“طالت أكثر مما ينبغي”.. ما جدية واشنطن في حل الأزمة الخليجية؟

ما زالت الأزمة الخليجية التي عصفت بمجلس التعاون الخليجي وأثرت على علاقات دوله بعضها ببعض، لم تصل إلى حل في غياب الجدية الأمريكية .

ميدل ايست نيوز: بعد تجاوزها ثلاث سنوات، ما زالت الأزمة الخليجية التي عصفت بمجلس التعاون الخليجي وأثرت على علاقات دوله بعضها ببعض، لم تصل إلى حل، وسط تأكيد قطر إنهاء فصول الأزمة بالحوار دون شروط.

الأزمة بدأت بعد أن قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر وفرضها إغلاقاً برياً وجوياً وبحرياً عليها، في 5 يونيو 2017، بتهمة دعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة بشدة، مؤكدة من جانبها أنها خطوة للسيطرة على قرارها السيادي.

ومع استمرار تداعيات الأزمة، تعود إلى الواجهة مجدداً في خضم زيارة للمنكقة يجريها المبعوث الأمريكي الخاص بشأن إيران وكبير مستشاري السياسات لوزير الخارجية الأمريكي، براين هوك، وحديثه عن تأخر حل الأزمة الدائرة بين دول الخليج.

هذه التصريحات الأمريكية تدفع إلى التساؤل عن مدى جدية قرب حل الأزمة الخليجية، في ظل الحديث ولعدة مرات، عن توجه أمريكي خلال الأسابيع والأشهر الماضية، لإنهاء الخلاف وترميم ما تأثر من جدران البيت الخليجي الذي يجمع الدول الست.

أزمة طالت أكثر مما ينبغي

ولم يكن متوقعاً أن تستمر الأزمة بين دول مجلس التعاون الخليجي كل تلك المدة، خاصةً أنها أكبر أزمة دبلوماسية تقع بين دول المجلس في تاريخه منذ أن تأسس عام 1981؛ من أجل الحفاظ على أمن واستقرار هذه الدول.

وقال الممثل الأمريكي الخاص براين هوك: إننا “نؤكد خلال زيارتنا للكويت، أهمية وحدة مجلس التعاون الخليجي لمواجهة التهديدات، ونشيد باستمرار جهود المصالحة الكويتية التي أدت دوراً كبيراً في هذا الموضوع لسنوات بقيادة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح”.

هوك أضاف في حديثه خلال مؤتمر صحفي أثناء زيارته للكويت في (27 يوليو 2020)، أن “لدى الكويت فريقاً متمكناً يُعتمد عليه في العمل على تحقيق المصالحة الخليجية، خصوصاً أن هذه الأزمة طالت أكثر مما ينبغي”، بحسب وكالة الأنباء الكويتية “كونا”.

ولعل الحديث عن طول مدة الأزمة تداوله الوسطاء في الكويت أو سلطنة عُمان، إلا أن تصريحات هوك تأكيد جديد لدعوات واشنطن إلى حل الأزمة أكثر من مرة، فيما يبدو كأنه تلميح إلى الانزعاج من استمرارها على وضعها الحالي، خصوصاً مع التحديات التي تواجه العالم فيما يخص وباء كورونا المستجد، بالإضافة إلى العلاقات المتوترة مع إيران على الضفة المقابلة لمياه الخليج العربي.

وتقود الكويت جهوداً حثيثة لحل الأزمة الخليجية وإنهاء هذا الملف بما يعيد دور مجلس التعاون إلى سابق عهده، من خلال تقريب وجهات النظر، والاستمرار في مواصلة دبلوماسيتها المعهودة لإعادة اللُّحمة إلى البيت الخليجي.

وتحظى التحركات الكويتية لحلحلة الأزمات في المنطقة، بدعم أمريكي قوي؛ إذ سبق أن أعلنت واشنطن في أكثر من مناسبة، دعمها الخطوات الكويتية كافةً في هذا الاتجاه.

وكانت آخر جهود وتحركات الشيخ صباح لحل الأزمة الخليجية، عقده اجتماعات في مايو الماضي، برفقة وزير الشؤون الخارجية لسلطنة عُمان يوسف بن علوي، ووزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

الوحدة ضرورية لأمن المنطقة

المبعوث الأمريكي هوك لم يتحدث عن طول الأزمة الخليجية في الكويت فقط، بل سبق أن صرح بذات التصريح في قطر أثناء زيارته يوم (26 يوليو 2020) قائلاً للصحفيين عقب لقاء مع وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: “النزاع استمر لفترة أطول مما ينبغي، وهو يضر- في نهاية المطاف- بمصالحنا الإقليمية المشتركة في الاستقرار والازدهار والأمن”.

كبير مستشاري وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أضاف كذلك أن “إنهاء هذا الخلاف سيعزز المصالح الجماعية لكل أطرافه”، وفقاً لـ”رويترز”.

وفي ظل التحديات التي تواجه المنطقة وضرورة الوحدة بالتصدي لما قد يزعزها وهو مالا تريده واشنطن بالمرحلة الحالية، لفت هوك إلى الدور القطري في الخليج، مؤكداً أنها “تساهم في تحقيق سلام واستقرار أكبر في المنطقة، وهي شريك عبر مجموعة من القضايا الأمنية، ولدينا أيضاً تعاون اقتصادي عميق للغاية، وتعاون دبلوماسي، وروابط ثقافية، وعندما أكون في قطر، دائماً ما تكون المباحثات جيدة ومثمرة”.

ويبدو أن المصالحة الخليجية تواجه عقبات وتعنت من قبل أطراف معينة على حساب أخرى، إلا أن واشنطن لم تحددها بشكل رسمي على لسان مبعوثها حين قال: إن “كلا الجانبين أوضحا نوع التغييرات التي يبحثان عنها، ولا أعتقد أن هناك أي شيء متبقٍ لقوله، أعتقد أن جميع أطراف هذا النزاع كانت صريحة للغاية بشأنه، ولقد كنا أيضاً منفتحين جداً بشأن ذلك منذ يونيو 2017 ونود أن نرى الوحدة، من المفيد جداً أن تكون الوحدة في الخليج، وعندما لا تكون لدينا هذه الوحدة في الخليج، يمكن أن تعرقل التقدم في القضايا المتعلقة بالجهود الأمنية والاقتصادية والدبلوماسية على حد سواء”.

كما أوضح المسؤول الأمريكي: “لقد رأيت بعض الخطوات إلى الأمام وخطوات للخلف على مدى العامين الماضيين، ووصلنا إلى نقاط وكان كلا الجانبين متفائلين؛ ولذا اعتقد أن دورنا ودور الكويت هو أن نفعل ما في وسعنا لتعزيز الحوار لمساعدتهم على إحراز تقدم لأنني كما قلت سابقاً، اعتقد أن إنهاء هذا النزاع، سيعزز المصلحة الجماعية لجميع الأطراف، لذا، سنواصل القيام بذلك، وأتوقع أن يستمر الدور الذي تلعبه الكويت”.

ومؤخراً، جددت السفيرة الأمريكية  في الكويت، ألينا رومانوسكي، دعم واشنطن للجهود التي تبذلها الكويت من أجل تحقيق مصالحة خليجية، لافتة إلى “العمل على إيجاد حل لهذا الملف خلال الفترة المقبلة”.

ورغم الدعوات الأمريكية لحل الأزمة الخليجية إلا أنها بقيت على حالها دون تطور ملحوظ، خصوصاً مع كشف تقرير أمريكي لشبكة “فوكس نيوز”، المقربة من الرئيس دونالد ترامب، عن عرقلة الإمارات اتفاقاً بوساطة أمريكية بين السعودية وقطر قبل لحظات من إتمامه.

وذكرت الشبكة، في تقرير لها في 9 يوليو 2020، أن “الإمارات أفشلت، مطلع شهر يوليو، اتفاقاً خليجياً لحل الأزمة مع قطر بوساطة أمريكية، كاد يمثل انتصاراً سياسياً للرئيس ترامب قبل انتخابات نوفمبر المقبل”.

وأضافت: “قبل شهرين، مع قيام واشنطن بدور الوسيط، اتخذت المناقشات منعطفاً إيجابياً عندما أبدت السعودية استعداداً لقبول عناصر من الحل الذي تقوده الولايات المتحدة، ثم كلف الرئيس ترامب كبار المسؤولين في الإدارة بصياغة صفقة مقبولة لجميع الأطراف”.

غياب الجدية الأمريكية

وفي هذا السياق يقول الكاتب مفيد مصطفى: “لا أظن أن تصريحات هوك لها أي دليل على حل الأزمة الخليجية، فهذا التصريح ليس الأول من نوعه لمسؤول أمريكي، خصوصاً عندما يكون بزيارة إلى الدوحة، حيث أصبحت هذه التصريحات تشبه البروتوكلات لدى المسؤولين الأمريكيين خصوصاً لدى زيارتهم دولة قطر”.

وبيّن في حديث لـ”الخليج أونلاين”: “كما لا يمكن التعويل على تصريح مبعوث أمريكي، فلو صدر هذا التصريح عن الرئيس ترامب أو عن وزير خارجيته مايك بومبيو لكان يمكن البناء عليه أكثر”. 

وأضاف: “لا شك أن الولايات المتحدة هي الحليف الاستراتيجي لكل دول الخليج، ولو أرادت فعلاً حل الأزمة الخليجية لاستطاعت، ولكنها لم تبذل جهوداً جدية للحل، وكان الأمل الوحيد لحل الأزمة في قمة المصالحة التي كان ينوي ترامب عقدها في عام 2018، ولكن المساعي الأمريكية والخليجية فيها لم تكن جدية ما أدى إلى تبخر الآمال التي كانت معلقة عليها”.

وأشار مصطفى إلى أن “خسارة ترامب بالانتخابات الرئاسية وفوز الديمقراطي بادين قد تفتح باب أمل أكبر لحل الأزمة”. 

وتابع قائلاً: “لا أظن أن واشنطن تود أن تنهي الأزمة الخليجية ليكون مجلس التعاون جبهة واحدة بمواجهة طهران، فعلى سبيل المثال سلطنة عُمان لدها علاقات دبلوماسية جيدة مع إيران، والولايات المتحدة لم تطلب منها تغيير ذلك، وكذلك حجم التبادلات التجارية بين  الإمارات وإيران هو الأعلى بالمنطقة”

واختتم كلامه لـ”الخليج أونلاين” بالقول إن “العلاقات القطرية الإيرانية لا تختلف كثيراً عن مثيلتها العمانية والإماراتية من الناحيتين الدبلوماسية والاقتصادية، بل ربما هي أقل منهما، وبالتالي فإن الكلام عن جبهة خليجية موحدة لمواجهة إيران هو مجرد ذر للرماد بالعيون”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج اونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى