ما الخيارات المتاحة لدول مجلس التعاون في الملف النووي الإيراني؟
يزيد من تصاعُد اهتمام دول المجلس بالملف الإيراني، خصوصاً في الآونة الأخيرة، التحولات في المشهدين العالمي والإقليمي.
ميدل ايست نيوز: تعتبر دول مجلس التعاون استمرار إيران في تطوير قدرتها النووية، أحد عوامل عدم الاستقرار التي تهدد المنطقة ولا يمكن توقع نتائجه سواء حالياً أو على المدى البعيد.
ويبدو أن هذه الدول ترى أن إنهاء هذا الملف لن يأتي إلا من خلال وسائل الضغط الدبلوماسية، وعلى الرغم من أنها ليست طرفاً في المفاوضات مع إيران، فإنها ترى نفسها المعنِيَّ الأول بتطورات الملف الإيراني وبالسياسات الإقليمية لطهران.
ويزيد من تصاعُد اهتمام دول المجلس بالملف الإيراني، خصوصاً في الآونة الأخيرة، التحولات في المشهدين العالمي والإقليمي، سواء من ناحية مؤشرات الانسحاب الأمريكي من المنطقة.
حراك سياسي
منذ توليه مقاليد الحكم مطلع العام الجاري، حرَّك الرئيس الأمريكي جو بايدن دبلوماسيته بشكل مكثف، في إطار حل مسألة الاتفاق النووي، والتي كان آخرها إعلان المبعوث الأمريكي إلى إيران، روبرت مالي، عن نيته زيارة كلٍّ من السعودية، وقطر، والإمارات.
وقال “مالي”، في تصريحات له، في 13 أكتوبر: “سنناقش مع حلفاء الولايات المتحدة بالسعودية والإمارات وقطر خلال الأيام المقبلة، المسألة الإيرانية”.
وأضاف: “ما زلنا نعتقد أن العودة إلى الاتفاق النووي هي النتيجة الأفضل، ولكن هناك احتمالية حقيقية لعدم عودة طهران، وسنتحدث مع حلفائنا بشأن الخيارات التي لدينا للسيطرة على البرنامج النووي الإيراني في حال عدم العودة إلى الاتفاق النووي”.
وأكد أنه من حق الجميع “القلق مما يرونه من برنامج إيران النووي، وبلادنا مستعدة للتفاوض على اتفاق مختلف مع طهران بفيينا، في حال أراد الإيرانيون وضع قضايا أخرى على الطاولة كما سمعنا”.
ويُتوقع أن يعيد بايدن إحياء المفاوضات مع إيران مجدداً بخصوص الاتفاق النووي الموقع عام 2015، والذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في مايو 2018.
وتخشى دول خليجية، مثل السعودية، من حصول أي تقارُب بين واشنطن وطهران خلال المرحلة المقبلة، بعد أربع سنوات من التصعيد والتوتر مرَّت خلال حقبة ترامب، فرض خلالها الأخير كثيراً من العقوبات الاقتصادية والتضييق على إيران؛ لمنع تمدُّدها، وإيقاف نشاط المليشيات المرتبطة بها في العالم العربي.
تصريحات لدول عربية
من واشنطن، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إنه التقى نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن منتصف أكتوبر 2021، وتبادلا وجهات النظر إزاء البرنامج النووي الإيراني والمفاوضات الدولية المبذولة في هذا الشأن.
وقال “بن فرحان” على “تويتر”: إن “مباحثات مثمرة أجريتها مع وزير الخارجية الأمريكي بحثنا خلالها عديداً من المواضيع، ومنها تعزيز أوجه التعاون الاستراتيجي بالمجالات كافة، والعمل على تكثيف التنسيق المشترك في عديد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم بلدينا الصديقين”.
فيما ذكرت الخارجية السعودية، أن الوزير التقى أيضاً المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران روبرت مالي، وناقش معه “تكثيف الجهود المشتركة للتصدي للانتهاكات الإيرانية للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالاتفاق النووي”.
وفي 13 أكتوبر الجاري، أكد وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ضرورة أن تتواصل دول مجلس التعاون مع إيران “بعيداً عن أي تدخلات”، مشيراً إلى أن مصلحة الجميع “عودة العمل بالاتفاق النووي، وسنقدم أي دعم مطلوب لتحقيق ذلك”.
كما عبَّر في تصريحات سابقة، في سبتمبر الماضي، لقناة “سي إن إن” الأمريكية، عن أمله أن تعود واشنطن إلى الاتفاق النووي في أقرب وقت ممكن، قائلاً إنه لا يمكن تحمُّل رؤية سباق نووي أو تسلّح.
وشدد على أن “الاتفاق النووي مهم جداً، ونحن نشجع إيران على الانخراط مجدداً في مفاوضات إعادة إحيائه، كما نشجع الدول الخليجية الأخرى على الانخراط مع إيران”.
مخاوف جدية
يؤكد الباحث في الشأن الإيراني، إسلام المنسي، وجود مخاوف “جدية” لدى دول الخليج، تتعلق بـ”إطلاق يد إيران في المنطقة على غرار ما حدث في 2015″.
ويشير إلى أن هذه المخاوف نابعة من إمكانية عودة إيران إلى “الاتفاق النووي من دون أن يتم تقييد برنامجها الصاروخي وتوسعاتها الإقليمية في المنطقة”.
وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، شدد المنسي على ضرورة أخذ هذه المخاوف “بعين الاعتبار سواءً شاركت دول مجلس التعاون في هذه المفاوضات أو لا”.
ويوضح قائلاً: “تتلخص هذه المخاوف في الخطر النووي، والخطر الصاروخي والتوسعات”، مشيرة إلى أنه “إذا تضمن الاتفاق الجديد مع إيران هذين الأمرين فستكون دول الخليج أسعد الأطراف بهذا الاتفاق”.
لكنه شدد على خطورة التساهل في هذا الأمر قائلاً: “إذا تكررت الأخطاء التي شملها اتفاق 2015، فستكون هذه الدول متضررة، لأن إيران على وشك أن تتحول إلى قوة نووية تملك قوة صاروخية تهدد أمن المنطقة والعالم وأيضاً يعطيها مزيداً من القوة لنشر مليشياتها الإرهابية في المنطقة”.
ويرى أن خيار دول الخليج في مسألة النووي الإيراني يكمن بإشراكها في أي مفاوضات قادمة بهذا الشأن، وأن تقوم واشنطن بإدراجها ضمن أي اتفاق، في فيينا، “لأنها ترى أنها معنية بالوضع بعد الاتفاق المبرم، وأن أكثر المتضررين هما السعودية والإمارات”.
مطالبات سابقة
منتصف يونيو الماضي، شدد وزراء خارجية دول مجلس التعاون على ضرورة إشراكهم في مباحثات فيينا النووية، قائلين إن هذه المباحثات النووية يجب أن تأخذ في الاعتبار برنامج الصواريخ الإيراني.
وفي بيان مشترك صدر بعد اجتماع الدورة الـ148 للمجلس في الرياض، أكد الوزراء “خطورة الفصل بين تداعيات الاتفاق النووي الإيراني وزعزعة الأمن والاستقرار لدول مجلس التعاون”.
وأشاروا إلى “ضرورة التزام إيران بالأسس والمبادئ الدولية ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم استخدام العنف”.
وشددوا على “ضرورة أن تشمل المباحثات في فيينا نشاط إيران المزعزع للاستقرار وبرنامج الصواريخ الباليستية ودعمها للإرهاب”، معلنين عن دعمهم لـ”الجهود الدولية الرامية إلى ضمان عدم تطوير إيران سلاحاً نووياً”.
ودعا مجلس التعاون إيران إلى “التراجع عن نسبة تخصيب اليورانيوم الذي يدل على أن البرنامج ليس سلمياً، والانخراط في المباحثات بجدية، وعدم تعريض المنطقة للخطر”.
وفي المقابل، اتهمت إيران، أكثر من مرة، كان آخرها مطلع أكتوبر الجاري، السعودية باستخدام كل طاقتها لتقويض الاتفاق النووي خلال المفاوضات الماضية.
وسعياً لإحياء الاتفاق، خاضت إيران والدول التي لا تزال منضوية في الاتفاق، بمشاركة أمريكية غير مباشرة، 6 جولات من المباحثات في فيينا، بين مطلع أبريل ويونيو من العام الجاري، دون تحديد موعد لجولة جديدة.