الإمارات وإيران بعد وصول رئيسي.. خطوات إماراتية متسارعة تجاه إيران

تجد الإمارات نفسها أمام عدة ظروف متداخلة تمنعها من دعم أي تصعيد عسكري ضد إيران، خصوصاً مع التصعيد المتزايد بين طهران وإسرائيل.

ميدل ايست نيوز: بموازاة الصراع المتصاعد بين طهران والغرب، تسعى الإمارات للسير على حبال إيران، فثمة خطوة جديدة ولافتة في التقارب الإيراني الإماراتي محورها التصريحات الأخيرة للرئيس الإيراني الجديد، ومشاركة أبوظبي في حفل تنصيبه.

كما تسعى الإمارات بشكل لافت نحو خفض التوتر مع إيران، تشير إلى ذلك الخطوات الإماراتية المتسارعة تجاه الموقف من إيران، على الرغم من بعض الخلافات السياسية.

وفي الوقت الذي تتوسع فيه دائرة تحالفها مع “إسرائيل”، تجد الإمارات نفسها أمام عدة ظروف متداخلة تمنعها من دعم أي تصعيد عسكري ضد إيران، خصوصاً مع التصعيد المتزايد بين طهران والاحتلال الإسرائيلي، وسط مخاوف من مواجهة مباشرة بين الجانبين.

رسائل تقارب

بعد مشاركة رسمية كبيرة من أبوظبي في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، أعرب الأخير عن رغبته في تعزيز العلاقات مع دولة الإمارات، وذلك خلال استقباله وفداً إماراتياً برئاسة وزير التسامح، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان.

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية، في 7 أغسطس 2021، أن وفداً برئاسة وزير التسامح التقى الرئيس الإيراني الجديد، وقدّم له التهنئة على توليه منصبه، لكنها لم تحدد موعد اللقاء، وهو أرفع مسؤول إماراتي يزور طهران.

ونقل الوزير الإماراتي خلال اللقاء تحيات وتهاني رئيس البلاد، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ونائبه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، إلى الرئيس الإيراني بمناسبة تقلده منصبه رئيساً لإيران، بحسب الوكالة.

من جانبها ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن الرئيس الإيراني أشاد بالإمارات خلال الاجتماع، ووصفها بأنها “صديقٌ مخلص لإيران”.

كما أعرب “رئيسي” كذلك عن دعمه للعمل المشترك بين البلدين، ورغبة بلاده الجادة والصادقة في تطوير العلاقات مع الإمارات.

تصعيد إيراني إسرائيلي

هذه المشاركة الإماراتية جاءت بالتزامن مع تصعيدٍ واتهامات بين إيران و”إسرائيل”، بعد اعتداءات تعرضت لها سفينة إسرائيلية في بحر عُمان، ومحاولة اختطاف سفينة أخرى قبالة السواحل الإماراتية.

الحادثة الأولى وقعت في 29 يوليو الماضي، عندما تعرضت سفينة إسرائيلية لهجوم أمام سواحل سلطنة عُمان، وقد اتهمت الحكومة الإسرائيلية طهران بالوقوف وراء الهجوم، الذي تقول تقارير إنه وقع بطائرة مسيَّرة.

وتوالت ردود الفعل على استهداف السفينة، حيت قالت الولايات المتحدة وبريطانيا إنهما تدرسان رداً حاسماً ووشيكاً على العملية، فيما قالت دولة الاحتلال إنها ستوضح لإيران حجم الخطأ الذي اقترفته على طريقتها.

وفي 3 أغسطس 2021، قالت وسائل إعلام أمريكية إن حادثة ليس لها علاقة بالقرصنة وقعت بمياه المنطقة قبالة سواحل الفجيرة في الإمارات، ما جعل عدة سفن خارج السيطرة.

ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، حوادث السفن الأخيرة في بحر عمان والإمارات بـ”المشبوهة”، وقال في بيان على موقع الخارجية، إن تعرض ناقلة نفط إسرائيلية لهجوم، وسفينة إماراتية لهجوم ثانٍ، يعد أمراً مثيراً للشك، محذراً من “أية مساعٍ لخلق انطباعات خاطئة بناء على مصالح سياسية خاصة”.

تهديدات إيرانية والحجة “إسرائيل”

وخلال الفترة الماضية، وخصوصاً منذ إعلان الإمارات تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، أرسلت طهران رسائل تهديد متكررة للإمارات، في حال استهدفت “إسرائيل” أمن طهران القومي.

وكانت آخر التصريحات الإيرانية في 19 يوليو، عقب افتتاح أبوظبي سفارتها في دولة الاحتلال الإسرائيلي، حينما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، إن دولة الإمارات ستكون مسؤولة عن تدهور الاستقرار والسلام الناجم عن الوجود الإسرائيلي في المنطقة.

وأوضح خطيب زاده أن “إسرائيل تسعى للحصول على الشرعية من خلال افتتاح الإمارات سفارتها في الأراضي المحتلة”، مضيفاً: “يجب أن تعلم إدارة أبوظبي أنها ستكون مسؤولة عن عدم الاستقرار وتدهور بيئة السلام بسبب الوجود الإسرائيلي في المنطقة”.

ولعل إيران كانت حاضرة بوصفها مبرراً للعلاقات التطبيعية بين “إسرائيل” والإمارات، حتى إن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل السابق، قال: إن “العرب يلتفون حولنا بشكل لم أكن أتوقعه في حياتي، وإسرائيل تبذل جهوداً كبيرة لتشكيل تحالف ضد إيران”.

علاقات مصالح

يتحدث الباحث والكاتب السياسي المصري ياسر عبد العزيز، عن العلاقات الإماراتية الإيرانية، التي قال إنها تدور صعوداً وهبوطاً من خلال ما تراه من مواقف واشنطن من طهران.

ويشير إلى الفترة التي شهدت الاتفاق النووي الغربي مع إيران، قائلاً إنه مع تخفيض أمريكا التصعيد قليلاً مع طهران، وبدء فتح المجال المحدد لإيران، زادت الاستثمارات الإيرانية داخل الإمارات وارتفعت بشكل كبير؛ إلى نحو نحو 200 مليار دولار.

ويقول إن الإمارات كانت وما زالت “حديقة خلفية للتجارة الإيرانية من بعد الثورة الإيرانية، وبوابة الاستثمارات الإيرانية في إطار بعض التفاهمات بين الإمارات وإيران على التوازن نوعاً ما”.

كما يشير إلى أن الإمارات “بشكل أو بآخر تخشى من همينة السعودية على المنطقة كلها، ولذلك تلعب بورقة إيران في بعض الأوقات لإيجاد توازن في علاقتها مع السعودية من ناحية، ومن ناحية أخرى تحاول إيجاد توازن خلال السنين العشر الأخيرة في علاقتها مع أمريكا، مع الوضع في الاعتبار طبعاً حجمها مقابل حجم أمريكا، ووضع القوات الأمريكية التي تحمي الإمارات ودول الخليج”.

وتابع: “بشكل أو بآخر توجد لنفسها مخرجاً أو باباً تستطيع من خلاله أن تتحرك وتفتح مساحات للمناورة مع الإدارة في واشنطن”، مضيفاً: “العلاقة ما بين طهران وأبوظبي علاقة مصلحية”.

ويرى أيضاً أن الإيرانيين يحتاجون للإماراتيين “ليكونوا منفذاً لهم على دول أوراسيا، ومن ثم فإن الإمارات توجد لنفسها ورقة ضغط جديدة، ليس فقط على إيران؛ لكن على دول المنطقة كلها، وتوجد لنفسها مقعداً وسط اقتصادات ناشئة في أوراسيا”.

وإلى جانب ذلك يقول عبد العزيز: “هذا الدور الذي يؤديه الإماراتيون خلال السنوات العشر الأخيرة، ومن ضمن ذلك وجودها في اليمن، هو أحد هذه العناصر التي تكمل فكرة التوسع الإماراتي، وكان لافتاً أنه حتى مع احتلال جزر الإمارات لم تقطع علاقتها بالإيرانيين”.

ويرى أيضاً أن الإمارات “تقف في النصف كمتلقي ضربات في بعض الأحيان إذا ما اشتدت العلاقة ما بين واشنطن وطهران، حيث إن وجود القوات الأمريكية في الإمارات والخليج يضعها على صفيح ساخن، ويبقيها في بعض الأحيان في مرمى الاستهداف الإعلامي أو السياسي، لكن لن يصل إلى ما هو أبعد من ذلك”.

ويلخص فكرته في أن العلاقة ما بين الإمارات وإيران “هي علاقة استراتيجية ولها أبعاد كبيرة”، مشيراً إلى أن الإمارات “تستخدم إسرائيل، وبدأت تتحرك من خلال علاقات أوسع وتطبيع أكبر ضمن أشكال إيجاد التوازنات في علاقتها مع إيران”.

ويضيف: “لذلك حتى مع وجود علاقة اقتصادية كبيرة ما بين الإمارات وطهران إلا أن ذلك لا يمنع بشكل أو بآخر إيران في لحظة ما من أن تغير على الإمارات؛ لكونها دولة صغيرة، حتى مع كمية الأسلحة الكبيرة جداً التي تملكها، فهي لا يمكنها أن تقابل إيران”.

تبادل اقتصادي كبير

رغم حالة التوتر السياسي بين الإمارات وإيران الظاهرة للعلن، فإن التبادل التجاري بين البلدين يشهد ارتفاعاً كبيراً عاماً تلو الآخر، حيث كانت أبوظبي البلد الوحيد الذي شهد نمو الصادرات الإيرانية خلال العام الجاري.

وكشف رئيس غرفة التجارة الإيرانية الإماراتية المشتركة، فرشيد فرزانكان، عن أن قيمة التجارة بين البلدين تبلغ حالياً 15 مليار دولار، مع وجود رغبة بزيادة الصادرات والاستيراد، وبما يتيح لهما في ظل الخطط المحددة بلوغ قيمة الـ30 مليار دولار في مجال التبادل التجاري بحلول العام 2025.

وخلال العام الماضي، بلغ حجم الصادرات إلى الإمارات ما يعادل 3.3 مليارات دولار، وحجم الواردات منها 6.3 مليارات دولار، ليصل إجمالي ميزان التبادل التجاري إلى نحو 9.6 مليارات دولار، لتصبح الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين، وفي صدراة مصدري السلع إلى إيران، وفق مصادر رسمية إيرانية.

وفي تفاصيل العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تستورد طهران 10% من كل وارداتها من الإمارات، فيما تصدر نحو 15% من كل صادراتها عن طريق الإمارات، حسب الإحصائيات الرسمية الإيرانية.

وعلى صعيد الطيران، كانت شركات الطيران (قبل تفشي كورونا) تسير 200 رحلة أسبوعياً من مختلف المدن الإيرانية إلى الإمارات لنقل 100 ألف سائح إيراني، فضلاً عن 600 ألف مواطن إيراني آخرين يقطنون جارة بلادهم الجنوبية، ما يجعلهم أكثر الجاليات المقيمة في البلاد عدداً.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخلبج أونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى