العراق يسعى للتحول إلى “محرك” للمحادثات السعودية الإيرانية

تهدف القمة المقررة في بغداد نهاية الشهر الحالي، إلى منح العراق دورا بناء وجامعا لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة.

ميدل ايست نيوز: بعدما أضعفته الأزمات والحروب المتتالية خلال الأعوام الأربعين الماضية، يسعى العراق اليوم إلى الاضطلاع بدور الوسيط في الشرق الأوسط، من خلال قمة إقليمية تهدف إلى “نزع فتيل” الأزمات في المنطقة.

ويطمح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي وصل إلى السلطة في مايو 2020، في أعقاب حراك احتجاجي مناهض للنظام في أكتوبر 2019، إلى جعل العراق جامعا لطهران والرياض وأنقرة وواشنطن، وفقا لوكالة فرانس برس.

وتهدف القمة المقررة في بغداد نهاية الشهر الحالي، إلى منح العراق “دورا بناء وجامعا لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة”، على ما أكدت مصادر من محيط رئيس الوزراء للوكالة.

لكن ذلك يشكل تحديا لهذا البلد الذي تمارس فيه إيران نفوذا كبيرا، وحيث تبدو السلطات عاجزة عن تلبية تطلعات الشعب، على صعيد العمل والخدمات الأساسية، والإفلات من العقاب، وغيرها من المجالات.

وحتى الآن، تأكد فقط حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اللاعب الوحيد غير الإقليمي المشارك في الحدث، إلى جانب نظيره المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني.

ودعي للمشاركة أيضا الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان، والإيراني إبراهيم رئيسي، فضلا عن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لكنهم لم يؤكدوا حضورهم بعد بحسب مصدر عراقي.

وفي حال حضر الخصمان الإيراني والسعودي معا على طاولة واحدة في هذه القمة، سيشكل ذلك حدثا بحد ذاته، وقد يعزز موقع بغداد “كوسيط”، على ما يشرح الباحث في مركز “شاتام هاوس” ريناد منصور.

وكانت بغداد أصلا، خلال الأشهر الماضية، مسرحا للقاءات مغلقة بين ممثلين عن الرياض وطهران. ويرى منصور أن هدف العراق الحالي هو التحول من موقعه كـ”مرسال” إلى “محرك” للمحادثات بين إيران والسعودية، اللتين قطعتا علاقاتهما في العام 2016.

وحتى الآن، لم يكشف المنظمون العراقيون عن المواضيع التي ستطرح خلال القمة.

وأوضح مراقب غربي متابع للملف، طلب عدم كشف هويته، أن “العراق يريد الإمساك بزمام الأمور في تحديد مساره، ولا يرغب بعد اليوم أن يخضع لتأثيرات التوترات الإقليمية”. كذلك يفترض أيضا أن تطرح خلال القمة قضية سيادة العراق.

وقد يطرح في القمة ملف حساس آخر هو العمليات العسكرية التي تخوضها تركيا في شمال العراق وفي كردستان العراق ضدّ متمردي حزب العمال الكردستاني المصنف “إرهابياً” من قبل أنقرة.

وتثير الضربات التركية المتكررة التي تودي أحياناً بحياة مدنيين على الأراضي العراقية استياء بغداد لكنها لم ترفع النبرة كثيراً في هذا الملف ضد جارتها تركيا التي هي أحد أبرز شركائها التجاريين.

وعلى الصعيد الداخلي تأتي القمة، قبل أقل من شهرين على الانتخابات التشريعية المبكرة التي تنظم فيما يعيش العراق أزمة اجتماعية واقتصادية وسط تفشي وباء كوفيد-19.

ويشير ريناد منصور إلى أن “العراقيين لا يشعرون بأن هذه الحكومة تمثلهم”، مضيفاً أن “الكثير من العراقيين يجدون أنفسهم ضحايا للفساد” المزمن المستشري في كل مفاصل المجتمع، فيما شهد العراق صيفا حارا وجافا تخللته حرائق في مستشفيات اسقطت ضحايا، وانقطاع لللكهرباء.

وعلى الرغم من أن الكاظمي غير مرشح لمقعد برلماني، لكنه قد يسعى إلى العودة رئيساً للوزراء لولاية كاملة من خلال “ائتلاف حكومي جديد تتفق عبره كل الأحزاب على رئيس للوزراء”، على ما توضح مارسين الشمري، فيما عليه الموازنة في الوقت بين الاهتمام بالقضايا الداخلية الطارئة والقضايا الإقليمية، بدون تغليب الأخيرة على أزمات الداخل.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
swissinfo

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

10 − 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى