هل يقترب شرق سوريا من صدام عسكري شامل؟

هناك طرق للدوريات الأمريكية والروسية والسورية والتركية و"قوات سوريا الديمقراطية" في هذه المنطقة، بالإضافة إلى المعارضة السورية والقوات الإيرانية، فضلا عن بقايا تنظيم "الدولة الإسلامية". 

ميدل ايست نيوز: يبدو أن سوريا على شفا جولة تصعيد جديدة مع تزايد التوتر شرقي البلاد، حيث اصطدمت مركبة روسية في 25 أغسطس/آب بمركبة أمريكية كانت في دورية، ما أدى إلى إصابة 4 جنود أمريكيين.

وفي هذه الأثناء، في الشمال الغربي، تتحضر عاصفة حول إدلب، حيث تهدد قوات النظام السوري المدعومة من روسيا بهجوم آخر على المعقل الأخير للمعارضة السورية.

ويأتي كل هذا في ظل تراجع العلاقات الأمريكية التركية. ويبدو أن الشيء الوحيد الذي يمنع العلاقات من الانزلاق نحو الهاوية هو العلاقة الشخصية بين الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ونظيره التركي “رجب طيب أردوغان،” بالرغم أنه لا يظهر ذلك في تصريحات “أردوغان” هذا الأسبوع.

الجبهة الشرقية المتشابكة

ووقعت حادثة 25 أغسطس/آب، التي اتهمت وزارة الدفاع الأمريكية بعدها موسكو بخرق اتفاق قواعد التنسيق العسكري مع الولايات المتحدة في سوريا.

واشتبكت القوات الأمريكية مع القوات السورية بالقرب من دير الزور والقامشلي في وقت سابق من هذا الشهر. وقُتل في الاشتباكات جندي سوري.

ويشمل الشمال الشرقي مناطق تسيطر عليها تركيا في حين لا تملك الولايات المتحدة ولا روسيا الثقل الدبلوماسي في هذه المرحلة لمنع الشرق من الغليان.

وتتعاون الولايات المتحدة مع “قوات سوريا الديمقراطية” التي يغلب عليها الأكراد، والتي تعتبرها أنقرة غطاء لـ”وحدات حماية الشعب” المرتبطة بـ”حزب العمال الكردستاني” المصنف كجماعة إرهابية في كل من الولايات المتحدة وتركيا.

ويشرح الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية “كيريل سيمينوف” المخاطر التي تتعرض لها روسيا فيما يسمى بمنطقة “عبر الفرات”، قائلا: “ليس لدى موسكو النفوذ اللازم على النظام السوري لمنع الاستفزازات السورية ضد الأمريكيين، ولا تملك القوات الكافية لتنفيذ عمليات عسكرية فعالة”.

وأضاف: “ولا تملك القوات الروسية والسورية في هذه المنطقة سيطرة إقليمية وإدارية كاملة. وتواصل قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الحفاظ على وجودها، مع الإدارة المدنية التابعة لها، ناهيك عن المنشآت العسكرية الأمريكية”.

وأصبح الأمر أكثر تعقيدا. حيث عقدت روسيا والنظام السوري اتفاقيات عسكرية خاصة بهما مع “قوات سوريا الديمقراطية” بعد العملية العسكرية التركية الأخيرة.

ويقوض قرار الولايات المتحدة بالبقاء في المنطقة لتأمين النفط السوري جهود موسكو للمصالحة بين “قوات سوريا الديمقراطية” ونظام “الأسد”.

ويمكّن وجود 600 جندي أمريكي في سوريا “قوات سوريا الديمقراطية” من اتخاذ موقف أكثر صرامة مع دمشق.

وفي غضون ذلك، بحسب “سيمينوف”، تسعى روسيا إلى توسيع نفوذها من خلال التوفيق بين زعماء القبائل ودمشق لتقويض نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية”.

وتبقى مخاطر الاشتباكات غير المقصودة عالية. وهناك طرق للدوريات الأمريكية والروسية والسورية والتركية و”قوات سوريا الديمقراطية”، بالإضافة إلى المعارضة السورية والقوات الإيرانية في المنطقة، فضلا عن بقايا تنظيم “الدولة الإسلامية”.

ويجعل هذا المرء يتساءل كيف ظلت المناوشات محدودة حتى الآن.

“أردوغان” يتهم أمريكا

وبالنظر إلى أن الولايات المتحدة قد تبنت موقفا عدائيا مع إيران والنظام السوري وروسيا، فإن المحطة الأولى لسياسة الولايات المتحدة في سوريا الآن يجب أن تكون تركيا، حليفتها في “الناتو”.

بدلا من ذلك، لا تزال سوريا مصدر توتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، حيث لم تنجح واشنطن في تحسين العلاقات مع أنقرة وإدارة شراكتها مع “قوات سوريا الديمقراطية” في نفس الوقت.

على سبيل المثال، منعت تركيا مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية، من المشاركة كجزء من المعارضة السورية، حيث اجتمعت اللجنة الدستورية السورية هذا الأسبوع في جنيف، لكن أنقرة ما زالت ترفض حضور ممثلين عن حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يسيطر على أراضي مهمة في البلاد.

وكان “جيمس جيفري” الممثل الأمريكي الخاص في سوريا والمبعوث الخاص للتحالف العالمي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، في تركيا هذا الأسبوع لمناقشة الزوضاع في سوريا.

وفي حين أن بعض البيانات العلنية الصادرة عن الاجتماع تشير إلى وجود بعض الأرضية المشتركة، لا سيما في معارضة “الأسد” والدعم المشترك للمعارضة السورية غير الكردية، فإن الحالة العامة للعلاقات لا تزال غير مرضية.

وقال “أردوغان” في 24 أغسطس/آب إن النهج الأمريكي تجاه تركيا ينبئ عن “عقلية مريضة”، مضيفا: “من خلال التعاون مع المنظمات الكردية الإرهابية، فقد اتخذوا موقفا ضد بلدنا”.

ووصف “أردوغان” السياسة الأمريكية تجاه تركيا بأنها “وصمة عار على الديمقراطية”، وأشار إلى “الخطط الفاشية” من قبل السياسيين الأمريكيين تجاه بلاده.

ولا يُظهر “أردوغان” هنا الكثير من التفاصيل الدقيقة أو التقدير الكبير للضوء الأخضر الأمريكي بخصوص العمليات العسكرية التركية في سوريا.

وفي 25 أغسطس/آب، اليوم التالي لتصريحات “أردوغان”، اعترضت وزارة الخارجية الأمريكية بشدة على لقائه مع “إسماعيل هنية”، رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”.

ورفضت وزارة الخارجية التركية البيان الأمريكي ووصفته بأنه “وقح”، مضيفة أن “الدولة التي تدعم حزب العمال الكردستاني علانية، وتستضيف زعيم منظمة فتح الله جولن الإرهابية (الذي يحمله أردوغان مسؤولية محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016)، ليس لها أي حق على الإطلاق في وعظ دول أخرى”.

ويشعر صانعو السياسة الأمريكيون بالإحباط بسبب التنسيق بين مجموعة أستانا (تركيا وإيران وروسيا) واجتماعهم بشكل روتيني لوضع استراتيجيات وإصدار بيانات بالرغم من العديد من التناقضات والاختلافات الظاهرة بينهم.

وأصدرت دول أستانا الثلاثة بيانا مشتركا الأسبوع الماضي تضمن معارضة الاستيلاء غير القانوني على عائدات النفط في سوريا، في إشارة إلى صفقة شركة النفط الأمريكية مع قوات سوريا الديمقراطية.

دبلوماسية من أعلى إلى أسفل

ويبدو أن كل ما يمنع العلاقات الأمريكية التركية من الانهيار هو العلاقة الشخصية بين “ترامب” و”أردوغان”، ولكن حتى هذا ربما يكون قد تعرض لضربة هذا الأسبوع.

وكان “ترامب” يتحدث عن علاقته بـ”أردوغان”، لكن نظيره التركي ربما لم يكن يستمع.

وخلال اجتماع مع رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي” في البيت الأبيض يوم 20 أغسطس/آب، عرض “ترامب” المساعدة في تهدئة التوترات العراقية التركية بشأن الهجمات التركية على حزب العمال الكردستاني في العراق، قائلا إن لديه “علاقة جيدة جدا مع تركيا ومع الرئيس أردوغان”.

وأشار مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن الولايات المتحدة انخرطت منذ ذلك الحين في الأمر، قائلا: “نحن نتحدث إلى جميع الأطراف حول هذا على مستوى عالٍ”.

وبالرغم أن “ترامب” اتصل بـ “أردوغان” ورئيس الوزراء اليوناني “كيرياكوس ميتسوتاكيس” في 27 أغسطس/آب لتهدئة التوترات في شرق البحر الأبيض المتوسط، قررت تركيا مع ذلك المضي قدما في التدريبات البحرية بالذخيرة الحية.

وفي النهاية، لا بديل عن لقاء هادئ يتسم بالحكمة بين “ترامب” و”أردوغان” والرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بشأن سوريا. فالجبهة الشرقية في سوريا تبدو في حالة غليان في ظل بروز إدلب كخط صدع محتمل للصراع.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد
المصدر
المانيتور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى