رئيسي يستعد لبدء رئاسته لإيران مواجها أزمة اقتصادية طاحنة ومباحثات نووية شاقة

ستكون معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المهمة الأولى لرئيسي الذي رفع خلال انتخابات 2021، شعارَي الدفاع عن الطبقات المهمّشة ومكافحة الفساد.

ميدل ايست نيوز: أيام قليلة تفصل إيران عن حكومة جديدة يقودها الرئيس المنتخب، ذو الطابع السياسي المحافظ إبراهيم رئيسي، وسط تحديات داخلية وخارجية، ليس أقلها أزمة معيشية واقتصادية وصلت حد شح المياه في مناطق مختلفة من البلاد، وكذلك مباحثات الاتفاق النووي وما يتبعها من عقوبات أمريكية ترغب طهران في رفعها بأقرب وقت ممكن.

ويُنصّب رئيسي، الفائز في انتخابات يونيو/حزيران، رسمياً الثلاثاء، 3 أغسطس/آب 2021، خلال مراسم يصادق فيها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي على “حكم رئاسة الجمهورية”.

وسيؤدي رئيسي (60 عاماً) اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) الذي يهيمن عليه المحافظون الخميس، في خطوة يتبعها تقديم أسماء مرشحيه للمناصب الوزارية من أجل نيل ثقة النواب.

ونال الرئيس السابق للسلطة القضائية نحو 62% من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات التي خاضها بغياب أي منافس جدي، كما شهدت نسبة مشاركة بلغت 48,8، وهي الأدنى في استحقاق رئاسي منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، حسبما قالت وكالة الأنباء الفرنسية، الأحد 1 أغسطس/آب 2021.

معالجة الأزمة الاقتصادية 

ستكون معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العائدة بشكل أساسي للعقوبات المفروضة أمريكياً، وزادت من تبعاتها جائحة كورونا، المهمة الأولى لرئيسي الذي رفع خلال انتخابات 2021، شعارَي الدفاع عن الطبقات المهمّشة ومكافحة الفساد.

يقول الباحث في المعهد الجامعي الأوروبي في إيطاليا كليمان تيرم لوكالة فرانس برس، إن “هدفه (رئيسي) الأساسي سيكون تحسين الوضع الاقتصادي من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجمهورية الإيرانية والدول المجاورة”، وذلك عبر “تأسيس نظام اقتصادي يحمي النمو الاقتصادي لإيران، من الخيارات السياسية الأمريكية”.

ويضيف الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، أنه من خلال هذه المقاربة “يصبح رفع العقوبات الأمريكية هدفاً ذا أولوية، لكن من أجل تحسين نوعي ونمو في حجم التبادلات التجارية بين إيران والدول غير الغربية على الساحة الدولية”، مثل روسيا والصين والجوار.

وشهدت إيران احتجاجات خلال يوليو/تموز، على خلفية شح المياه. وترافق ذلك مع انقطاعات للكهرباء في طهران ومدن كبرى، تعزوها السلطات لأسباب منها زيادة الطلب ونقص الموارد المائية لتوليد الطاقة.

وغالباً ما وجّه المحافظون المتشددون الذين ينظرون بعين الريبة الى الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً، انتقادات لروحاني على خلفية إفراطه في التعويل على نتائج الاتفاق النووي، وطالبوا مراراً بالتركيز على الجهود المحلية للحد من آثار العقوبات.

ويرى الاقتصادي الإصلاحي سعيد ليلاز، المقرب من الرئيس المنتهية ولايته، أن “روحاني كان مثالياً جداً بشأن علاقته مع الغرب. كان يعتقد أنه سيكون قادراً (من خلالها) على حل كل مشاكل البلاد سريعا في الأمد القريب”.

ويضيف لفرانس برس “لا يبدو أن الأمر هو ذاته لدى رئيسي”.

تعزيز علاقته بدول الجوار 

وأكد رئيسي بعد انتخابه أن أولوية سياسته الخارجية هي العلاقات مع دول الجوار.

وهو سيتولى منصبه بينما تخوض إيران مع القوى الكبرى، وبمشاركة أمريكية غير مباشرة، مباحثات لإحياء الاتفاق النووي، من خلال تسوية ترفع العقوبات الأمريكية وتعيد واشنطن إليه، في مقابل عودة إيران لالتزام تعهداتها النووية التي تراجعت تدريجياً عن تنفيذها بعد عام من انسحاب واشنطن.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي تولى مهامه خلفاً لترامب مطلع 2021، أبدى استعداده للعودة إلى الاتفاق.

وأجريت 6 جولات مباحثات في فيينا بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، دون تحديد موعد جديد. وأكد مسؤولون إيرانيون أن التفاوض لن يستكمل قبل تولي رئيسي منصبه.

ويرى تيرم أن لتأجيل استئناف المباحثات أسباباً عدة من المنظار الإيراني، منها “الإظهار للجانب الأمريكي عدم وجود استعجال لدى طهران من أجل التوصل إلى تسوية سريعة”.

ومن الأسباب أيضاً، وفق تيرم، “السياسة الداخلية ورغبة الحكومة المحافظة الجديدة في إثبات قدرتها على نيل اتفاق أفضل من الحكومة السابقة”.

وفي لقائه الأخير مع أعضائها الأربعاء، رأى خامنئي أن تجربة حكومة روحاني أثبتت أن “الثقة بالغرب لا تنفع”، وفق بيان نشره موقعه الإلكتروني.

وأشار المرشد الأعلى الذي تعود إليه الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد، إلى أن واشنطن ربطت عودتها إلى الاتفاق بإجراء مباحثات لاحقة تتعلق ببرنامج إيران الصاروخي وقضايا إقليمية، وهو ما سبق لطهران أن رفضت إدراجه ضمن مباحثات نووية.

وسبق لرئيسي الذي يعد مقرباً من خامنئي، التأكيد أنه سيدعم المباحثات التي تحقق “نتائج” للشعب، لكنه لن يسمح بـ”مفاوضات لمجرد التفاوض”.

ويرى ليلاز أن “مصير الاتفاق النووي” هو من العوامل المؤثرة في حل الأزمة الاقتصادية، معتبراً أن “عدم اليقين” الراهن حيال هذا الملف “مضرّ، وسيكون أشد ضرراً في حال أعلنت إيران أنها لن تفاوض، وتالياً ستبقى العقوبات”.

لكنه يرجّح عدم بلوغ هذا الحد “لأن إيران والولايات المتحدة غير قادرتين على الإبقاء على الوضع القائم، وعلى الطرفين الوصول إلى تسوية”.

 

قد يعجبك:

نيويورك تايمز: تشاؤم حاد يسود في واشنطن حول إمكانية إحياء الاتفاق النووي

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
عربي بست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − 10 =

زر الذهاب إلى الأعلى