هل يخضع العراق لعقوبات أميركية بسبب الأسلحة الروسية؟
يجمع المحللون أن العراق يملك خططا بعيدة المدى للعثور على مصادر جديدة لتوريد الأسلحة، وأنها تفضل الأسلحة الروسية.
ميدل ايست نيوز: توافقاً مع زيادة النقاش والحديث في الأوساط السياسية والعسكرية العراقية حول إمكانية توجه العراق استراتيجياً لشراء كميات ضخمة من الأسلحة الروسية، تعويضاً عن نقص التصدير الأميركي والأوربي للأسلحة الذي قد يتعرض له العراق، جراء الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها القواعد العسكرية لهذه الدول في العراق، نشرت “مجلة الدفاع الأميركية” تقريراً تفصيلياً حول التطلعات العراقية في ذلك الاتجاه.
الدورة الأميركية المُختصة بشؤون التسلح أجرت عددا من اللقاءات مع مستشاري المؤسسات الدولية للتسلح، الذين أجمعوا بأن العراق يملك خططا بعيدة المدى للعثور على مصادر جديدة لتوريد الأسلحة، وأن تفضيلها للأسلحة الروسية يتأتى من تفصيلين مهمين، يتعلق الأول بمنظومات الأسلحة الروسية التقليدية التي ما تزال تُستعمل في العراق، مثل منظومة الدفاع الجوي الروسية بانتسير، كذلك مجموعة من طائرات الهليكوبتر الهجومية من نوع MI24، والأسلحة الروسية المنوي شراؤها يُمكن ربطها بسهولة بتلك المنظومات. كذلك فإن الوزن السياسي الدولي لروسيا، بالذات من منطقة الشرق الأوسط، ومن حيث كونها عضو دائم في مجلس الأمن، يُعطيها الأولوية في العراق في ملف شراء الأسلحة.
الخبراء في شؤون الأسلحة أكدوا بأنه ثمة مستويين مختلفين من الأسلحة الروسية التي يُمكن للعراق الإقدام على شرائها. المنظومات التقليدية التي قد لا تؤثر على منظومات الدفاع الأميركية والأوروبية في العراق، وعموم المنطقة، مثل منظومة الدفاع S300 وطائرات السوخوي بمختلف أنواعها، وثمة المنظومات الدفاعية المُعقدة، كنظام S400 للدفاع الجوي، التي قد تتداخل وتفكك منظومات الدفاع الجوي الأميركية في العراق، وعموم المنطقة. وحيث إن الإقدام على شراء هذه المنظومات المتطورة ستُعرض العراق لـ”غضب” أميركي، وربما عقوبات.
كانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية في عهد الإدارة الأميركية السابقة هيذر نويرت قد قالت في تصريحات علنية بأن العراق سيتعرض لعقوبات أميركية حسب “قانون كاتسا” الأميركي إذا ما أقدم على شراء منظومات روسية متطورة للدفاع الجوي، وأن حكومة بلادها قد تواصلت مع الحكومة العراقية بذلك الشأن، والعراق يعرف جيداً تبعات فعل كذلك. ولم تصدر مؤسسات الإدارة الأميركية الجديدة أي شيء قد يكون مناقضاً لذلك، ما يعني بأن المُحددات الأميركية ما تزال سارية المفعول.
المحلل العسكري العراقي ممدوح علوان الجنابي شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية الضغوط التي يتعرض لها العراق راهناً في ظلال هذه الثنائية “في المحصلة فإن العراق ما يزال يخوض حرباً، وإن كانت داخل أراضيه، لكن الجيش العراقي والمؤسسات الرديفة له تعيش حرباً في مواجهة تنظيم داعش، الذي يُظهر مناعة شديدة على الاندثار، في نفس الوقت فإن أكبر قوة مساندة له في هذه الحرب، أي قوى التحالف الدولي، تتعرض لهجمات عسكرية من قِبل قوى رئيسية من داخل العراق. في هذا الوقت، فإن العراق يتوقع مغادرة قريبة لقوى التحالف الدولي من أراضيه، وتالياً إمكانية الهزيمة، أو على الأقل التضعضع، في مواجهة داعش”.
كان العراق من أهم الموردين والشركاء العسكريين لروسيا أو الاتحاد السوفياتي سابقا منذ أوائل السبعينات من القرن المنصرم، حينما وقع الطرفان معاهدة الصداقة الشهيرة عام 1972، التي رفعت مستويات التسلح للجيش العراقي بطريقة لافتة، بعد شراء العراق لأسلحة روسية بقيمة فاقت 30 مليار دولار خلال ثلاثة عقود. تلك العلاقات العسكرية بين البلدين استؤنفت عقب العام 2008، بعد إقدام روسيا على إلغاء ديون الأسلحة المتراكمة مع الحُقبة السوفياتية، التي بلغت قرابة 13 مليار دولار، مقابل عقود في مجال النفط، بالذات في مشروع حقل غرب القرنة الذي تتجاوز طاقته الإنتاجية 12% من إنتاج العراق للنفط.
اعتباراُ من العام التالي، بدأ العراق بشراء الأسلحة الروسية، منها صفقة لشراء 36 مروحية قتالية بقيمة 1.3 مليار دولار، وعقد آخر بقيمة 4 مليارات دولار لتزويد منظومة بانتسير الروسية بالصواريخ اللازمة، واستمرت العقود التفصيلية بين البلدين بمعدل 1.7 مليار دولار وسطياً، لكن دون أية عقود حول أسلحة استراتيجية.
قائد القيادة المركزية الأميركية فرانك ماكينزي كان قد حذر في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس من التمادي الروسي والصيني في مناطق النفوذ الإقليمي التي تسعى الولايات المُتحدة للانسحاب منها، بالذات من حيث خلق شراكات استراتيجية في مجال الأسلحة. الجنرال الأميركي كان يعني تدهور الأوضاع وفرض العقوبات بين الولايات المُتحدة وتركيا، عقِب شراء الأخيرة لمنظومة دفاع روسية، وإمكانية انطباق الأمر على العراق نفسه، بالذات بعد إعلان شركة لوكهيد مارتن الأميركية استعادة طائرتها المقاتلة من طراز F16K لإنقاذ طواقمها من الهجمات الصاروخية للميليشيات، الأمر الذي قد يدفع العراق لشراء منظومات دفاعية بديلة.
كبير المستشارين في برنامج العلاقات المدنية العسكرية في الدول العربية في مركز كارنيغي للشرق الأوسط آرام نركيزيان، شرح في مقابلة مع موقع ديفينس صعوبة الخيارات العراقية من القدرة على الموازنة بين الولايات المُتحدة وروسيا داخل العراق.
وقال “إن بإمكان روسيا بالتأكيد أن تلعب دورًا في تحديث أو استبدال بعض أنظمة العراق القديمة. في وقت يواصل العراق تشغيل مروحيات هجومية روسية المصدر. لقد باعت روسيا بالفعل نوعًا مختلفًا من دبابات القتال T-90S، لكن السؤال الأكبر حول كيف يمكن للعراق الحفاظ على أسطول مختلط من الدروع الأميركية والروسية. يمكن لروسيا أيضًا أن تحاول بيع أنظمة العراق التي يمكنها زيادة التنقل المدرع والطائرات متعددة المهام ثابتة الجناحين – طائرات من الجيل 4.5 مثل Su-35 ومشتقاتها – ومواصلة استكشاف طرق لتقديم خيارات للعراق لأنظمة الدفاع الجوي متعددة الطبقات “.