بعد فتور 3 أعوام.. هل تعود علاقات البحرين وتركيا إلى سابق عهدها؟

مع مناقشة الرئيس التركي مع ملك البحرين قضايا من شأنها تسريع وتيرة العلاقات بين البلدين، وإنهاء الخلافات المستمرة، تُطرح تساؤلات حول إمكانية عودة العلاقات بين البلدين.

ميدل ايست نيوز: على الرغم من استمرار الخلافات بين بعض دول مجلس التعاون وتركيا فإن الرئيس التركي لم يتأخر في تعزية ملك البحرين في وفاة رئيس وزرائه، في بادرة هي الأولى منذ تصدع العلاقات بين البلدين.

وأقحمت المنامة نفسها في خلافات مع أنقرة؛ بعد إعلان “السعودية والإمارات والبحرين ومصر” فرض إجراءات عقابية على قطر، حليفة تركيا، منتصف 2017، ليتطور الخلاف لاحقاً بتبادل الاتهامات والبيانات السياسية الحادة.

ومع مناقشة الرئيس التركي مع ملك البحرين قضايا من شأنها تسريع وتيرة العلاقات بين البلدين، وإنهاء الخلافات المستمرة، تُطرح تساؤلات حول إمكانية عودة العلاقات بين البلدين، خصوصاً مع الأزمة المالية التي تعيشها معظم دول العالم، من بينها دول مجلس التعاون؛ بسبب أزمة كورونا وانخفاض أسعار النفط.

اتصال مفاجئ

عقب إعلان الدول الأربع مقاطعة قطر دخلت تركيا على الخط بوقوفها إلى جانب الدوحة، ومنذ ذلك الحين شهدت علاقات البلدين فتوراً كبيراً واتصالات بالحد الأدنى.

ومع مرور أكثر من 3 سنوات على ذلك، فاجأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجميع بإجراء اتصال هاتفي مع العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، قدم خلاله التعازي في وفاة رئيس الوزراء، الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة.

وبحسب ما ذكرت وكالة الأنباء البحرينية “بنا”، ناقش أردوغان وآل خليفة قضايا من شأنها تسريع وتيرة العلاقات بين البلدين.

كما أعرب عن ثقته بإمكانية إيجاد إسهامات إيجابية لحل العديد من المشاكل المشتركة التي تواجهها المنطقة، وتعزيز العلاقات المبنية على الروابط الثقافية والإنسانية والتاريخية المتجذرة بين تركيا ودول مجلس التعاون.

وكان العام الذي سبق الأزمة الخليجية شهد لقاءات وزيارات بين ملك البحرين والرئيس التركي، بعدما زار الأخير المنامة، في فبراير عام 2017، وهي الزيارة الأولى له للبحرين.

وقبل تلك الزيارة قام ملك البحرين بزيارة مماثلة إلى أنقرة، في أغسطس 2016، إضافة إلى زيارات من الجانبين من قبل مسؤولين أتراك وبحرينيين.

وعقد العاهل البحريني خلال زيارته إلى أنقرة محادثات رسمية مع أردوغان، تم خلالها التوقيع على 5 اتفاقيات وبروتوكولات تعاون في عدة مجالات، كما شارك في افتتاح “جسر السلطان ياووز سليم”، الذي يربط شطري مدينة إسطنبول الآسيوي والأوروبي، بحضور رسمي تقدّمه الرئيس التركي.

دلائل كثيرة

يرى المحلل السياسي التركي طه عودة أوغلو، أن الاتصال بين الجانبين “على الرغم من أنه للتعزية في وفاة خليفة بن سلمان آل خليفة فإنه يحمل الكثير من الدلائل”.

ويشير في حديثه لـ”الخليج أونلاين” إلى أن الاتصال “يحمل بين طياته الكثير من الدلائل والمؤشرات على الرغبة التركية لإعطاء دفعة لتطوير العلاقات بين تركيا والبحرين”.

وأضاف: “هذا الاتصال جاء وسط مؤشرات على وجود تقارب بين السعودية وأنقرة، خاصة عقب مبادرة الملك سلمان الأخيرة بعد زلزال إزمير المدمر”، في إشارة إلى إعلان السعودية تقديم مساعدات لتركيا لمواجهة أضرار الزلزال الذي وقع في إزمير، أواخر أكتوبر الماضي.

وتابع: “كما يكتسب هذا الاتصال أهمية خاصة لأكثر من سبب؛ أبرزها الفتور الذي يشوب العلاقات التركية الخليجية خلال العامين الماضيين”.

تصعيد أعقب الأزمة

في ديسمبر 2019، أعلنت وزارة الخارجية البحرينية إلغاء إعفاء الأتراك من رسوم التأشيرة (60 دولاراً)، بعد أن سبق وألغتها في العام 2017.

كما استنكرت المنامة تصريح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لقناة “الجزيرة”، في يوليو الماضي، عن الإمارات التي اتهمها بدعم منظمات إرهابية معادية لبلاده، وتوعدها بـ”الرد عليها في المكان والزمان المناسبين”.

في المقابل دانت أنقرة، في سبتمبر الماضي، إقامة البحرين علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل”، معتبرةً أن قرار المنامة “سيكون بمنزلة ضربة ضد الجهود المبذولة للدفاع عن القضية الفلسطينية”.

وتابعت الخارجية التركية في بيانها قائلة: إن “الضغط والإكراه الذي يمارسه لاعبون من خارج المنطقة والتنازلات غير المسؤولة والمبنية على الاهتمام بالمصالح ضيقة الأفق لا يمكن أن تمحو هذه الحقيقية”، وفقاً للبيان.

وجاءت هذه الأحداث بعد قطع العلاقات مع قطر، حيث وجهت الأخيرة الاتهامات بشكل مباشر لأبوظبي والرياض بالوقوف وراء تلك الأزمة، والضغط على البحرين بالسير في ذات الاتجاه للحصول على الدعم المالي من العاصمتين الخليجيتين.

رسائل دبلوماسية اعتيادية

بدوره يقول رئيس تحرير البيت الخليجي للدراسات والنشر، البحريني عادل مرزوق، إن اتصال الرئيس التركي بملك البحرين يأتي في إطار البروتكولات المعتمدة بين قادة الدول والتعزية بوفاة رئيس الوزراء البحريني الأمير خليفة بن سلمان.

ويؤكد أن مسار العلاقات البحرينية التركية “لا يزال متأرجحاً تبعاً لصراع المحاور في المنطقة”، مضيفاً بقوله: “تلتزم البحرين بمسار المحور السعودي الإماراتي الذي لا تبدو علاقاته مع أنقرة على ما يرام”.

لكنه يرى في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن ذلك “لا يمنع تبادل الرسائل الدبلوماسية الاعتيادية، وكذلك قيام السعودية بإرسال مساعدات إغاثية لضحايا الزلزال الأخير في تركيا”.

ويعتقد أن بقاء هذه الرسائل الدبلوماسية “مهم ويجب أن يستمر، بل وأن يبنى عليه إن أمكن نحو صياغة تفاهمات سياسية تتماشى مع التغيير الذي سيطرأ على المنطقة مع قدوم الساكن الجديد في البيت الأبيض”.

علاقات اقتصادية وسياحية

وبعيداً عن السياسة، على صعيد العلاقات الاقتصادية بلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا والبحرين في الأشهر الثمانية الأولى عام 2019، وفقاً للقنصل التجاري للسفارة التركية في البحرين جوزين بايار، 500 مليون دولار.

وعلى الرغم من أزمة الخليج فقد ذكرت صحيفة “الوطن” البحرينية، في مارس 2018، أن جمعية الصناعة والأعمال التركية ناقشت في مباحثات لرفع حجم الاستثمار المتبادل بين تركيا والبحرين إلى مليار دولار، مقابل نصف مليار دولار خلال الوقت الراهن.

وفي آخر إحصائية لعام 2018 نما عدد سياح تركيا من مملكة البحرين بنسبة 29.66%، فوصل عددهم إلى 77075 سائحاً، مقارنة بعدد 59442 سائحاً في عام 2017، في حين تقول سفارة أنقرة في البحرين إن عدد السياح من البحرين خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2019 ارتفع أيضاً بنسبة 22% تقريباً.

كما شهدت العاصمة التركية أنقرة، في أبريل 2018، مباحثات تركية بحرينية لتعزيز التعاون المشترك من خلال تشجيع الاستثمار المتبادل، والاستفادة من الخبرات والتجارب المتراكمة في مجال العمل المالي والمصرفي.

المصالح التجارية

أما الكاتب والباحث السياسي المصري ياسر عبد العزيز، فقد رأى أن الأمر مستغرب نظراً لمواقف البحرين بعد الأزمة الخليجية بالاتفاق مع السعودية والإمارات والنظام المصري، لكنه يرى أيضاً أن العلاقات بين البحرين وتركيا تجمعها المصالح أيضاً.

ويوضح في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن علاقة المصالح كبيرة وممتدة ومتزايدة حتى عام 2018 بنسب عالية، وبوجود تبادل تجاري بينهما، ومن بين تلك المنتجات المهمة “الحديد والألمنيوم والمنسوجات وصناعات كيماوية”.

وأضاف: “هناك علاقات تجارية وزيادة الميزان التجاري، وتوجد لجنة مشتركة بين الدولتين، وكان آخر اجتماع لها قبل الحصار”.

ويؤكد أن الموقف الحاسم والحازم من تركيا لمساندة قطر ضد “الهجمة من قبل دول الحصار كان له مردود على الجانب البحريني المتماهي مع السعودية”، مشيراً إلى أن البحرين “تابع صغير للسعودية”.

ويقول: “دول الحصار بدأت تتفكك؛ فحالة التفكك الذي تشهده دول الحصار جعلت الكل يبحث عن مسارات جديدة ويفتح الأبواب التي أوصدها من قرار كان غير صائب وغير عقلاني وليس مدروساً بالنسبة لما حدث في قطر”.

وأضاف: “وصول بايدن (الرئيس الأمريكي المنتخب) للحكم سيغير المنطقة، ولدي معلومة بأن هناك اجتماعاً من 10 أيام ما بين دول الحصار باستثناء مصر مع قطر؛ لإيجاد حل مرضي ويحفظ ماء الوجه لدول الحصار للعودة والجلوس والتصالح بشكل كامل تدريجياً”.

كما يعتقد أن التعزية “ربما تكون أيضاً باباً للدخول إلى قطر، ويكون الرئيس أردوغان باب الحل”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخلیج أونلاین

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 + 18 =

زر الذهاب إلى الأعلى