروس على نقض المُنجزات التي تحققت على مدار سنوات في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع استفحال الأزمات الإنسانية وتصعيد الاضطرابات والصراعات وتأجيجها، وفق المؤشر.
ويحدد معهد الاقتصاد والسلام الأثر الاقتصادي لعمليات الإغلاق باعتباره تهديداً كبيراً للسلام، ومن المتوقع أن ينخفض حجم المساعدات الدولية مع تقلص اقتصادات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ما يزيد من زعزعة استقرار البلدان الضعيفة والمتأثرة بالصراعات.
وكذلك عدم قدرة بعض البلدان على سداد ديونها، وحتى المحافظة على اقتصاداتها بالدرجة السابقة، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة خطر عدم الاستقرار السياسي وأعمال الشغب والعنف.
ورغم تأثيرات كورونا على دول الخليج كغيرها، خصوصاً من الناحية الاقتصادية، فإن سرعة استجابتها للوباء والأداء الفعال في التعامل معه، وقوة اقتصادياتها، قد يجعلها أكثر صلابة في مواجهة واقعه وحفاظاً على مراكزها في مؤشر السلام العالمي.