ما هو مصير “قانون قيصر” وخطط إمارات في سوريا في عهد بايدن؟

تفتقر روسيا وإيران، الداعمان الخارجيان الرئيسيان لـ"الأسد"، القدرة حاليا على تمويل مشاريع إعادة الإعمار باهظة التكلفة.

ميدل ايست نيوز: في يونيو/حزيران 2020، أعلنت الولايات المتحدة تطبيق “قانون قيصر” الذي يتضمن عقوبات شاملة على النظام السوري.

وتستهدف هذه العقوبات، وهي الأشد قسوة من بين العقوبات التي فرضتها واشنطن على نظام “الأسد”، كيانات أو أفرادًا ممن يشاركون في أي أنشطة داخل قaطاعات الاقتصاد السوري التي تهيمن عليها الحكومة، بما في ذلك البنوك وقطاعات الغاز والنفط والبناء.

وحتى الآن، كان التأثير الرئيسي لـ”قانون قيصر” هو ردع المستثمرين الأجانب عن المساهمة في خطط إعادة الإعمار الإيرانية والروسية لسوريا.

ولا يستهدف “قانون قيصر” بشكل مباشر أي من أعضاء مجلس التعاون الخليجي.

ومع ذلك، فإن تأثير الدومينو لهذه العقوبات الأمريكية يمكن أن يقوض الاهتمام المتزايد للإمارات بالقضية السورية.

النهج الفريد للإمارات منذ عام 2011

كانت العلاقات بين الحكومة في دمشق ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي في تدهور ملحوظ بعد فترة وجيزة من اندلاع “الربيع العربي” في سوريا منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

وباستثناء عُمان، قدمت دول مجلس التعاون الخليجي الدعم لقوى المعارضة السورية وقطعت العلاقات مع النظام.

وكانت السعودية وقطر أكبر داعمين للمعارضة.

وكذلك أدت جهود مجلس التعاون الخليجي إلى طرد سوريا من جامعة الدول العربية في عام 2011.

لكن داخل مجلس التعاون الخليجي كانت هناك وجهات نظر مختلفة حول الأحداث في سوريا.

وبالرغم من أن الإمارات كانت معارضة رسميا لنظام “الأسد” في بداية الصراع، إلا أنها كانت أقل دعما للمعارضة من الرياض أو الدوحة، حيث رأت أبوظبي أن جماعة “الإخوان المسلمون”، والفصائل الإسلامية الأخرى، كانت في موقف قوي لتولي السلطة في سوريا ما بعد “الأسد”.

وكان ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد” منزعجا للغاية من الظهور المتزايد للجماعات الإسلامية في تونس ومصر في أعقاب الثورات التي أطاحت بالنظام في كلا البلدين.

واعتبر “بن زايد” انتفاضات 2011 وصعود الجماعات الإسلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين تهديدات رئيسية لجميع حكام الشرق الأوسط القدامى، بمن فيهم هو نفسه،.

ودفع انتشار الجماعات الإسلامية داخل سوريا صناع السياسة الإماراتيين إلى الحد من عمليات نقل الأسلحة إلى قوات المعارضة.

وبين عامي 2012 و2013، منحت الإمارات حق اللجوء لعضوات بارزات في عائلة “الأسد”، مثل “بشرى الأسد” و”أنيسة مخلوف”، شقيقة ووالدة “بشار الأسد” على التوالي.

ببساطة، كانت الإمارات أكثر قلقا بشأن إدارة الإسلاميين السنة لدمشق أكثر من الخوف من نظام “الأسد”.

سوريا في خطط أبوظبي

ومن المؤكد أن موقف أبوظبي الأقل عدائية تجاه النظام السوري يؤتي ثماره الآن بعد أن ركزت الإمارات بشكل متزايد على معارضة السياسة الخارجية للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، وضد الجماعات التابعة للإخوان المسلمين المدعومة من أنقرة.

وبالفعل، فإن استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين أبوظبي ودمشق بعد إعادة فتح السفارة الإماراتية في العاصمة السورية عام 2018 يعد جزءا من خطة “بن زايد” لإعادة سوريا “الأسد” إلى الحظيرة العربية في محاولة لبناء جبهة موحدة من الدول العربية ضد تركيا.

وتصاعدت التوترات بين تركيا والنظام السوري في مارس/آذار 2020 حيث شنت دمشق هجوما عسكريا ضد المعارضة المدعومة من تركيا لاستعادة محافظة إدلب السورية، المعقل الوحيد المتبقي للمعارضة في البلاد، ما دفع أنقرة إلى التدخل العسكري لصد الموالين لـ”الأسد”.

وبالتأكيد، ساهم هذا التصعيد في تكثيف أبوظبي لالتزاماتها الدبلوماسية تجاه دمشق وفي قرار الإمارات تزويد النظام السوري بالإمدادات الطبية للتعامل مع فيروس “كوفيد-19”.

كما تظهر حقيقة أن النظام السوري هو أقرب حليف عربي لإيران أن أبوظبي مستعدة للتعاون مع طهران وضد أنقرة في المجالات التي يكون فيها ذلك ممكنا.

الدبلوماسية المالية

وتفتقر روسيا وإيران، الداعمان الخارجيان الرئيسيان لـ”الأسد”، القدرة حاليا على تمويل مشاريع إعادة الإعمار باهظة التكلفة، لذلك يبحثان بشكل متزايد عن شركاء لتقاسم هذا العبء.

وفي هذا السياق، برزت الإمارات كزعيم داخل مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق باحتمال تطبيع العلاقات بين النظام السوري ودول مجلس التعاون الخليجي الغنية. ومن المؤكد أن موسكو ترحب بمثل هذا الاحتمال.

وفي ظل هذه الظروف، فإن التدخل المالي من قبل الإمارات في سوريا وجهودها للتوسط بين دمشق والمانحين الماليين المحتملين الآخرين في مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يكون له بعد دبلوماسي مهم ويعزز الشراكة بين أبوظبي وموسكو في الشؤون الإقليمية الأخرى، مثل ليبيا، حيث تخوض روسيا والإمارات حربا بالوكالة ضد تركيا.

وقد تجلى استعداد كل من أبوظبي وموسكو لتعزيز التنسيق الثنائي في زيارة مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسي، “سيرجي ناريشكين”، في فبراير/شباط 2020، للإمارات.

علاوة على ذلك، فعلى مدى العامين الماضيين، تضاعفت الاتصالات بين الشركات السورية والإماراتية. وفي سبتمبر/أيلول 2019، زار وفد أعمال إماراتي سوريا لحضور معرض دمشق الدولي الـ61، بالرغم من معارضة واشنطن.

التحديات المقبلة

وخلال تاريخها، كانت الإمارات ودول الخليج الأخرى متماشية إلى حد كبير مع تفضيلات السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

وفي الواقع، تواصل أبوظبي اعتبار واشنطن أهم شريك دولي لها.

وبالتالي، فإن احتمالية فرض عقوبات أمريكية تتعلق بـ”قانون قيصر” تهدد بمزيج سلبي من الخسائر الاقتصادية والتحديات السياسية التي تثبط عزيمة الإمارات عن مشاركة أخرى محتملة في سوريا.

ويمكن القول أن استعداد الإمارات للتواصل مع النظام السوري بالرغم من هذه الآثار السلبية المحتملة، لا سيما مع خطر إغضاب واشنطن، يوضح مدى حرص “محمد بن زايد” على تعزيز الجبهة المناهضة لتركيا.

وفي الوقت الحالي، قد يمثل الانتقال الفوضوي الذي أعقب فوز المرشح الديمقراطي “جو بايدن” في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020 فرصة مهمة لأبوظبي لمواصلة خططها الخاصة بسوريا مع تجنب التدقيق المتعمق من البيت الأبيض.

ويمكن للإمارات أيضا الاعتماد على حقيقة أنها حصلت مؤخرا على امتنان الحزبين الجمهوري والديمقراطي نتيجة لاتفاق التطبيع الموقع مع إسرائيل.

ومع ذلك، اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2021، يمكن توقع أن تظل إدارة “بايدن” ملتزمة بتنفيذ “قانون قيصر” وبمبدأ معاقبة الأنظمة المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ما يجبر أبوظبي على تحقيق توازن معقد بين الرغبة في إعادة تأهيل دمشق والحاجة إلى الحفاظ على علاقات سياسية وثيقة مع واشنطن.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد
المصدر
Responsible Statecraft

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

19 − خمسة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى