كيف بنت السعودية قوتها الصاروخية في مواجهة التسلح الإيراني؟
هناك شائعاتٌ مستمرةٌ تفيد بأن المملكة السعودية حصلت على كميةٍ محدودةٍ من الأسلحة النووية من باكستان، أو رتَّبَت لنقل بعضها في حالة نشوب صراع.
ميدل ايست نيوز: منذ نجاح الثورة الإيرانية عام 1979 ووصول رجال الدين إلى الحكم في طهران، شعرت دول المنطقة العربية بحالة من القلق بسبب هذه التغيرات. وكانت السعودية- العدو اللدود لإيران- أبرز المتضررين من التغيرات التي حدث على الضفة الثانية من الخليج.
القلق لم يقف عن التوتر السياسي فقط من قبل الرياض بل انتابها القلق من التطورات العسكرية والقدرة الصاروخية التي باتت إيران تمتلكها عقب حرب الخليج الأولى بينها وبين العراق في عام 1980.
وبسبب هذه الحرب وجدت الرياض نفسها على أنها منخرطةٌ في صراعٍ ملحمي للهيمنة على الشرق الأوسط، ووجَّهَت سياساتها الخارجية نحو محاربة التهديد الإيراني المُتصوَّر، حتى في الأماكن التي يكون نفوذها فيها معتدلاً في أحسن الأحوال، ومن ثم بحثت عن طريقة لتحصل على الصواريخ البالستية حتى تصبح رادعاً لإيران بحسب تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
بالنظر إلى الحدود المفروضة على القوات الجوية والبحرية الإيرانية ينشغل صقور إيران بإمكانية امتلاك سلاح باليستي. طُرِحَ سابقاً أن تطوير إيران المستمر لمثل هذه الصواريخ يُعتَبَر بمثابة سببٍ للحرب، واستُشهِدَ بذلك لتبرير انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المُبرَم في 2014 (الذي مَنَعَ إيران من تطوير رؤوس نووية، ولكن ليس صواريخ باليستية من شأنها حمل هذه الرؤوس). غالباً ما يتجاهل كثيرون أن إسرائيل والمملكة السعودية نفسيهما تمتلكان بعضاً من أكبر ترسانات الصواريخ الباليستية في المنطقة- وهذا هو موضوع المقال.
بدأ برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني خلال مرحلة “حرب المدن”، أثناء الحرب العراقية الإيرانية المدمِّرة، عندما أمطرت بغداد المدن الإيرانية الكبرى بمئاتٍ من صواريخ سكود. ورغم أن إيران تمكَّنَت من الحصول على عددٍ قليلٍ من صواريخ سكود من ليبيا للردِّ على العراق، لم تتمكَّن في الغالب من الردِّ إلا بالهجمات الجوية- مِمَّا وضع أسطولها المتضائل من الطائرات الحربية أمريكية الصنع في خطر.
السعودية ورحلة بناء قوتها الصاروخية
انتاب التوتُّر المملكة السعودية أيضاً من ترسانة الصواريخ الضخمة بشكلٍ واضح في العراق. وإذ لم تتمكَّن الرياض من الحصول على الصواريخ الباليستية الأمريكية، فقد ذهبت في المقابل إلى بكين، التي سبق أن أثبتت استعدادها لتصدير الأسلحة إلى إيران عندما رفضت موسكو وواشنطن القيام بذلك.
في العام 1987، نقلت الصين ما بين 30 إلى 120 صاروخ باليستي متوسط المدى من طراز دونغفنغ دي إف 3 ايه، إلى الرياض ويبلغ طول هذا النوع من الصواريخ 24 متراً، ويتطلَّب عشراتٍ من مركبات النقل والإطلاق. بمجرد أن تُملأ الصواريخ بالوقود السائل، يمكن أن تضرب أهدافاً على بُعدِ 2700 ميل، رغم أنها تتطلَّب مناصب إطلاق خاصة. وشكَّلَت المملكة السعودية قوةً صاروخية إستراتيجية خاصة بها، الأمر الذي أثار إزعاج واشنطن.
وبعد أربع سنوات فقط، انتهى الأمر بالرياض في حربٍ مع بغداد، وسقط 46 صاروخاً عراقياً على الأراضي السعودية. ومع ذلك، لم تهتم الرياض قط بضرب الصواريخ على بغداد. لماذا؟
مشكلة صواريخ دي إف-3 هي أن لديها خطأ دائرياً مُحتَمَلاً بحدٍّ أقصى يبلغ 300 متر. وهذا يعني أنه إذا أُطلِقَت نصف دزينةٍ من الصواريخ على هدفٍ مُحدَّد، يمكن توقُّع سقوط ثلاثة صواريخ فقط، في المتوسط، على مسافة ثلاثة ملاعب كرة قدم من نقطة الهدف، مع احتمال سقوط الثلاثة الأخرى في أماكن أبعد. وتزعم مصادر أخرى أن الخطأ الدائري المُحتَمَل قد يكون كبيراً ليصل إلى ميلٍ أو ميلين.
من المعروف أن السلاح غير الدقيق عديم الفائدة إلى حدٍّ كبير لضرب هدفٍ عسكري- ما لم يكن مُزوَّداً برأسٍ حربي نووي، وهو ما صُمِّمَ دي إف-3 للقيام به.
لكن الصين لن تبيع أسلحةً نووية للسعوديين. تم تعديل صواريخ دي إف-3 في المقابل لحمل 300 رطلٍ من المتفجِّرات شديدة الانفجار. وهذا يعني أن صواريخ دي إف-3 السعودية كانت “مجديةً” فقط لإسقاط متفجِّرات شديدة الانفجار على هدفٍ كبيرٍ، مثل مدينة، وبالتالي القتل العشوائي لأيِّ مدنيين يدفعهم حظهم السيئ بالقرب من نقطة سقوط الصاروخ. ومع ذلك، فإن القوة النارية الوفيرة للطائرات الحربية الأمريكية خلال حرب الخليج تعني أن السعوديين لم يشعروا بالحاجة إلى مثل هذه التكتيكات.
وبعد أكثر من عقدٍ من الزمان، أصبحت الرياض مهتمةً بالحصول على صاروخٍ إستراتيجي رادع وأكثر فاعلية، واتَّجَهَت مرةً أخرى إلى الصين- وهذه المرة سعت للحصول على صاروخ دي إف-21 الأدق والذي يتضمَّن خطأً دائرياً مُحتَمَلاً يبلغ 30 متراً فقط. وعلاوة على ذلك، فإن استخدام صاروخ دي إف-21 للوقود الصلب يعني أنه يمكن إطلاقه في وقتٍ قصيرٍ جداً.
ورغم المدى الأقصر للصاروخ، الذي يبلغ 1100 ميل، فإن وزنه يبلغ 30 طناً، ومناسب تماماً لضرب الأهداف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسيكون من الصعب اعتراضه لأنه يتَّجه نحو هدفه بعشرة أضعاف سرعة الصوت. وبحسب ما تم نشره حينها صُوِّرَت مواقع الإطلاق السعودية المُوجَّهة لإطلاق النار على إيران وإسرائيل، رغم أنه نظراً للتحالف المتنامي بين الرياض وتل أبيب في السنوات الأخيرة، قد تكون مواقع الإطلاق السعودية المُوجَّهة نحو إسرائيل استعراضية أكثر من أيِّ شيءٍ آخر.
في العام 2014، كشفت مجلة Newsweek الأمريكية أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد ساعدت بالفعل في التوسُّط في بيع صاروخ صيني للرياض، طالما ثبُتَ أن صواريخ دي إف-21 لا تمتلك رؤوساً نووية. وهكذا، بعد سلسلةٍ من الاجتماعات السرية في واشنطن بين المتوسِّطين والمسؤولين السعوديين، أُرسِلَ اثنان من عملاء الاستخبارات في 2007 لتفقُّد الصواريخ في صناديق الشحن قبل نقلها إلى الحيازة السعودية.
صواريخ لكنها لم تختبر
لم تختبر المملكة السعودية ترسانتها الصاروخية مُطلَقاً، مِمَّا يترك الاستعداد التشغيلي لقوة الصواريخ الاستراتيجية الملكية السعودية مفتوحاً للتساؤلات. ومع ذلك، فقد حافظت المملكة على أربع أو خمس منشآت تحت الأرض لإيواء الصواريخ. وفي أبريل/نيسان 2014، مع تزايد مخاوف الرياض من التقارب الأمريكي مع إيران بسبب الاتفاق النووي، عرضت الصواريخ العملاقة علناً.
الأمر المهم في ما يتعلَّق بنظام سلاحٍ “رادع” هو أنه بالرغم من أنه بحاجةٍ إلى الظهور بمظهر التهديد الأكيد، فهو لا يخدم الغرض الأساسي منه إلا إذا أخاف العدو لتجنُّب الأعمال العدائية. ومع ذلك، لا يمكن أن يحدث هذا الردع إذا لم يكن الخصم على درايةٍ تامة بمدى هذا التهديد بسبب السرية المحيطة بالسلاح الرادع، الأمر الذي قد يفسِّر القرار السعودي بالبدء في إظهار الصواريخ بشكلٍ بارز على مرأى ومسمع الجميع.
هناك شائعاتٌ مستمرةٌ أيضاً تفيد بأن المملكة السعودية حصلت على كميةٍ محدودةٍ من الأسلحة النووية من باكستان، أو رتَّبَت لنقل بعضها في حالة نشوب صراع. مرةً أخرى، مجرد وجود الشائعات مفيدٌ للردع السعودي، بصرف النظر عن حقيقة الأمر.
إن تعامل طهران مع التهديد السعودي على محمل الجد يدعمه بيانٌ صدر عن جنرالٍ إيراني، زَعَمَ في سبتمبر/أيلول 2018 أن إيران اختبرت في وقتٍ سابق نظامها الصاروخي بافار-373 أرض-جو لاعتراض الصواريخ الباليستية؛ ونظراً إلى أن التهديد الرئيسي الذي تتعرَّض له إيران من الولايات المتحدة يأتي من الضربات الجوية وصواريخ كروز، فمن المُحتَمَل أن تستهدف التجربة القدرات الصاروخية السعودية أو الإسرائيلية. ويبدو أن نظام بافار-373 الصاروخي هو نسخة محلية مُجرَّبة من نظام الدفاع الجوي الروسي إس-300 طويل المدى.
في النهاية، من الواضح أن لدى واشنطن اعتراضاتٍ أقل على امتلاك الحلفاء للصواريخ الباليستية والقدرات النووية المُحتَمَلة. ويبدو أن كلاً من إيران والمملكة السعودية، الضحيتين السابقتين لهجمات الصواريخ الباليستية، تعتقدان أن تكثيف مثل هذه الأسلحة سوف يردع الآخر عن الأعمال العدائية العلنية. ومع ذلك، فإن سقوط عشرات الآلاف من المدنيين الذين قُتِلوا خلال حرب المدن في الثمانينيات لا يدعم حقاً هذا الافتراض.
أين توجد هذه الصواريخ وقواعدها؟
- قاعدة الوطح: في منطقة الوطح على بعد 201 كم من العاصمة السعودية الرياض. تم رصد القاعدة عن طريق صور ساتلية التقطت في يوليو 2013م، ورصد المحللون الذين فحصوا الصور إثنتين من منصات إطلاق الصواريخ ووجدوا عليها علامات تشير إحداها إلى الشمال الغربي نحو تل أبيب والمنصة الثانية إلى الشمال الشرقي باتجاه طهران.
- قاعدة السليل: هي أول منشأة صاروخ باليستي السعودي بنيت عام 1987-1988م بالقرب من بلدة السليل 450 كم جنوب الرياض.
- قاعدة 511: تبعد حوالي 180 كلم جنوب مدينة الرياض وتقع في محافظة الحريق.
- قاعدة 533: تابعه لمحافضة رنية.
- قاعدة 566: تبعد تقريبا 750 كم من الشمال الغربي للرياض.
- قاعدة 522: في وادي الدواسر
عتاد وتسليح
القذائف أرض ـ أرض صواريخ بالستية
النوع: DF-3A
- المدى الأقصى: 2800 إلى 4000 كيلو
- الطول: 24 متر
- القطر: 2.24 متر
- الوزن: 64 طن
النوع: DF-M1
- المدى: 1900 إلى 2500 كيلو
- الطول: 18,5 m
- القطر: 1,25 m
- الحمولة: M-11
النوع: CSS-5
- المدى: 4000 إلى 5500 كيلو
النوع: CSS-6
- المدى: 5000 إلى 6500 كيلو
النوع: DF-11
- المدى: 900 إلى 1500 كيلو
بالإضافة إلى الصواريخ القديمة CSS-2
النوع: DF-31
– المدى: 6000 كيلو إلى 11000 كيلو
الصواريخ متوسطة المدى الباكستانية
النوع: غوري
المدى: 1100كيلو إلى 2300 كيلو
النوع: شاهين -2
المدى: 2000 كيلو إلى 2200 كيلو
الصواريخ قصيرة المدى الأوكرانية
النوع: غروم 2
المدى: 50-550 كيلومتر
رؤوس نووية:
بحسب بي بي سي ذكر بعض الخبراء بأن السعودية قدمت مساعدات مالية لبرنامج الأسلحة النووية الباكستانية، وعليه فإنه من المُرجح والممكن أنها تلقت ولديها بالفعل أسلحة نووية من باكستان.