الحوثي يتربص بمأرب، معقل حكومة هادي
خلافا لرواية المالكي الذي زعم اعتراض وتدمير كافة الصواريخ البالستية والطائرات المفخخة، تحدث سريع عن "إصابات دقيقة"، ولكن من دون إبراز أي دلائل أو لقطات مصورة تثبت ذلك.
ميدل ايست نيوز: بعد أسبوع من الوعيد وحرب البيانات الإعلامية بين جماعة الحوثيين والتحالف السعودي الإماراتي، شهدت الساعات الماضية تصعيداً عسكرياً بين الطرفين، والذي يأتي على وقع تحركات أممية خجولة لتسويق ما يسمى بـ”الإعلان المشترك” والذي لم ير النور سوى في تسريبات نشرتها مبادرات نسوية مدنية في اليمن.
وغداة هجوم جوي للتحالف السعودي الإماراتي، يوم الأحد، على منزل في مديرية وشحة في محافظة حجة القريبة من الحدود السعودية، أسفر عن مقتل 10 مدنيين، وفقاً لوسائل إعلام حوثية، نفذت جماعة الحوثي، فجر أمس الإثنين، هجوماً جوياً مزدوجاً استهدف مواقع عسكرية وحيوية داخل المناطق الجنوبية السعودية.
ونظراً لكثافة ضربات الحوثيين، اضطر المتحدث العسكري باسم التحالف السعودي، تركي المالكي، للظهور في 3 بيانات منفصلة يعلن فيها تحديثات مستمرة لمعاينة الأضرار وإحصاء أعداد الطائرات المسيّرة من دون طيار والصواريخ الحوثية.
وقال المسؤول السعودي، في البيانات التي نقلتها وكالة “واس” الرسمية، إن إجمالي ما أطلقه الحوثيون على السعودية بلغ 4 صواريخ بالستية و7 طائرات مفخخة بلا طيار، من دون الكشف عن ماهية الأماكن التي كانت مستهدفة.
وأشارت تغريدات لناشطين سعوديين على “تويتر”، رصدها “العربي الجديد”، إلى أن أقوى الانفجارات شهدتها مدينة خميس مشيط التابعة لمنطقة عسير، جنوب المملكة، وهي محاذية لمعاقل الحوثيين الرئيسية في محافظة صعدة، في أقاصي الشمال اليمني، فضلاً عن انفجارات مماثلة شهدتها منطقة جازان، جنوبي المملكة.
وما لم يفصح عنه المالكي، سرده بالتفصيل المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الذي أعلن في بيان بعد العمليات بعدة ساعات، عن “دك قواعد ومنشآت العدو السعودي العسكرية والحيوية في جازان ونجران وعسير، منها المطارات والقواعد العسكرية”.
واستخدم المسؤول العسكري الحوثي مصطلح “دك” الذي اعتاد التحالف السعودي خلال السنوات الماضية على استخدامه باستمرار للتعليق على غارات جوية تطاول صنعاء على وجه التحديد وتقصف مواقع عسكرية مفترضة في قاعدة الديلمي العسكرية وغيرها من المواقع الحوثية في شمال وجنوب العاصمة.
وكشف المسؤول الحوثي، في بيان نقلته قناة “المسيرة” الناطقة باسم الجماعة، أن العملية العسكرية الواسعة شهدت استخدام صواريخ بالستية عالية الدقة، لم يُعلن عنها بعد، وعدد كبير من الطائرات المسيّرة، من دون الكشف عن رقم محدد، على الرغم من إعلان التحالف أنها 7 طائرات.
وفي تفصيله للأهداف التي طاولها الهجوي الجوي، زعم سريع أنها استهدفت “مرابض الطائرات الحربية وسكن الطيارين، ومنظومات باتريوت في خميس مشيط، وأهدافاً عسكرية أخرى في مطارات أبها وجازان ونجران، إضافةً إلى منشأة النفط العملاقة في المنطقة الصناعية في جازان”.
وخلافا لرواية المالكي الذي زعم اعتراض وتدمير كافة الصواريخ البالستية والطائرات المفخخة، تحدث سريع عن “إصابات دقيقة”، ولكن من دون إبراز أي دلائل أو لقطات مصورة تثبت ذلك.
ومن المؤكد أن الحوثيين يهدفون من وراء العملية الجديدة إلى تحييد السعودية عن معركة مأرب التي بدأت تلوح بالأفق أكثر من أي وقت مضى، وذلك بتنفيذ ضربات استباقية في عمقها وعلى مصالحها الحيوية، حتى تتوقف عن استهداف زحوفاتهم صوب المحافظة النفطية التي يطوقونها من محاور مختلفة.
وبات الاستحواذ على منابع النفط والغاز في مأرب هو معركة الحوثيين الرئيسية، ومن أجل ذلك أطلق رئيس الاستخبارات في الجماعة، أبو علي الحاكم، وهو قليل الظهور إعلامياً، تحذيرات للتحالف السعودي الإماراتي من استهداف المنشآت النفطية والاقتصادية في محافظة مأرب، والتمادي في عدوانهم. وزعم القيادي الحوثي أنهم باتوا على مشارف مدينة مأرب النفطية الخاضعة للحكومة الشرعية، وذلك بعد أشهر من الهجمات المزدوجة على أكثر من محور.
ويدرك الحوثيون أن تقدّمهم باتجاه مأرب سيجعلهم عُرضة للضربات الجوية من التحالف السعودي الإماراتي، وسيؤدي ذلك إلى تدمير المنشآت النفطية التي يسعون لبسط السيطرة عليها والتحكّم بمنابع النفط والغاز التي ظلت حلماً يراودهم منذ أواخر العام 2014.
وتزامن الهجوم الحوثي على السعودية مع ضربة صاروخية استهدفت معسكر “تداوين” الذي تتمركز فيه قوات التحالف السعودي في مأرب. وزعم المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، أن الضربة أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات أثناء حضورهم اجتماعاً ضم قادة سعوديين، لكن مصدراً عسكرياً يمنياً أكد لـ”العربي الجديد”، أنه تم اعتراض الصاروخ من قبل منظومة “باتريوت”.
وبالفعل، تراجعت الضربات الجوية السعودية على الزحوفات الحوثية في تخوم مأرب. وأبدى مصدر حكومي يمني مخاوفه من سيناريو اتفاق غير معلن بين الحوثيين والسعودية، يسهّل اجتياحاً سلساً لمقاتلي الجماعة لمدينة مأرب.
وقال المصدر لـ”العربي الجديد”: “الشرعية في أضعف المراحل، هناك تربص حوثي بأبرز معقل لها، وهو مأرب، وهناك مماطلة من الانفصاليين بتنفيذ اتفاق الرياض، وانتظار ما ستؤول إليه الأمور في مأرب خلال الأيام المقبلة”.
وكان “المجلس الانتقالي الجنوبي” المدعوم إماراتياً، قد لوّح بخطوات تصعيدية ضد الحكومة الشرعية على الرغم من وجود قياداته في الرياض، ودفع بمجموعات مسلحة لتطويق مقر البنك المركزي في مدينة كريتر في العاصمة المؤقتة عدن، وسط توقعات بإعلان قرار جديد يستكمل فيه الانقلاب ويسيطر رسمياً على البنك المركزي وما تبقّى من أموال الشرعية.