روسيا تدعو للعودة “الفورية” إلى مفاوضات فيينا النووية… وإيران تنتظر خطوات أميركية
أكد لافروف أنّ موسكو تتفق مع طهران حول "ضرورة التطبيق الكامل للاتفاق النووي"، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام بتعهداتها بالاتفاق.
ميدل ايست نيوز: دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الأربعاء، خلال مؤتمر صحافي مشترك في موسكو، مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى العودة إلى مفاوضات فيينا “فوراً”، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّ طهران “مستعدة لاستئناف المفاوضات بشأن الاتفاق النووي في أسرع وقت ممكن”.
وأكد لافروف أنّ موسكو تتفق مع طهران حول “ضرورة التطبيق الكامل للاتفاق النووي”، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام بتعهداتها بالاتفاق.
وأعلن لافروف رفض موسكو ضم قضايا أخرى إلى مفاوضات إحياء الاتفاق النووي في فيينا، من خلال القول إنّ “بعض الدول تسعى إلى إجبار إيران على القبول بتعهدات جديدة، وهذا يجب أن يكون عبر الحوار. فمحاولات هذه الدول لربط الحفاظ على الاتفاق النووي بتقديم إيران تنازلات حول بقية القضايا غير نافعة”.
وشدد وزير الخارجية الروسي على أنّ بلاده “ستواصل تعزيز علاقاتها التجارية مع إيران، على الرغم من العقوبات الأميركية”، معلناً موافقة بلاده على إنتاج اللقاح الروسي “سبوتنيك في” المضاد لفيروس كورونا في إيران.
كما أشار لافروف إلى أنّ مباحثاته مع نظيره الإيراني تناولت الأوضاع في أفغانستان، وسورية وعملية أستانة، والتطورات في منطقة القوقاز.
ودعا لافروف “طهران والدول العربية في المنطقة إلى التفاوض”.
من جهته، أعلن عبد اللهيان أنّ طهران ستعود “قريباً” إلى مفاوضات فيينا، قائلاً إنه أبلغ نظيره الروسي بأنه “بعد الانتهاء من تقييماتنا (من الجولات الست السابقة) سنعود قريباً إلى المفاوضات”.
وأضاف عبد اللهيان أنّ “إيران أهل للتفاوض”، لكن اشترط أن تكون “مفاوضات تؤمّن حقوق شعبنا وتدفع جميع الأطراف إلى الالتزام بتعهداتها”، كاشفاً عن تلقّيه رسائل عبر الوسطاء من الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء زيارته لنيويورك الشهر الماضي للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال إنّ بايدن أكد في رسائله أنّ لديه إرادة جدية لتفعيل الاتفاق النووي، مؤكداً أنّ “ما يهمنا هو خطوات عملية وليس مجرد رسائل”.
وأوضح الوزير الإيراني أنّ طهران ترحّب بزيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي “في إطار فني وفي أي وقت يريد”، غير أنه أعلن رفض بلاده السماح لمفتشي الوكالة بزيارة موقع “تسا” النووي بمنطقة كرج القريبة من طهران، وهو موقع لصناعة قطع أجهزة الطرد المركزي، تعرّض لـ”عملية تخريبية”، خلال يوليو/تموز الماضي، اتهمت إيران، الاحتلال الإسرائيلي بالضلوع فيها.
وعلى صعيد التوترات مع أذربيجان في جنوب القوقاز، قال وزير خارجية إيران “إننا قلقون جداً من التحركات الاستفزازية للكيان الصهيوني في هذه المنطقة”، مؤكداً أنّ إيران “لن تجامل أحداً في تأمين أمنها وأمن المنطقة”. كما شدد على أنّ إيران “لن تقبل بتغيير جيوسياسي في جنوب القوقاز”، لافتاً إلى أنها “لن تحتمل أي تواجد إسرائيلي بالقرب من حدودها”.
وعن العلاقات الثنائية بين إيران وروسيا، أكد الوزير الإيراني رغبة طهران في تحقيق “قفزة كبيرة” فيها وزيادة التبادل التجاري، مشيراً إلى اتفاقه مع لافرووف على لقاء قريب بين الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في عاصمة أحد البلدين.
ولفت إلى اتفاق ثنائي لرسم خارطة طريق بشأن العلاقات الثنائية، قائلاً: “إننا نطمح إلى توسيع العلاقات التجارية، كما هو الحال على الصعيد السياسي”. وأشار عبد اللهيان إلى مناقشة قضايا إقليمية ذات الاهتمام المشترك في لقائه مع لافروف، كاشفاً عن اعتزام طهران استضافة اجتماع لوزراء خارجية الدول الجارة لأفغانستان قريباً، وقال إنّ روسيا ستشارك في الاجتماع.
كما أوضح أنّ إيران ستشارك في اجتماع “صيغة موسكو” حول أفغانستان، والذي ستعقده روسيا خلال المرحلة المقبلة.
وكان عبد اللهيان قد أكد، في تصريحات له في موسكو في وقت سابق اليوم، أنّ بلاده لن تقبل بالتفاوض لأجل التفاوض، في إشارة إلى مفاوضات فيينا المتعثرة، والتي تجري بين طهران وواشنطن بشكل غير مباشر بواسطة أطراف الاتفاق النووي بغية إحياء هذا الاتفاق.
وأضاف عبد اللهيان: “إذا واصلت المفاوضات المسار الذي سلكته خلال السنوات الثماني الماضية، وكان الهدف هو التفاوض لأجل التفاوض، فحينئذ ستتخذ الجمهورية الإسلامية الإيرانية قراراً مناسباً” رداً على ذلك، وفقاً لوكالة “مهر” الإيرانية شبه الرسمية. وأكد أنه “في حال التوصل إلى اتفاق خلال مفاوضات فيينا المقبلة مع بقية الأطراف، وتحقيق نتائج ملموسة لمصلحة تأمين حقوق الشعب الإيراني، فسيدعم هذا الاتفاق البرنامج الاقتصادي للحكومة الـ13”.
وعن العلاقات مع روسيا، أكد وزير الخارجية الإيراني أنه يحمل رسالة للرئيس الروسي وكبار المسؤولين الروس، بأن “الحكومة الإيرانية الجديدة مستعدة لتحقيق قفزة جادة ومؤثرة خلال فترة قصيرة في العلاقات الثنائية بين البلدين”. وأضاف أن رؤية الرئيس الإيراني لهذه العلاقات “ليست إجراء حوار ومقابلة ومن ثم ينتهي الأمر”، مشيراً إلى أنّ الحكومة الإيرانية “عملية، ولديها استعداد لتطبيق جميع الاتفاقيات والوثائق ونتائج حوارات السيد بوتين خلال زيارتيه إلى إيران ولقائه قائد الثورة المعظم”.
وأوضح عبد اللهيان أنّ العلاقات مع روسيا ودول الجوار “تشكل أولوية السياسة الخارجية لإيران”، مشيراً إلى أنّ الحكومة بصدد تحقيق التنمية الاقتصادية من دون ربطها بالعقوبات الأميركية.
وقبيل زيارة الوزير الإيراني، ناقش لافروف، مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، استئناف “خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)”، في اتصال هاتفي. وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، إنّ المحادثة جرت اليوم الأربعاء، بمبادرة من الجانب الأميركي.
وأوضح البيان أنّ “الطرفان تبادلا وجهات النظر حول آفاق استئناف التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة لتسوية البرنامج النووي الإيراني”، كما ناقش الجانبان عدداً من القضايا المطروحة على الأجندة الثنائية.
وكان عبد اللهيان قد توجّه، مساء أمس الثلاثاء، إلى العاصمة الروسية موسكو على رأس وفد، لإجراء مباحثات مع لافروف، في أول زيارة له بعد تعيينه في هذا المنصب خلال أغسطس/آب الماضي.
وستركز مباحثات عبد اللهيان في روسيا على أوضاع سورية، وأفغانستان، وتطورات الاتفاق النووي، ومفاوضات فيينا لإحياء الاتفاق، والتوتر بين طهران وجمهورية أذربيجان، والأمن في الخليج والشرق الأوسط.
وبعيد وصوله إلى موسكو، قال عبد اللهيان إن بلاده تتوقع من روسيا أن “تبدي حساسية تجاه التغيير المحتمل للحدود في المنطقة، وتجاه حضور الإرهابيين، وتحركات الكيان الصهيوني في المنطقة، والتي تشكل تهديداً للسلام والاستقرار والأمن فيها”.
وفي معرض رده على سؤال حول موقف روسيا من تطورات القوقاز في ضوء عدم اتخاذها موقفاً واضحاً منها، أكد عبد اللهيان أنه سيجري مباحثات مفصلة مع لافروف بهذا الخصوص، اليوم الأربعاء.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى روسيا على وقع توتر متصاعد بين طهران وباكو هذه الأيام، ومخاوف إيرانية من تغييرات جيوـ سياسية في حدودها مع القوقاز، بعد اتهامات لأذربيجان وتركيا بالسعي إلى إلغاء حدودها مع أرمينيا، وتصويب على العلاقات الإسرائيلية الأذربيجانية، وحديث إيراني عن وجود قوات إسرائيلية بالقرب من حدودها داخل الأراضي الأذربيجانية، وسط نفي متكرر من باكو لصحة هذه الاتهامات.