“مدرستين” داخل إدارة بايدن حول النووي الإيراني والاتحاد الأوروبي وسويسرا «وسيطان»

لم تنجح الوساطات في تحقيق اختراق يفتح الطريق عمليا للمفاوضات التي تريدها واشنطن والغربيون بشكل عام.

ميدل ايست نيوز: بانتظار أن تقبل إيران، رسميا، دعوة الاتحاد الأوروبي لاجتماع في بروكسل، بحضور الولايات المتحدة الأميركية وفق ما تم الاتفاق عليه في فيينا، بمناسبة انعقاد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة النووية، وذلك للبحث في كيفية عودة طهران وواشنطن إلى الاتفاق النووي، فإن طرفين يلعبان اليوم دور الوسيط بينهما هما مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيب بوريل، وسويسرا التي تقوم برعاية المصالح الأميركية في إيران منذ قطع العلاقات بين الطرفين في تسعينيات القرن الماضي.

وتؤكد مصادر أوروبية معنية بالملف النووي الإيراني، أنه، حتى اليوم، لم تنجح الوساطات في تحقيق اختراق يفتح الطريق عمليا للمفاوضات التي تريدها واشنطن والغربيون بشكل عام، رغم إحراز تقدم حول «المفهوم» الذي سيتم العمل على أساسه وهو مبدأ «التماثلية» أي خطوة مقابل خطوة.

وبحسب هذه المصادر الأوروبية، فإن هذا المبدأ يقبله الطرفان ما يعني أن مطالبة طهران برفع كامل العقوبات الأميركية المفروضة عليها ليست سوى للاستهلاك المحلي. كذلك، فإن تأكيد واشنطن أنها لن ترفع العقوبات قبل أن تتراجع طهران عن «كافة» انتهاكاتها لالتزاماتها النووية، لا يتجاوز كونه «إعلان مبادئ».

وأعلنت الخارجية الإيرانية، السبت، عن توجيه رسالة من وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، للتذكير بالعقوبات الأميركية واستعداد إيران للعودة إلى الالتزامات، لكنها أكدت أنه لم يحمل أي عرض أو مبادرة إيرانية.

وأصبح اليوم واضحا للمتابعين لتطورات الموقف الإيراني أن رفض السلطات في طهران عرض التفاوض المباشر مرده لتخوفها من أن «تجر» لفتح ملفات لا تريد الخوض فيها مثل برنامجها الصاروخي – الباليستي وسياستها الإقليمية.

هذان المطلبان إضافة للرغبة في فرض قيود على البرنامج النووي لما بعد العام 2025 محل إجماع أميركي – أوروبي واضح ومعلن مع الإشارة لوجود «مدرستين» داخل الإدارة الأميركية: الأولى تقول بالعودة إلى اتفاق 2015 والانطلاق منه لمناقشة الملفات الإضافية وهذا ما يتبناه الرئيس جو بايدن. والثانية تعتبر أنه لا يتعين التخلي بسرعة عن أهم ورقة رابحة بيد الإدارة وهي العقوبات النفطية والمالية والتجارية والاقتصادية. وقراءة هؤلاء أن خطوة كهذه مقابل عودة طهران عن تجاوزاتها سيفقد الإدارة ورقة ضغط كافية على إيران.

وبينت الرسالة التي بعث بها 70 نائبا ديمقراطيا، وعدد مماثل من الجمهوريين، إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن منتصف الأسبوع الماضي، وجود تيار قوي يتجاوز الانتماء الحزبي، ولا يسير مغمض العينين في خط بايدن، ويطالب بأن يكون الاتفاق المرتقب مشددا وشاملا، دفعة واحدة، لكافة الملفات، وليس محصورا فقط بالملف النووي.

تلاحظ المصادر الأوروبية أن الطرف الأميركي أخذ يتبع نهجا متشددا، وحجتها في ذلك تأكيد بلينكن، الجمعة الماضية، أن إدارة الرئيس بايدن «لن تقوم ببادرات إضافية» إزاء طهران.

وترجم ذلك عمليا بالإعلان، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، عن رفضه رسميا، قبول إعطاء الضوء الأخضر لكوريا الجنوبية لتسديد عدة مليارات من مبيعات النفط لطهران والأمر نفسه ينطبق على العراق.

وتعتبر الخارجية الأميركية، وفق تصريحات الناطق باسمها نيد برايس، أن إيران «مخطئة إذا ظنت أن التأخير في العودة للتفاوض سيؤدي لرفع العقوبات عنها» مضيفة أن واشنطن «لن تقدم أي مبادرات أحادية أو حوافز لجذب إيران لطاولة التفاوض».

والحال أن أحد المقترحات التي طرحها الأوروبيون للتقريب بين الطرفين الأميركي والإيراني كان أن تسمح واشنطن بالإفراج عن بعض هذه الأموال لتستخدمها طهران في شراء اللقاحات أو الأدوية والمواد الإنسانية عبر سويسرا مقابل أن تتراجع طهران عن تدبير أو مجموعة من التدابير التي اتخذتها في سياق تحللها من التزاماتها النووية.

وكانت مقاربة الأوروبيين أن حصول تطور من هذا النوع سيمهد الطريق أمام دفع الطرفين إلى طاولة المفاوضات.

الانطباع السائد في واشنطن أنه «لا حاجة للاستعجال». وشدد روبرت مالي، مبعوث بايدن للملف النووي، أن المقاربة الأميركية «لا تحددها روزنامة الانتخابات الإيرانية» في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في شهر يونيو (حزيران) المقبل، ولوجود تيار في واشنطن وأيضا وفي أوروبا يدعو إلى الاستفادة من الفرصة المتاحة اليوم قبل رحيل الرئيس روحاني والطاقم الذي يعمل معه عن السلطة ووصول فريق أكثر تشددا مكانهما.

والرد على ذلك أنه من الأسلم التفاوض مع سلطة مقبلة وليس مع سلطة منتهية الصلاحية مع الإشارة إلى أن القرار الأخير في الملف النووي يعود لـلمرشد الأعلى وليس لأي جهة أخرى.

ورأى جاك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي الذي علق على غياب رد إيراني على اقتراح الاجتماع الأوروبي بقوله نهاية الأسبوع الماضي: «إن إيران هي المعزولة دبلوماسياً وليس الولايات المتحدة والكرة في ملعبها الآن». يضاف إلى ذلك أن إيران هي التي تخضع لعقوبات متنوعة بالغة التشدد.

وأعاد سوليفان التأكيد على أن الرئيس الأميركي «مصمم على ألا تحصل إيران على سلاح نووي»، وأنه يرى أن «الدبلوماسية هي الطريق الأفضل لمنع حصول ذلك»، مضيفا أن بايدن «ما زال مستعدا للجلوس والتحدث إلى الإيرانيين بشأن كيفية إعادة فرض قيود صارمة على برنامجهم النووي. هذا العرض ما زال قائماً، لأننا نعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لتناول المسألة».

وأكد سوليفان وجود اتصالات «غير مباشرة»، مع طهران تمكننا من أن نوضح للإيرانيين موقفنا فيما يخص منهج الالتزام (بالاتفاق من قبل واشنطن) مقابل الامتثال له (من قبل إيران).

هذه صورة الوضع اليوم. وفيما يسعى الوسطاء لإيجاد مخارج، فإن التوجه السائد في العواصم الأوروبية المعنية أن الأمور ستأخذ كثيرا من الوقت والجهد. وتذكر المصادر الأوروبية أن اتفاق 2015 استغرق التفاوض بشأنه ما لا يقل عن 12 عاما فيما بايدن لم يمض بعد الشهرين في البيت الأبيض.

 

قد يعجبك:

واشنطن بوست: مسؤول أميركي يؤكد الاستعداد للجلوس مع إيران من الغد

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثمانية عشر + 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى