إيران تحتفي بـ”أبو ريحان البيروني”.. أول من قال بدوران الأرض حول محورها

الثالث من أيلول/ سبتمبر في ایران يوم تخليد ذكرى "ابو ريحان البيروني" العالم الايراني في مجال الرياضيات والفيزياء والفلك والفلسفة والجغرافيا والجيولوجيا والصيدلة والتاريخ وهو أول من قال إن الأرض تدور حول محورها.

ميدل ايست نيوز: يصادف الثالث من أيلول/ سبتمبر في ایران يوم تخليد ذكرى “ابو ريحان البيروني” العالم والعبقري الإيراني في مجال الرياضيات والفيزياء والفلك والفلسفة والجغرافيا والجيولوجيا والصيدلة والتاريخ في القرنين الرابع والخامس الهجري وهو أول من قال إن الأرض تدور حول محورها.

ولد أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني في شهر ذي الحجة سنة 362هـ/ 3 من سبتمبر 973 للميلاد، في إحدى ضواحي خوارزم التي كانت تابعة لبلاد فارس حينها، وهي مدينة (كاث) التي حلت مكانها حاليا بلدة صغيرة تابعة لجمهورية أوزبكستان، وكانت مدينة خوارزم مركزا عظيما من مراكز الثقافة الإسلامية، ازدادت شهرتها بعد انهيار الخلافة الإسلامية في بغداد.

ونشأ البيروني في هذا الجو الذي يحث على طلب العلم ويدفع إلى التعلم، فحفظ القرآن الكريم ودرس الفقه والحديث النبوي الشريف، وفي “بيرون” خالط أبو الريحان التجار الهنود واليونانيين وغيرهم، فتعرف على طباعهم، وتعلم لغتهم، فاتسع إدراكه وازدادت خبرته وتعمقت تجارته، التقى أبو الريحان بمعلم أعشاب استطاع أن يتعلم منه شيئا عن تحضير النباتات الطبية، وأن يعرف أسماء النباتات، الأمر الذي دفعه إلى الاهتمام بالعلوم الطبيعية.

كان البيروني يجلس كل ليلة في مرصده، يتابع حركات الشمس والقمر والنجوم ويرسم على أوراقه خريطة لقبة السماء الزرقاء، يضع عليها مواقع المجرات والنجوم وأخذ كل يوم يكتشف الجديد في علم الفلك.

وأخذ يكتب في أوراقه كل ملاحظاته عن المد والجزر في البحار، وعن حركات النجوم والأفلاك وغيرها مما يتعلق بعلم الطبيعة.

وقد كتب البيروني في الحساب وشرح الأرقام الهندسية شرحا وافيا، وهي الأرقام التي اتخذت أساسا للأرقام العربية كما يعد الواضع الحقيقي للقواعد الأساسية لعلم الميكانيكا، وكانت له نظريات في استخراج الأوتار من الدائرة، واستطاع أن يبتكر معادلة لمعرفة محيط الأرض.

اهتم البيروني في العديد من العلوم التطبيقية، إلى جانب اهتمامه الكبير في الصيدلة والطب وعلم الأدوية، كما أن اهتمامه في الفلك والتاريخ ظهر جليا في العديد من كتاباته ومؤلفاته، هذا وقد ساهم البيروني بشكل كبير في إيجاد وتحديد الكتلة النسبية لمجموعة كبيرة من المعادن.

إلى جانب ذلك فقد كان البيروني ومازال واحدا من أهم المراجع التاريخية التي تختص بتاريخ الأديان، حيث أنه اشتهر بشكل واسع في دراسة مجموعة من الأديان المختلفة ومقارنتها مع بعضها البعض؛ وذلك لإيمانه العميق بأنه لابد لجميع الديانات أن ترتبط ببعض من المفاهيم والمبادئ الأساسية، كما أنه جاهد بشكل كبير حتى يتمكن من إيصال فكرة وجود جوهر إنساني في كل ثقافة، ومن أشهر الديانات التي اهتم البيروني بدراستها إلى جانب الديانة الإسلامية؛ الديانة المسيحية والبوذية واليهودية وغيرها العديد من الديانات.

البيروني وعلم الإنسان

اهتم البيروني بالإنسان وعلمه، حيث كتب العديد من المواضيع والمؤلفات التي تحدثت بشكل رسمي عن أهم عادات الإنسان وتقاليده، إلى جانب اهتمامه بالأديان التي يتبعها كل شخص.

اختار البيروني فئة محددة من الناس للحديث عنهم في مؤلفاته، كما أنه كان يأخذ عنهم العديد من العلوم والثقافات، إلى جانب أنه اهتم بنصوصهم الأولية؛ الأمر الذي جعل العديد من العلماء والأدباء يعتبرونه واحدا من أهم علماء الإنسان.

البيروني في الرياضيات والفلك

قام البيروني بتأليف عدد كبير من المؤلفات التي تتحدث بشكل خاص عن الرياضيات والفلك، هذا وقد يعود السبب في اهتمامه بعلم الفلك بشكل كبير إلى أنه كان صاحب دين وأخلاق عظيمة، فمثلا حتى تتم الصلاة بشكلها الصحيح فإنها تتطلب تحديد اتجاه القبلة الذي يختلف من مكان لآخر؛ الأمر الذي دفعه إلى القيام بالعديد من الدراسات الفلكية لأجل هذا السبب.

لم يتمكن البيروني من اثبات أو نفي حركة الأرض، ولكنه كان من أكبر المؤيدين للأشخاص الذين جاءوا بهذه المقولة، إلى جانب ذلك فقد اهتم البيروني بدراسة كل ما يخص الأجرام السماوية، ونظرا لمحاولاته العديدة وتجاربه المتميزة حول دراسة كل مايتعلق بالفلك والأجرام السماوية إلا أنه عارض أرسطو في مبادئه ومعلوماته حول الأجرام السماوية؛ اعتقادا منه بأن الخلأ الفيزيائي قابل للوجود وذلك بالاعتماد على مبادئ التجربة البسيطة.

إضافة إلى ذلك فقد قام البيروني بنفي ومهاجمة نظرية بطليموس حول ثبات الشمس، حيث أنه لم يكن اعتماده في إجراء أبحاثه وتجاربه على النظريات الموجودة فقط إلا أنه نجح في تقديم عددا من الشروحات والتحاليل حول كيفية عمل الإسطرلاب ومبدأ تشغيله.

البيروني والفيزياء

يعتبر البيروني من العلماء الذين ساهموا بشكل كبير في تقديم المنهج العلمي القائم على أساس التجربة إلى علم الميكانيك؛ الأمر الذي جعله يحقق نجاحا كبيرا في التوحيد بين كل من الفيزياء الساكنة وعلم الحركة، كما أنه قام بوضع مبدأ الهيدروديناميكية.

ساهم البيروني بشكل كبير في اكتشاف وحساب الكثافة والوزن والجاذبية، كما أنه نجح في تحديد وإنتاج العديد من الأدوات التي يتم استخدامها لقياس كل منها، هذا وقد تمكن البيروني من انتاج عددا من النظريات والفرضيات التي تتحدث عن الحرارة والضوء.

البيروني والجغرافيا

يعتبر علم الجغرافيا واحدا من العلوم التي اهتم بها البيروني بشكل واضح، حيث أنه تمكن من ابتكار طريقة جديدة لتحديد مقدار نصف قطر الأرض حيث تعتمد هذه الطريقة بشكل رئيسي على مدى ارتفاع جبل ما عن سطح الأرض، كما أنه اهتم بشكل خاص في علوم الأرض الخاصة بكوكبنا؛ الأمر الذي دفعه إلى إنتاج عدد كبير من المؤلفات الخاصة بذلك الكوكب.

إلى جانب ذلك فقد أسهم البيروني بشكل واضح في دراسة القارات وكل ما يختص بها، حيث توصل بعد إجراء العديد من الدراسات والأبحاث إلى أن القارة عبارة عن مساحة واسعة تكون مأهولة بالسكان، كما أنه تمكن من اثبات أن أي قارة موجودة على سطح الأرض تحتوي على مساحة مائية محددة.

البيروني وعلم الأدوية

ساهم البيروني بشكل كبير في الطب وصناعة الأدوية، حيث اهتم بشكل كبير في صناعة الأدوية وعلاج العديد من الأمراض؛ الأمر الذي جعله يقوم بتأليف موسوعة علمية شاملة تختص بجميع أنواع الأدوية وكيفية استخدامها إلى جانب ذلك فقد عمل البيروني على تفسير وترجمة أسماء العديد من الأدوية إلى مجموعة من اللغات.

ولم يلق البيروني تقديرا من المسلمين فحسب، بل إن الأوروبيين رأوا البيروني أكبر عقلية علمية في التاريخ، وأنه من أعظم العلماء الذين ظهروا على مر العصور، وأن اسمه يجب أن يوضع في لوحة الشرف التي تضم أكابر العلماء، وأنه من المستحيل أن يكتمل أي بحث في الرياضيات أو الفلك أو الجغرافيا أو المعادن أو العلوم الإنسانية، دون الإقرار بإسهاماته العظيمة في كل علم من تلك العلوم.

توفي البيروني في شهر رجب عام 440 للهجرة (1048 للميلاد) عندما كان في الـ 75 من عمره، وكان له من المؤلفات ما لا يقل عن 150 كتابا، ويرى بعض العلماء أنها تفوق 180 كتابا، ومن سوء الحظ أن الكثير منها ضاع أو بقي تحت غبار المكتبات الخاصة.

ومن هذه الكتب التي ألفها البيروني:

– كتاب التفهيم في صناعة التنجيم، وهو كتاب تعليمي على شكل أسئلة وأجوبة، يستعرض فيه المبادئ التي يجب أن يكون الباحث قائما بها في الفلك والهندسة والتنجيم، وله من هذا الكتاب نسختان واحدة عربية والأخرى فارسية.

– القانون المسعودي، وهو كتاب جليل مطبوع يشتمل على 11 مقالة تتضمن ما يفوق مئة وأربعين بابا، منها وصف إجمالي للسماء والدوائر السماوية المستعملة في علم الفلك، وأنواع الأيام والشهور والسنين المستعملة في التقاويم وكبس السنين الشمسية والقمرية وجداول تحويل الإحداثات.

– كتاب الصيدنة والمادة الطبية، مطبوع.

– الجماهر في معرفة الجواهر، مطبوع.

– الآثار الباقية عن القرون الخالية، مطبوع.

– تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن.

– الاستيعاب في صنعة الأسطرلاب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
إرنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر + 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى