ما انعكاسات المفاوضات الإيرانية السعودية على أزمة اليمن؟

تضع المباحثات السعودية الإيرانية العديد من التساؤلات حول احتمالية تطور العلاقات بين الدولتين المتخاصمتين منذ عقود.

ميدل ايست نيوز: رغم استبعاد إمكانية التوصل إلى صيغة تفاهمية متكاملة خصوصاً مع استمرار هجمات جماعة أنصارالله (الحوثي) على السعودية، لا تزال التصريحات عن مفاوضات الرياض وطهران ووصولها إلى مراحل متقدمة تخرج للعلن بين الحين والآخر.

وقطعت السعودية وإيران العلاقات الدبلوماسية في 2016، لكنهما مؤخراً أجرتا أربع جولات من المباحثات في بغداد برعاية الحكومة العراقية، بعدما كان مسؤولو بغداد ينقلون الرسائل بين إيران والسعودية على مدى سنوات، خصوصاً مع استمرار الحرب اليمنية التي ألقت بظلالها على العلاقات بين الجانبين.

وتضع المباحثات السعودية الإيرانية العديد من التساؤلات حول احتمالية تطور العلاقات بين الدولتين المتخاصمتين منذ عقود، وانعكاس ذلك على المنطقة وملف الأزمة اليمنية على وجه التحديد، والتي تضررت منها الرياض بشكلٍ كبير إزاء هجمات الحوثيين المتمردين باليمن.

لا تتوقف التصريحات المتبادلة بين الجانبين عن لقاءات وعقد مباحثات، كان آخرها في 3 أكتوبر 2021، حين كشفت السعودية عن أنها عقدت جولة رابعة من المفاوضات المباشرة مع إيران، في 21 سبتمبر الماضي، مشيرة إلى أنها ما تزال في مرحلتها “الاستكشافية”.

وقال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحفي في الرياض مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إن هذه الجولة من المفاوضات هي الأولى منذ أن تسلم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي منصبه، في أغسطس الماضي.

وأضاف بن فرحان: “بالنسبة للمفاوضات مع الجانب الإيراني فالجولة الرابعة تمت بالفعل في 21 سبتمبر”، وفقاً لقناة “العربية” السعودية.

ولم يحدد مكان انعقاد هذه الجولة، لكن العراق استضاف جولات المفاوضات السابقة بين جارتيه.

ويضيف: “نأمل أن تضع أساساً لمعالجة المواضيع العالقة بين الطرفين، وسنسعى ونعمل على تحقيق ذلك”.

يعتبر شهر سبتمبر 2021، واحداً من أكثر الشهور الأخيرة التي صعدت فيها قوات أنصارالله، من هجماتها ضد المنشآت الهامة في السعودية والمدن السكنية، في وقتٍ لا تزال الحرب الدائرة في اليمن مستمرة بشكل متصاعد، خصوصاً في مأرب شرق العاصمة صنعاء حيث تدعم مقاتلات التحالف الجيش اليمني ضد الحوثيين.

وبينما كان يعتقد كثيرون أن المحادثات المباشرة بين السعودية وإيران وإذابة الجليد بينهما تبشر بخفض التصعيد في الشرق الأوسط، وعودة الهدوء إلى المنطقة، فإن الهجمات الحوثية تشير إلى عكس ذلك.

ولعل آخر الهجمات كانت بالتزامن مع تصريحات الوزير السعودي، بعدما أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، في 3 أكتوبر، اعتراض وتدمير طائرة مسيرة مفخخة أطلقتها مليشيا الحوثي تجاه المملكة، هي الثالثة خلال يومين.

وقال التحالف العربي المخرط في الحرب باليمن في بيان له: “نتعامل مع مصادر التهديد؛ لحماية المدنيين والأعيان المدنية من الهجمات العدائية”.

يستبعد الكاتب والباحث اليمني نصر الحمادي، حدوث أي تقدم كبير في الظروف الراهنة بين طهران والرياض، من خلال المفاوضات المعلن عنها من قبل الجانبين.

ويرجع ذلك إلى “تعقيدات واشتباكات المواقف بين البلدين في كثير من الملفات، وعلى رأسها الوضع في اليمن، الذي تدور مواجهات فيه منذ نحو 7 سنوات”.

ويقول: “للأسف لم يرَ أحد الحد الأدنى المطلوب توافره لإذابة جليد الخلافات بين العاصمتين، وأبرز ذلك الهجمات الحوثية المستمرة على السعودية والتي نراها بشكل يومي، ومحاولة الحوثيين تحقيق تقدم عسكري في مأرب اليمنية”.

ويضيف: “لن يحدث أي تقدم في هذه المفاوضات في حال لم توقف إيران دعم الحوثيين، أو على أقل تقدير إرغامهم على وقف تصعيدهم داخلياً وخارجياً، ما دون ذلك فأي حديثٍ عن تقدمات مجرد تصريحات دبلوماسية ليس إلا”.

وتابع: “أعتقد أن لا شيء يشير إلى أن هناك تقدماً في مسألة المفاوضات، فالمؤشرات لن تظهر بشكل واضح إلا إذا أسهمت أيضاً إيران في دفع التسوية السلمية باليمن، وهو أمر لا أفق له بالوقت الراهن، خصوصاً أن طهران تخطط للسيطرة على اليمن بأكمله عبر الحوثي”.

ووصف الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إيران بـ”الدولة الجارة”، وأعرب عن أمله في التوصل إلى “نتائج ملموسة” مع طهران في المفاوضات الجارية.

وقال العاهل السعودي في كلمة له، في سبتمبر الماضي: إن “إيران دولة جارة، ونأمل أن تؤدي محادثاتنا الأولية معها إلى نتائج ملموسة لبناء الثقة. والتمهيد لتحقيق تطلعات شعوبنا في إقامة علاقات تعاون مبنية على الالتزام بمبادئ وقرارات الشرعية الدولية، واحترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.

وعلى الرغم من التصريحات السعودية حول المفاوضات مع إيران، فإنها لا تزال تبدي قلقها من نفوذ إيران الإقليمي، وتتهمها بـ “التدخل” في دول عربية مثل اليمن وسوريا والعراق ولبنان، كما تتوجس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.

ودعا الملك سلمان طهران إلى “وقف جميع أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والمليشيات الطائفية التي لم تجلب إلا الحرب والدمار والمعاناة لجميع شعوب المنطقة”، في إشارة إلى الحوثيين في اليمن الذين صعدّوا من هجماتهم على مدن جنوب المملكة بواسطة الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية.

وكانت السعودية قد دشنت حملة عسكرية أطلقت عليها “عاصفة الحزم”، أواخر مارس 2015، للوقوف إلى جانب الشرعية ممثلة بحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مواجهة انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران، والذين سيطروا على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.

أما العلاقات بين الرياض وطهران فقد شهدت قطيعة منذ مطلع عام 2016، إثر اقتحام سفارة المملكة في طهران، خلال احتجاجات على تنفيذ السلطات السعودية حكماً قضائياً بإعدام رجل الدين الشيعي البارز، نمر النمر، وآخرين، واستمرت الخلافات بشأن موقف البلدين من الحرب في اليمن والاتهامات السعودية لإيران بدعم الإرهاب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة + واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى