حرب السفن الخفية بين إيران وإسرائيل.. من بدأها وأخطر العمليات التي شهدتها
حرب السفن بين إيران وإسرائيل والتي تسمى أحياناً حرب الظل باتت تمثل خطراً بالغاً على الملاحة الدولية، وقد تتحول إلى أزمة أو معركة حقيقية.
ميدل ايست نيوز: حرب السفن بين إيران وإسرائيل والتي تسمى أحياناً حرب الظل باتت تمثل خطراً بالغاً على الملاحة الدولية، وقد تتحول إلى أزمة أو معركة حقيقية.
وتعرَّضت ما لا يقل عن 20 سفينة مدنية لهجمات بألغام وطائرات دون طيار وقوات خاصة في “حرب ظل” سريعة التمدد بين إيران وإسرائيل، وذلك بحسب تحليل لصحيفة The Telegraph البريطانية.
وتصاعدت الهجمات على ناقلات النفط وسفن الشحن والسفن الأخرى بصورة حادة على مدار الأشهر الستة الماضية، وتخشى صناعة الشحن وخبراء الأمن من صراعٍ بحري غير مُعلَن يزعزع استقرار بعضٍ من أكثر طرق التجارة العالمية ازدحاماً.
أصبحت “حرب الظل” مميتة لأول مرة الأسبوع الماضي، حين قتلت طائرة بدون طيار انتحارية يُشتَبَه بكونها إيرانية، بريطانياً يُدعى أدريان أندروود والقبطان الروماني للناقلة “ميرسر ستريت” قبالة ساحل سلطنة عمان.
وقال وزيرا الدفاع والخارجية الإسرائيليان بيني غانتس ويائير لابيد– في خطاب إلى سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي خلال جلسة إحاطة عقدت بوزارة الخارجية الإسرائيلية- إن “المسؤول المباشر عن استهداف السفينة الإسرائيلية بواسطة الطائرات بدون طيار الانتحارية هو سعيد ارا جاني قائد وحدات الطائرات بدون طيار التابعة للحرس الثوري الايراني”.
وعلى الرغم من أن إيران نفت أي دور لها في الهجوم على السفينة، فإن بريطانيا ورومانيا أيضاً وجهتا الاتهام لطهران وتم استدعاء السفير الإيراني لدى لندن وبوخارست للاحتجاج رسمياً على الهجوم.
واللافت في هذا الهجوم هو تبني الإدارة الأمريكية لهجة تصعيدية ومتشددة، وسط حديث عن حتمية الرد على “العدوان الإيراني الخطير”، وحديثها عن رد مشترك ومنسق ضد الهجوم، عكس الأحداث السابقة التي شهدتها حرب السفن بين إيران وإسرائيل.
متى بدأت حرب السفن بين إيران وإسرائيل؟
يكتنف الغموض حرب الظل، مثلما يوحي اسمها، ولا يعترف بها القادة الإسرائيليون والإيرانيون حتى الآن.
لكن يبدو أنَّ حرب السفن بين إيران وإسرائيل قد بدأت جدياً في 2 مايو/أيار 2019 غير بعيدٍ عن ساحل البحر الأحمر السعودي.
إذ قالت السلطات السعودية إنَّ ناقلة إيرانية، تُدعى “Happiness 1″، فقدت فجأة السيطرة على محركها وانجرفت على بُعد نحو 70 ميلاً بحرياً (130 كيلومتراً تقريباً) جنوب غربي جدة.
وضُرِبَت منذ ذلك الحين سفن أخرى مرتبطة إمَّا بإيران أو إسرائيل بصواريخ، أو هُوجمَت بألغام ملتصقة، أو وقعت ضحية انفجارات غامضة بوتيرة متزايدة.
وخلُص تحليل لصحيفة The Telegraph البريطانية إلى أنَّ الهجمات ازدادت باطراد على أساس سنوي منذ 2019، وسط تحذيرات من أنَّ كلا البلدين يقتربان من حافة حربٍ مفتوحة.
خرجت في 2019 ثلاثة تقارير عن هجمات على سفن مرتبطة إمَّا بإيران أو إسرائيل، ولو أنَّ تفاصيل الحوادث كانت شحيحة آنذاك.
وتعرَّضت سفن إيرانية للهجوم ست مرات على الأقل في 2020.
وقد ازدادت الحوادث منذ فبراير/شباط من هذا العام، حين اتهمت إسرائيل الناقلة “Emerald” بتنفيذ “هجوم إرهابي بيئي” من خلال السكب المتعمد وغير القانوني للنفط، ما غمر 100 ميل (161 كيلومتراً تقريباً) من الشواطئ الإسرائيلية بقطرانٍ كثيف.
وقال محسن بهاروند، السفير الإيراني لدى لندن، الأسبوع الماضي إنَّ 11 هجوماً إسرائيلياً وقعت على سفن شحن إيرانية هذا العام. ويُشتَبَه أيضاً في أنَّ التخريب الإسرائيلي هو السبب وراء غرق “خرج”، أكبر سفن البحرية الإيرانية، في يونيو/حزيران الماضي.
وجرى الإعلان عن ثلاث هجمات على سفينة الحاويات “شهر كرد”، وسفينة شحن استخباراتية مزعومة تُدعى “سافيز”، والناقلة “Wisdom”.
وتعرضت أربع سفن مرتبطة بإسرائيل، بينها سفينة “ميرسر ستريت”، للهجوم في نفس الفترة.
وتُعَد الحرب السرية في المحيط الهندي والبحر المتوسط مجرد جبهة واحدة في صراع أوسع يُخاض باستخدام الطائرات دون طيار والجواسيس والإدارات السيبرانية لدى كلا الجانبين.
إسرائيل ترد بهجمات غير سيبرانية
تقول مصادر مطلعة على استراتيجية إسرائيل العسكرية إنَّها تبنَّت نهجاً غير متناظر يمكن فيه مواجهة هجوم إيراني على سفينة بهجوم سيبراني على البنية التحتية الإيرانية.
وأغرق هجوم سيبراني في مايو/أيار 2020 على ميناء الشهيد رجائي الإيراني خطوط الشحن هناك في حالة من الفوضى.
وسبق أن كشفت صحيفة wall street journal الأمريكية، الخميس 11 مارس/آذار 2021، أن إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 12 سفينة متجهة إلى سوريا، تنقل في الغالب نفطاً إيرانياً، خشية استخدام أرباح النفط لتمويل أذرعها في الشرق الأوسط، فيما وصفه التقرير بـ”فتح جبهة جديدة في الصراع الإسرائيلي الإيراني”.
بالنسبة لإيران، توفر المواجهة في أعالي البحار طريقة بارزة وقليلة المخاطر نسبياً للرد على الهجمات الأخرى حين تشعر أنَّها لا بد أن تؤكد على الردع.
فجاء التسرب النفطي في فبراير/شباط أمام سواحل إسرائيل بعد أسابيع فقط من اغتيال عالم نووي إيراني كبير قرب طهران.
وجاءت الضربة الصاروخية على “Hyperion Ray”، وهي حاملة مركبات تجارية مملوكة لإسرائيل، قرب ميناء الفجيرة الإماراتي بعد يوم من اتهام إيران مخربين إسرائيليين بإحداث انفجار هائل في منشآتها النووية في نطنز في 12 أبريل/نيسان الماضي.
وكانت السفينة الشقيقة لها، “Helios Ray”، قد تعرضت لانفجارات في خليج عُمان قبل ذلك بشهر.
لم يبدأ هذا السلوك بـ”حرب الظل” الحالية، ويصعب أحياناً التمييز بين الصراع البحري الإسرائيلي-الإيراني والحوادث الأخرى.
قال مايكل وايس بوكمان من مجلة Lloyd’s List المختصة بشؤون السفن والشحن: “كانت هناك ضربات للانتقام لأحداث جيوسياسية أخرى. تذكروا الاستيلاء على ناقلة النفط البريطانية Stena Impero بسبب مصادرة جبل طارق لسفينة Grace One”، في إشارة إلى استيلاء إيران على ناقلة نفط بريطانية في 2019.
وأضاف: “جرى الاستيلاء في 2019 على سفينة كورية جنوبية كورقة ضغط مقابل بعض الأموال التي كانت مُجمَّدة في حساب مصرفي. أظن أنَّهم ينظرون إلى الأمر باعتباره ورقة ضغط”.
تمر نحو 20% من تجارة العالم عبر مضيق هرمز يومياً، ومهاجمة السفن هي طريقة جيدة لإجبار العالم على أخذ مصالحك على محمل الجد.
ويبدو أنَّ الهجمات السابقة، سواء كانت باستخدام الألغام اللاصقة أو الطائرات دون طيار أو العبوات الناسفة التي على ما يبدو زُرِعَت في البضائع، تهدف لإيضاح نقطة نظر بصورة مثيرة دون قتل أي شخص فعلاً.
لكنَّ الطائرة دون طيار الانتحارية التي ضربت السفينة التجارية المرتبطة بإسرائيل “ميرسر ستريت” انطلقت مباشرةً نحو جناح المعيشة في السفينة.
وشكل هذا تطور خطير في حرب السفن بين إيران وإسرائيل، فلقد دفع مقتل الضحيتين كلاً من المملكة المتحدة ورومانيا، وهما قوتان بحلف شمال الأطلسي “الناتو”، لدخول المواجهة. وقد سعت كل منهما لفرض ضغوط دبلوماسية على إيران وفي نفس الوقت تجنب التورط في حرب الظل نفسها.
يعتقد معظم المحللين أنَّ حالتي الوفاة كانتا غير مُتعمدتين، لكنَّهما أيضاً تُظهِران تهوراً شديداً.
كان الطاقم يضم أيضاً مواطنين من الصين وروسيا، أهم حليفين لإيران. ولو كان أيٌّ منهم قُتِل، لكان من الممكن أن يتسبب ذلك بمشكلات أخطر لإيران.