توتر مع السعودية وتودد لإيران.. هل يعدل بايدن سياسته الخارجية؟
الجميع في ترقب وتحفظ بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، خصوصاً أن بايدن لم يبدأ بالسياسة الخارجية، مع اهتمامه بالأمور الداخلية.
ميدل ايست نيوز: منذ وصوله إلى الحكم والرئيس الأمريكي جو بايدن يمد يده الدبلوماسية لإيران على حساب حلفائه التقليديين في المملكة العربية السعودية، التي كشر أنيابه لها، في وقتٍ تعمل إدارته على مراجعة اتفاق السلام مع حركة طالبان الأفغانية.
والخلافات في أولويات السياسة الخارجية بين بايدن والرئيس السابق دونالد ترامب كبيرة، لكن الرئيس السابق استطاع لجم إيران ومليشياتها بشكل ملموس، في حين تنفست الصعداء مع قدوم الرئيس الجديد الذي رفع شعار: “لا صوت يعلو فوق صوت الدبلوماسية مع إيران”.
فإيران زادت من نسبة تخصيبها لليورانيوم، فيما تهاجم مليشياتها في اليمن السعودية حليفة الولايات المتحدة بشكل يومي، بوقتٍ تصعد مليشيات طهران في العراق من تحركاتها وشنت هجوماً على قاعدة أمريكية، قابلها قصف استهدف إحدى تلك المليشيات، ونشر لقاذفات واشنطن في الشرق الأوسط.
مع الحوثيين والسعودية
أعطت سياسة بايدن تجاه اليمن مليشيا الحوثي الموالية لإيران الثقة بنفسها، وتعزيز قوتها الهجومية من خلال شن هجمات بشكل يومي على الأراضي السعودية.
فرغم التزام الرياض بنهج بايدن الدبلوماسي لا تهدأ الضربات الحوثية اليومية على الأراضي السعودية، واللافت أن التصعيد الحوثي يأتي بالتزامن مع رفع المليشيا اليمنية من قوائم الإرهاب الأمريكية، ولقاءات لمبعوث واشنطن إلى اليمن مع الحوثيين.
وعلى الرغم من قرارات بايدن فإن إدارته تؤكد بين الحين والآخر رفضها لأي هجمات ضد حليفتها السعودية، وتؤكد أنها معنية بحمايتها.
وكان لافتاً إعلان التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن، في الـ7 من مارس 2021، بدء تنفيذ عملية عسكرية نوعية بضربات جوية ضد مليشيات الحوثي، مشيراً إلى أنها “تستهدف القدرات الحوثية بصنعاء وعدد من المحافظات اليمنية”.
وإلى جانب ذلك فقد نشرت الولايات المتحدة تقريراً عن عملية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وقال بايدن عقبها إن علاقة بلاده مع الرياض يجب مراجعتها.
النووي الإيراني والشرق الأوسط
يمكن القول إن النقطة التي يقف عندها الملف الأخطر في صراعات الشرق الأوسط حالياً- وهو الاتفاق النووي الإيراني– تشبه كثيراً طرفين يرغب كلاهما في بداية جديدة للعلاقة بينهما لكن تراكمات فترة الخلاف بينهما تمنع كلاً منهما من أخذ الخطوة الأولى نحو التصالح.
لكن لم تبدِ طهران اكتراثاً برسائل واشنطن الودية إزاء برنامجها النووي والعودة لاتفاق 2015، فقد صعّدت طهران أخيراً خطواتها النووية، وتوعدت بالمزيد خلال المرحلة المقبلة.
ومنذ تولي بايدن الحكم كان لافتاً قيام قاذفات من طراز “بي-52” بتنفيذ “دوريات جوية” في الشرق الأوسط، كان آخرها في 7 مارس 2021، وهي المرة الرابعة خلال العام الجاري.
ضغوط لأجل إيران
الدكتور عادل المسني الباحث في العلاقات الدولية، يعتقد أن سياسة بايدن “متحاملة على محمد بن سلمان فيما يتعلق بعلاقته السابقة مع ترامب”، مشيراً إلى أن “كثيراً من القرارات والإجراءات التي اتخذت بحق المملكة لا تخرج عن هذا السياق”.
ويرى المسني، في حديثه لـ “الخليج أونلاين”، أن السعودية “تدفع ثمن العلاقة مع ترامب وتداعياتها ستظل مفتوحة، خاصة أن دور الأخير ما زال ثأثيره قائماً”، مبرهناً على ذلك بـ”سيل التصريحات السلبية باتجاه السعودية، وإثارة قضية خاشقجي في هذا التوقيت، وتجميد بيع الأسلحة وإيقاف الدعم، وكلها رسائل الهدف منها ممارسة أقصى الضغط على المملكة لإيقاف الحرب”.
المسني، خلال حديثه لـ”الخليج أونلاين”، يقول إن تلك الضغوط هدفها “التفرغ للمفاوضات مع إيران حول ملفها النووي وإعطائه أولوية على مصالح حليفتها الاستراتيجية”، مضيفاً: “الهجوم الحوثي الواسع باتجاه مأرب والمملكة في هذا التوقيت لا يمكن النظر إليه بمعزل عن هذه التطورات”.
وتابع: “واشنطن تفاوض إيران وترغب في تشجيعها على المضي نحو تقديم التنازلات على حساب مصالح السعودية، وبلا شك أن السعودية هي الخاسر الأكبر جراء هذه التحولات، لأسباب تتعلق بسوء إدارتها للملف اليمني، وإضعاف حلفائها من ناحية، والسماح لأجندات إقليمية أخرى مثل إيران والإمارات بتعطيل دورها”.
ترقب وتحفظ
المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو يرى أن الجميع في ترقب وتحفظ بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، خصوصاً أنه يرى أن بايدن “لم يبدأ بالسياسة الخارجية، مع اهتمامه بالأمور الداخلية”.
ويقول لـ”الخليج أونلاين”: إن “إيران تضغط على أمريكا بطريقة غير مباشرة عبر الحوثيين ومليشياتها، في مقابل ذلك أمريكا تضغط على إيران بضرب الحوثيين من خلال دعم السعودية وتحالفها العسكري”.
ويعتقد أن إيران تحاول اللعب في المنطقة وسط فراغ واضح، مضيفاً: “أظن أن على السعودية أن تملأ أيضاً هذا الفراغ”.
ويرى أن ما يدل على ذلك العملية العسكرية الأخيرة في اليمن، “لحماية أمنها ولدرء الفراغ، خصوصاً بعد انتهاء الأزمة بين دول مجلس التعاون، وهو ما يجعلها أكثر قوة مع التحالف القطري الذي له تحالف آخر مع تركيا، وسيكون ذلك تحالفاً بين الرياض وأنقرة بشكل غير مباشر”.
وتابع: “كما قلت؛ الجميع يترقب السياسة الخارجية الأمريكية، فالرئيس بايدن لم يرسل حتى الآن أي رسالة باتجاه تركيا، ولا خطاب وجهه لها، إضافة إلى عدم نسيان أن مسألة خاشقجي ربما كان لها دور في التوتر بين أمريكا والسعودية، لكن هذا لا يعني أن هناك تغييراً في التكتيكات العامة والاستراتيجية العامة بالنسبة إلى السعودية والولايات المتحدة الأمريكية”.