مشاكل طهران وانفجار بيروت.. هل تتغير عاصمة إيران؟
أبرقت قاعدة خاتم الأنبياء التابعة للحرس الثوري اقتراحا إلى الرئيس حسن روحاني الأسبوع الماضي، أعربت فيه عن استعدادها لنقل العاصمة الإدارية والسياسية من طهران.
ميدل ايست نيوز: على مر التاريخ الإيراني السياسي وتعاقب الحكومات، تبدّلت العاصمة مرات عدة إلى درجة أنه لا توجد منطقة لم تكن عاصمة للبلاد في يوم ما. ومن بين أبرز تلك المناطق والمدن شيراز وأصفهان وتبريز وقزوين وكرمان، إلى أن استقر الخيار على مدينة طهران عاصمة لإيران.
واختيرت طهران عاصمة للبلاد خلال فترة حكم القاجاريين (بداية من عام 1200هـ/1785م)، ومنذ تلك الفترة وصولا إلى الثورة الإسلامية في إيران، تم اقتراح نقل العاصمة إلى مدن أخرى مرات عدة.
ووافق البرلمان الإيراني وكذلك مجلس صيانة الدستور في عام 2015 على نقل العاصمة الإدراية والسياسية من طهران ضمن خطة “دراسة جدوى نقل المركز الإداري والسياسي للبلاد، والتنظيم واللامركزية من طهران”.
وفي محاولة جديدة لنقل العاصمة، أبرقت قاعدة خاتم الأنبياء التابعة للحرس الثوري اقتراحا إلى الرئيس حسن روحاني الأسبوع الماضي، أعربت فيه عن استعدادها لنقل العاصمة الإدارية والسياسية من طهران من دون أي تكلفة (كونها مؤسسة مستقلة ولا تحمّل الدولة أي تكلفة إضافية). وبدوره وجه رئيس الجمهورية رسالة إلى وزير الطرق وبناء المدن لدراسة الموضوع.
أزمات العاصمة طهران والحلول المقترحة
وفي هذا الصدد، صرح أبو الفضل أبو ترابي النائب والعضو في لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب بأن “التجمع المفرط للناس والثروة والمعرفة والصناعة في طهران تهديد حقيقي، سواء من حيث المخاطر الطبيعية، أو الهجمات العسكرية أو حتى العصيان المدني”.
وأدى تراكم الأزمات إلى ترجيح كفة انتقال العاصمة، ومنها أن طهران تقع على الصدع الزلزالي، إلى جانب زحمة السير وتلوث الهواء، وهبوط الأراضي وتداعي المباني وكذلك التنمية غير المتوازنة مقارنة بمدن أخرى.
وفي المقابل يعتقد العديد من الخبراء وكذلك بلدية طهران وشورى المدينة ومحافظ طهران، أنه لا توجد جدوى من نقل العاصمة، وأنه من خلال إدارة مركزية قوية وحازمة يمكن التغلب على مشاكل طهران بتكاليف أقل.
ويشير الخبير في الهندسة المعمارية والتصميم الحضري المهندس جمال الدين طه إلى أنه “توجد ثلاثة صدوع زلزالية نشطة في طهران ومحيطها، وهذه الحال نفسها في مختلف المدن، مما يعني أن الخطر مستمر مع العاصمة الجديدة، لذا فالأفضل حل المشكلة ومواجهتها بدلا من الهروب منها”.
ويضيف طه في حديثه للجزيرة نت أن “حل أزمات طهران يكمن في تثقيف وتدريب الفرق البشرية، وكذلك من خلال منع إنشاء مبان غير مدعمة، والتوقف عن تدمير المساحات الخضراء، وكذلك تحديث أسطول النقل العام، وتوسيع محطات مترو الأنفاق في كافة مناطق، مما سيساهم في حل مشكلة زحمة السير وتلوث الهواء”.
اللامركزية تحد من تفاقم الأزمة
تعد طهران حاليا أكبر مدينة في إيران، إذ يبلغ عدد سكانها نحو 10 ملايين نسمة، ويهاجر إليها سنويا قرابة 250 ألف مواطن لأسباب مختلفة، أبرزها العمل.
ويعتقد المحلل السياسي ومدير موقع إنصاف نيوز (إصلاحي) علي أصغر شفيعيان أن تدفق الناس إلى طهران راجع إلى جودة المرافق والخدمات الرخيصة، لذا يجب رفع الدعم عن السلع في طهران حتى تصبح الأسعار حقيقية وبالتالي عدم جذب مهاجرين إضافيين إليها، مما سيحد من ازدياد مشاكل العاصمة.
وأشار شفيعيان في حديثه للجزيرة نت إلى أن نقل العاصمة “مزحة” لأن المشاكل لن تحل بنقلها، بل بتحقيق اللامركزية وتوزيع المهمات على مختلف المدن وعدم التركيز على العاصمة فقط، مما سيضع حدا للهجرة إلى طهران وانحسار مشاكلها.
لا توجد قائمة رسمية للمدن المرشحة، ولكن حسب الخبراء من المرجح أن تكون هذه المدن ضمن اللائحة: خُمِين وأصفهان (وسط إيران) وهَمِدان (غرب) وسِمنان (شرق طهران) وبرديس وبرند (شرق وجنوب طهران).
لماذا الآن؟ وما علاقة ذلك بانفجار بيروت؟
يستغرب البعض من التوقيت الذي عاد فيه الحديث عن نقل العاصمة مجددا في ظل انتشار جائحة كورونا وكذلك العقوبات الأميركية والمشاكل الاقتصادية واقتراب نهاية حكومة روحاني.
ويربط آخرون هذه المسألة بتخوف المسؤولين من تكرار انفجار العاصمة اللبنانية بيروت، حيث يوجد أيضا في العاصمة طهران خزان كبير لمنتجات نفطية وكيميائية ضمن أحياء سكنية وعلى صدع زلزالي في شمال غرب طهران (منطقة شهران)، وهو ما دفع أعضاء شورى المدينة من التحذير من خطر انفجاره ووصفوه بقنبلة هيدروجينية، إذ يحوي نحو 200 مليون لتر من المشتقات النفطية.
لم يتم اتخاذ أي إجراء عملي حتى هذه اللحظة، وأجّلت الحكومة قرارها النهائي بشأن نقل العاصمة الإدارية والسياسية إلى حين التخلص من جائحة كورونا. غير أن الخبراء يرون أنها بإمكانها من خلال توسيع الحكومة الإلكترونية وإقرار اللامركزية وإدارة سليمة للمشاكل أن تحد من تفاقم أزمات طهران بنسبة كبيرة حتى صدور القرار النهائي.