ما هي ملامح العلاقات الإيرانية الروسية في عهد الرئيس الإيراني الجديد؟
ان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد سارع لتوجيه برقية تهنئة إلى رئيسي فور الإعلان عن فوزه في الانتخابات، مؤكداً فيها على "طابع الود وحسن العلاقات بين البلدين".
ميدل ايست نيوز: بعد انتخاب إبراهيم رئيسي، رئيساً جديداً لإيران خلفاً للرئيس المنتهية ولايته، حسن روحاني، ثمة تساؤلات حول ملامح سياسة طهران الخارجية وموقفها من الملفات الدولية الشائكة مثل سورية والاتفاق النووي الإيراني وبناء العلاقات مع اللاعبين الإقليميين والدوليين الرئيسيين مثل تركيا وروسيا والدول الغربية. وتتجه الأنظار إلى روسيا بوصفها إحدى الدول التي تربطها ملفات مشتركة مع إيران، على رأسها العداء مع الغرب والوجود في سورية، حيث برز التنافس بين الدولتين هناك بشكل جلي.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد سارع لتوجيه برقية تهنئة إلى رئيسي فور الإعلان عن فوزه في الانتخابات، مؤكداً فيها على “طابع الود وحسن العلاقات بين البلدين”. وأعرب عن أمله في أن يساهم أداء الرئيس الإيراني الجديد “في مواصلة الدفع بالتعاون الثنائي البناء على مختلف الاتجاهات، وكذلك الشراكة في الشؤون الدولية، مما يلبي مصالح الشعبين الروسي والإيراني، ويندرج ضمن مسار تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين”، وفق نص البرقية الذي نشر على الموقع الرسمي للكرملين.
وفي شأن العلاقات مع روسيا مع قدوم الرئيس الإيراني الجديد، يتوقع الخبير في نادي “فالداي” الدولي للنقاشات، المحلل السياسي فرحات إبراهيموف، أن يسعى إبراهيم رئيسي لتطوير العلاقات مع روسيا حتى وإن لم يكن ذلك على شكل تحالف كامل، مرجعاً ذلك إلى مجموعة من الأسباب، في مقدمتها “انعدام الثقة بين طهران والغرب بشكل كامل”.
ويضيف إبراهيموف أنه “على الرغم من استعداد رئيسي لتطبيع العلاقات مع الدول الأوروبية، إلا أنه لا يراهن على تلك العلاقات، ومن أولوياته تطوير العلاقات مع دول الجوار في الشرق الأوسط ومع روسيا والصين والهند. كما أن فريقه يضم شخصيات تدعو إلى الانضمام التدريجي إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي الذي يضم كلاً من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزستان، وهذا يدل على الكثير”.
وحول تقديره لموقف الرئيس الإيراني الجديد من ملف الاتفاق النووي، يقول إبراهيموف إنه “قد تواصل إيران نفس خط إدارة روحاني في ما يتعلق بخطة العمل الشاملة المشتركة، إذ يدرك الإيرانيون أنهم ليسوا سبباً في انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق، ولذلك لا يعتزمون الاستسلام لجهة استمرار إصرارهم على عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي”.
وفي ما يتعلق بالملف السوري، يرى المتحدث نفسه أن “رئيسي يواجه مهمة تنظيم الوضع داخل البلاد ولا سيما الاقتصاد، وسيتعيّن عليه الاختيار، إما حل المشكلات الاقتصادية حقاً، وإما الدفاع الأعمى عن سورية، إذ سيكون من الصعب للغاية معالجة المهمتين في آن. وأعتقد أن إيران ستكون أكثر قابلية للاتفاق حول سورية مع روسيا، مقارنة مع تفاهم طهران مع تركيا في هذا الملف. الأهم بالنسبة لروسيا هو التزام إيران بالاتفاقات التي قد يتم التوصل إليها في إطار اللقاءات الثلاثية (روسيا إيران تركيا) والثنائية”. ويخلص إبراهيموف إلى أنه “من مصلحة روسيا أن تكون سلوكيات إيران قابلة للتنبؤ في عهد رئيسي الذي قد لا يخذلها من هذه الناحية”.
من جهتها، وجهت صحيفة “نوفايا غازيتا” الروسية ذات التوجهات الليبرالية المعارضة قبل أيام، انتقادات لاذعة إلى رئيسي، مستشهدة بسجله في مجال حقوق الإنسان، ومرجحة أن موقفه سيحدد مصير الاتفاق النووي الإيراني، وعلاقة إيران مع اللاعبين الدوليين الكبار مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين.
في السياق ذاته، رجح السفير الإسرائيلي لدى روسيا، ألكسندر بن تسفي، تصاعد حدة التوترات في منطقة الشرق الأوسط مع قدوم الرئيس الإيراني الجديد إلى سدة الحكم. وقال بن تسفي في حوار خاص مع وكالة “سبوتنيك” نُشر أمس السبت: “أعتقد أن الوضع سيكون أكثر توتراً، لأن الرئيس الإيراني الجديد، أولاً وقبل كل شيء، محافظ للغاية، إذا كنا نتحدث عن نهج ديني. وإذا تحدثنا عن إسرائيل، فقد أعلن أخيراً أنهم مستعدون لاستعادة العلاقات مع الجميع باستثناء إسرائيل”.
وأضاف بن تسفي: “لا أرى أي تحول للأفضل (مع قدوم رئيسي)، بل على العكس خصوصاً في حال تعامله مع هذه المنطقة بأكملها من منظور المحافظ المتشدد. إيران تشكل تهديداً استراتيجياً لنا، والأمر لا يتعلق فقط في برنامجها النووي، بل هناك أيضاً برنامج الصواريخ الباليستية الذي يمتلكونه، وهم لا يستهدفون إسرائيل فقط. فإذا كانت لديهم صواريخ باليستية يصل مداها إلى 2000 كيلومتر، فهذه ليست إلى إسرائيل، فحسب، إسرائيل أقرب. مدى هذه الصواريخ يصل إلى أوروبا وما وراءها”.