استطلاع جديد يتوقع عزوفاً عن المشاركة في الانتخابات الإيرانية بنسبة تصل إلى 53 %
كان من المقرر أن تنتهي عملية فحص الطلبات في خمسة أيام، لكن جدول الانتخابات ينص على تمديد الفترة لخمسة أيام إضافية.
ميدل ايست نيوز: قرر مجلس «صيانة الدستور» تمديد عملية فحص طلبات المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر المقبل، إلى خمسة أيام إضافية، وسط تصاعد الحرب الكلامية بين المرشحين، رغم التحذيرات، ووجهت أوساط في «الحرس الثوري»، من بينها مرشح الرئاسة، الجنرال سعيد محمد، انتقادات إلى رئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، الذي صعّد من انتقاداته لحلفائه المحافظين بشأن الموقف من تدهور الوضع الاقتصادي.
وقال المتحدث باسم «صيانة الدستور»، عباس علي كدخداني، إنها «لم تؤكد بعد أهلية أي من المتقدمين للرئاسة»، وأضاف: «خلال الأيام العشرة التي ينص عليها القانون سنتحقق من أهلية المرشحين»، موضحاً أن أعضاء الهيئة يدرسون «بدقة» التقارير وملفات المرشحين، لافتاً إلى أن كل من الملفات «تستغرق ساعات لكي نتوصل إلى أجماع أولي».
وكان من المقرر أن تنتهي عملية فحص الطلبات في خمسة أيام، لكن جدول الانتخابات ينص على تمديد الفترة لخمسة أيام إضافية.
و«صيانة الدستور» تنظر في طلبات الترشيح للانتخابات الرئاسية والتشريعية، إضافة إلى مراجعة القوانين التي يقرها البرلمان، ويختار نصف أعضائه الـ12 المرشد بشكل مباشر فيما النصف الآخر يختاره رئيس السلطة القضائية، الذي بدوره يعد من المسؤولين الذين يسميهم المرشد الأعلى الإيراني.
وقال الجنرال قاسم رضائي، نائب قوات الشرطة الإيرانية، إن «الأعداء يسعون وراء عدم إقامة انتخابات حيوية، لكنهم مخطئون، سيشارك الشعب الإيراني بحيوية وتأثير»، حسب وكالة «إيسنا» الحكومية.
وهيمنت دعوات إلى «تحقق أقصى» المشاركة، و«المشاركة المهيبة» و«المشاركة الفعالة» على مواقف المسؤولين الإيرانيين، بعدما فتحت أبواب تسجيل المرشحين لخمسة أيام، الأسبوع الماضي.
ويخشى المسؤولون من تكرار سيناريو الانتخابات التشريعية، التي سجلت أدنى مشاركة على مدى 41 عاماً بواقع 43 في المائة حسب الإحصائية الرسمية، فيما لم تتخطّ في طهران العاصمة الـ25 في المائة.
ونقلت وكالة «فارس» نتائج استطلاع رأي جديد، قالت إن أحد أهم مراكز استطلاع الرأي في البلاد أجراه مؤخراً، دون أن تكشف عن اسمه. وأظهر الاستطلاع، بحسب الوكالة، أن نسبة المشاركة المتوقعة تصل حتى الآن إلى 42.9 في المائة، وشهدت تحسناً بنسبة ثلاثة في المائة، مقارنة باستطلاع سابق. وبحسب الوكالة، فإن 32 في المائة لن يشاركوا في الانتخابات بسبب المشكلات المعيشية والاقتصادية، فيما 21 في المائة لن يشاركوا في الانتخابات بسبب مخاوف من جائحة «كورونا».
ووفقاً للاستطلاع فإن مدن طهران وأصفهان وشيراز وسنندج وكرج ورشت سجلت أدنى رغبة بالإقبال على الانتخابات، بينما سجلت مدن قم وإيلام وزاهدان وأربيل، خرم آباد، وبيرجند، الحدودية مع أفغانستان، أعلى نسبة رغبة بالمشاركة.
ويشير الاستطلاع إلى تقدم رئيس القضاء إبراهيم رئيسي بنسبة 32.6 في المائة، ويليه الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، بنسبة 26.7 في المائة. ومن بين الأصوات السلبية حصل إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس على 21 في المائة، ورئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، 8 في المائة، وأحمدي نجاد على 6 في المائة، ورئيسي على 4.7 في المائة.
وسئل الذين قالوا إنهم سيصوتون لأحمدي نجاد، لمن تذهب أصواتهم في حال رفض طلبه للترشح، وأشار 10 في المائة إلى أنه سيصوت لرئيسي، وقال 1.5 إن صوته سيذهب للجنرال محسن رضائي، أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام، بينما قال 1.3 إنهم سيصوتون للاريجاني، و3.3 في المائة، أكدوا عدم مشاركتهم في الانتخابات، فيما قال آخرون لم يتخذوا أي قرار بعد، وفقاً لوكالة «فارس».
ونوهت الوكالة بأن لاريجاني لن يحصل سوى على 1.5 في المائة، بينما الجنرال سعيد محمد، مستشار قائد «الحرس الثوري»، بلغت نسبة أصواته 3.6 في المائة.
وتراهن الأوساط المؤيدة للحكومة وحلفائها، التيار الإصلاحي والمعتدل، على استثمار مخاوف الأجهزة المسؤولة، للدفع بمطلب الحفاظ على مرشحيهم في السباق الرئاسي، وعدم رفض طلباتهم من قبل «صيانة الدستور».
في هذا الصدد، اعتبر محمود واعظي مدير مكتب الرئيس الإيراني أن تحقق أقصى المشاركة بانتخابات تنافسية «من صالح الجميع»، ونأى بالحكومة عن تأييد أي مرشح ضد مرشح آخر، وقال إنها «محايدة في الانتخابات، وإنها ليست منافسة لأي طرف من التيارات السياسية». وكتب في «تويتر»: «على المرشحين المحترمين تقديم برامجهم لإدارة البلاد بدلاً من التشويه وتوجيه الاتهامات وافتعال الأجواء الكاذبة ضد الحكومة».
وفسر موقع «رجانيوز» المنبر الإعلامي لجماعة «بإيداري» الجناح المتشدد في التيار المحافظ، انتقادات الرئيس حسن روحاني، أول من أمس، لمرشحي الرئاسة بأنها تهكم ضمني من رئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني.
وقال روحاني في كلمة الأربعاء إن مفاوضين سابقين «لم يذهبوا إلى مفاوضات إلا وعادوا منها بقرار أممي ضد إيران».
وكان لاريجاني، خلفاً لروحاني في منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بين عامي 2004 و2006، وتولى التفاوض حول الملف الإيراني مع الترويكا الأوروبية قبل إحالة إيران إلى مجلس الأمن وإصدار القرار 1737، في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2006، الذي حظر توريد التكنولوجيا النووية لإيران، وفرض عقوبات على شركات ضالعة في تخصيب اليورانيوم الإيراني، وهو القرار الثاني بعد القرار 1696 الذي طالب إيران بوقف أنشطة التخصيب، في نهاية يوليو (تموز) 2006.
وقال الموقع إن «روحاني يحاول مهاجمة خصومه في أيام الانتخابات، لكن على ما يبدو فإن لاريجاني نسى حليفه، الذي يريد تشكل حكومة ثالثة لروحاني، حصل على ثلاثة قرارات أممية خلال عامين».
ومن جانب آخر، بدأت بعض القنوات المحسوبة على المتشددين، في شن هجوم ضمني على رئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني. وكتبت قناة مقربة من مرشح الرئاسة، اللواء سعيد محمد، إن «المعلومات تشير إلى أن أحد المرشحين للرئاسية يحاول إقصاء بعض منافسيه عبر نفوذ أقاربه» في إشارة إلى علي لاريجاني حيث أخوه صادق لاريجاني عضو في هيئة صيانة الدستور.
وأضافت أن «الاستدلال الغريب لهذا التيار في الجهاز الذي يقرر أهلية المرشحين، هو أن بعض منافسي المرشحين إذا ما واصلوا تعزيز سلتهم الانتخابية، وأقوالهم الصريحة، سيكون ذلك خطراً كبيراً على الجمهورية الإسلامية»، وتابعت: «من أجل هذا، خلال الأيام الأخيرة انتشرت شائعة عدم حصول بعض المرشحين على أهلية لخوض الانتخابات، لأسباب وهمية…».
الثلاثاء، نفى المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور «الشائعات» عن رفض أهلية بعض المرشحين، وذلك بعدما أفادت موقع «إصلاحات برس» معلومات عن رفض أهلية الجنرالين محسن رضائي وسعيد محمد.
وانتقد الجنرال سعيد محمد، أمس، تصريح أدلى به لاريجاني، السبت الماضي، عند تقديمه طلب الترشح، وهو ما أثار غضباً في المعسكر المحافظ. وهاجم فيها تحديداً مَن ترشحوا لدوافع اقتصادية، نظراً لتأكيد المرشد على أولوية الاقتصاد للحكومة المقبلة.
وقال لاريجاني إن «الاقتصاد ليس ثكنة عسكرية أو محكمة»، في إشارة ضمنية إلى ترشح تجنرالات الحرس ورئيس القضاء. وقال الجنرال سعيد محمد، رداً على لاريجاني، إن «الشخص الذي كان في الحرس والثكنات العسكرية، وشقيقه كان رئيساً للمحاكم لسنوات، الآن يعرض كل الموازين للسؤال». وأضاف: «مرة أخرى يريدون إثارة ازدواجية وترهيب الناس من الحرب وطلب القوة»، وتابع: «بنفس قدر المشكلة التي بيننا وبين الإصلاحيين المتطرفين، نرى الضرر فيمن ينتسبون لولاية الفقيه، لكن يتصرفون على خلاف نوايا المرشد».
وكرر لاريجاني، أمس، مرة أخرى، هجومه، وكتب في «تويتر»: «يعارضون حل قضية التبادل المالي مع العالم والتصدير، ولا توجد لديهم عزيمة وتجربة لرفع العقوبات، وفي الداخل يثيرون النزاع بدلاً من الإجماع، لكن يقولون إنهم يريدون التعامل مع جميع العالم، هذا تناقض وخداع للرأي العام».
وكان لاريجاني يشير ضمناً إلى اصطدام مشروع الحكومة للانضمام إلى اتفاقية «فاتف» المعنية بمراقبة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، الأمر الذي دفع المنظمة الدولية إلى إعادة إدراج إيران في القائمة السوداء للدول الأكثر خطراً على منظومة المال العالمي، في فبراير (شباط) العام الماضي.
ونشط لاريجاني خلال الأيام الأخيرة في شبكات التواصل الاجتماعي، سواء في «تويتر» أو «كلوب هاوس». وفي أول فيديو بعد تقديمه طلب الترشح، دعا لاريجاني إلى توضيح العلاقة بين الشعب والمؤسسة الحاكمة، وتحديد حقوق الشعب وواجباته. لكنه فجاء أشار إلى دوره في رفع الحظر عن جهاز الفيديو، في سبتمبر (أيلول) 1994.
وقال موقع «خبر أونلاين» التابع لمكتب لاريجاني، أمس، في تحليل مطول إنه «المحافظين سيفوزون بالانتخابات، وهذا ليس وهماً»، لكنه توقع أن تؤثر هزيمة رئيسي للمرة الثانية في الانتخابات، على حظوظه في مستقبله السياسي.
في غضون ذلك، توقع مرشح الرئاسة وعضو مجلس بلدية طهران، محمد جواد حق شناس، في مقال رأي بجريدة «جهان صنعت» أن تمتد الانتخابات إلى جولة ثانية، متوقعاً أن يفوز منافس رئيسي بكرسي الرئاسة في الجولة الحاسمة.