وصول طالبان إلى السلطة بأفغانستان.. ما تأثيره على الاقتصاد الإيراني؟
تعد أفغانستان واحدة من الدول الإستراتيجية في التجارة مع إيران، وقد تلقت العام الماضي حوالي 8% من إجمالي صادرات إيران، وكانت خامس أكبر وجهة تصدير لإيران.
ميدل ايست نيوز: تعد أفغانستان واحدة من الدول الإستراتيجية في التجارة مع إيران، وقد تلقت العام الماضي حوالي 8% من إجمالي صادرات إيران، وكانت خامس أكبر وجهة تصدير لإيران.
وبحسب الإحصائيات الرسمية وقبل التطورات الأخيرة في أفغانستان، وصلت حوالي 40% من إجمالي واردات أفغانستان من البضائع الإيرانية، وجعل صعود حركة طالبان تجارة إيران مع هذا البلد في حالة من الغموض.
وصرح حسين سليمي رئيس الغرفة الإيرانية الأفغانية المشتركة، عن وصول صادرات إيران إلى أفغانستان في العام الماضي إلى 2.9 مليار دولار، مضيفا أن إجمالي الصادرات الإيرانية يمثل حوالي 37% من السوق الأفغانية.
وصول الصادرات إلى الصفر
وقال سليمي إن الهدف كان تصدير ما يعادل 200 مليون دولار شهريا إلى أفغانستان، والتي وصلت الآن إلى الصفر، وشدد على أن صادرات إيران إلى أفغانستان تعتمد على التطورات السياسية المستقبلية في البلاد، ورغم أن حدود البلدين قد تكون مفتوحة، فإنه يتعين على التجار ضمان أمن بضائعهم وإعادة أموالهم.
مع زيادة العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران وانهيار سوق الصرف الأجنبي بين البنوك وكذلك زيادة حجم المعاملات في الأسواق المحلية والهامشية، يقوم العديد من رجال الأعمال الإيرانيين بتحويلاتهم المالية من خلال مكاتب الصرافة في الدول المجاورة.
صعود الدولار
وتعد مدينة هرات في أفغانستان من أهم المدن في تحديد سعر صرف الدولار مقابل الريال الإيراني، إلى جانب بعض مدن مثل دبي وإسطنبول والسليمانية، والآن مع انعدام الأمن في الأيام الأخيرة وإغلاق بعض مكاتب الصرافة وتراجع الصادرات الإيرانية إلى أفغانستان، يعتقد بعض المحللين أن ذلك سيمهد الطريق أمام صعود سعر الدولار في السوق المحلية الإيرانية.
وأشار الدكتور سعيد ليلاز الخبير في الشؤون الاقتصادية خلال حديثه في تطبيق “كلوب هاوس”، إلى أنه تم تشكيل سوق هرات خلال العقوبات الأميركية على إيران، والتي لعبت إلى جانب سوق السليمانية دورا مهما للغاية في تحييد العقوبات الأميركية، وتخفيف معاناة إيران للوصول إلى الدولار.
وأضاف ليلاز “على حد علمي، تنقل مئات الشاحنات البضائع بين ميناء تشابهار (ميناء إيراني في جنوب شرق إيران معفي من العقوبات الأميركية وسمح لأفغانستان بالوصول إلى بحر عمان) وأفغانستان في صمت تام، لذا فهي تعطي الكثير من موارد النقد الأجنبي لإيران”.
المهاجرون الأفغان
تسبب الصراع الداخلي في أفغانستان ووصول طالبان إلى السلطة في تدفق مهاجرين جدد نحو إيران، وأعلن حسين ذو الفقار، نائب وزير الداخلية لشؤون الأمنية في العام الماضي عن وجود ما يقرب من 3 ملايين أفغاني في إيران.
وحسب الإحصائيات الموجودة، يعيش 97% من اللاجئين الأفغان مع الإيرانيين وأقل من 3% في مخيمات، وبالنظر إلى إنفاق إيران تكاليف باهظة كل عام في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والأمنية للاجئين، فضلا عن تقليص فرص العمل للشباب الإيراني، تتعرض إيران لضغوط اقتصادية كبيرة، خاصة أنها تواجه الآن العقوبات الأميركية مع توسع انتشار فيروس كورونا في البلاد.
الاستثمار الأجنبي
يعتقد بعض الاقتصاديين أن طالبان تساعد دائما في تصعيد التوترات والحرب في المنطقة، مما يعني مضاعفة المخاطر على إيران (كدولة جارة لأفغانستان) والاقتصاد الإيراني وصعوبة جذب الاستثمار الأجنبي أكثر من أي وقت مضى.
ويرى بير محمد ملازهي الخبير في شؤون أفغانستان وشبه القارة الهندية أن أفغانستان سوق جيدة للبضائع الإيرانية، وأن طالبان تميل إلى توفير الغذاء والوقود عبر القناة الإيرانية.
وأشار ملازهي في حديثه للجزيرة نت إلى أن الصين تحاول لعب دور مهم في اقتصاد أفغانستان مع طالبان وتقليل النفوذ الغربي أو القضاء عليه، وحسب محادثات الصين مع طالبان، سيتم إدراج أفغانستان في مشروع “حزام واحد طريق واحد”، وهو ضروري لاستخراج مناجم أفغانستان باهظة الثمن التي تقدر بنحو تريليوني دولار، وكذلك بموجب العقد الموقع بين إيران والصين الذي يمتد إلى 25 عاما.
وأضاف ملازهي “يبدو أن باكستان تخوض منافسة جادة مع الاقتصاد الإيراني من وراء الكواليس، وهدفها إفشال الاتفاقية الاقتصادية الثلاثية بين الهند وأفغانستان وإيران بشأن ميناء تشابهار، وأن تربط اقتصاد أفغانستان بميناءي جوادر وكراتشي في باكستان، وتجعل أفغانستان تعتمد أكثر على باكستان على حساب إيران”.
لقد أصبح مصير العلاقات التجارية بين إيران وأفغانستان على المحك بعد وصول طالبان إلى السلطة بالنسبة للاقتصاد الإيراني، ورغم وجود الحدود والقواسم المشتركة الثقافية واللغوية والتجارية بين البلدين، فإن رغبة بعض الدول مثل باكستان والصين والإمارات لحضور أكثر حيوية في السوق الأفغانية تزيد من قلق إيران بشأن هذه القضية.