ملامح المبادرة الروسية بشأن الأمن في الشرق الأوسط

تقترب روسيا من تنفيذ مبادرتها بشأن الإشراف على حماية الأمن في الشرق الأوسط، مستفيدة من عدة عوامل كانت تعيق تحقيق هذا الهدف.

ميدل ايست نيوز: تقترب روسيا من تنفيذ مبادرتها بشأن الإشراف على حماية الأمن في الشرق الأوسط، مستفيدة من عدة عوامل كانت تعيق تحقيق هذا الهدف، من بينها أجواء المصالحات والتفاهمات في منطقة الخليج والشرق الأوسط عموما، بالإضافة إلى حديث عن موافقة أميركية ضمنية للخطة التي قوبلت قبل نحو سنة برفض الولايات المتحدة.

ويختبر فيتالي نومكين -وهو باحث بارز ومستشار أكاديمي لوزارتي الخارجية والعدل، ورئيس معهد الدراسات الشرقية في الأكاديمية الروسية للعلوم- فرص إحياء الاتفاق؛ حيث قام الأسبوع الماضي بدعوة المسؤولين والخبراء والصحافيين من دول الشرق الأوسط المتنافسة إلى اجتماع مغلق في موسكو لمناقشة النزاعات والصراعات المتعددة في المنطقة وسبل منعها من الخروج عن السيطرة.

وشارك نومكين الذي يُعتقد أنه مقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كتابة الخطة التي طُرحت لأول مرة عام 2004 ونشرت وزارة الخارجية الروسية نسخة معدلة منها في 2019.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد عرض في أكتوبر 2020 صيغة مختصرة من المقترح أمام مجلس الأمن، مؤكدا أن مقترح روسيا ينبع من “مُسلَّمة هي أن الحفاظ على السلام في منطقة الخليج هدف مهم للمجتمع الدولي بأسره، وأن الوضع غير الصحي هناك يزعزع استقرار العلاقات الدولية”.

ويرى مراقبون أن الوضع الداخلي المستقر سياسيا في روسيا منذ عقود نقطة مهمة لإتمام الخطة؛ فالوجوه نفسها -بدءا ببوتين ومرورا بلافروف وليس انتهاء بنومكين- التي أعدت الخطة لا تزال في السلطة.

في المقابل يبدو المشهد السياسي في الولايات المتحدة على النقيض تماما، حيث لم تعد مؤسسة الحكم راسخة كما كانت من قبل؛ إذ كان الرؤساء والوزراء يتغيرون لكن السياسات تبقى على حالها.

وبعد أن رفضت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشكل قاطع المقترح الروسي بشأن الأمن في الخليج وسط توقعات بأن يتعمق الرفض خلال عهد جو بايدن فاجأ تصريح أدلى به متحدث باسم الخارجية المتابعين الذين اعتبروه موافقة ضمنية على المقترح.

ولم يستبعد المتحدث التعاون مع روسيا، وقال “نظل على استعداد للتعاون مع روسيا في المجالات التي تكون فيها للجانبين مصالح مشتركة، بينما نعارض السياسات الروسية التي تتعارض مع المصالح الأميركية”.

ويرى الباحث الأميركي جيمس دورسي أن روسيا “قد حددت توقيت إحياء اقتراحها لبدء إنشاء إطار للتعامل مع المتمردين الحوثيين، ويبدو أنها تكتسب اليد العليا ضد السعودية في حرب اليمن التي استمرت سبع سنوات”.

وأضاف “كما يبدو أن المبادرة الروسية موجهة للاستفادة من جهود المتنافسين في الشرق الأوسط: السعودية والإمارات وقطر وتركيا وإيران، لتقليل التوترات الإقليمية والسيطرة على خلافاتهم وضمان عدم خروجها عن السيطرة”.

ويبدو أن روسيا تستغل ما يصفه البعض بأنه توقف مؤقت ويعتبره البعض الآخر محادثات متوقفة بين السعودية وإيران بوساطة العراق.

وأصر المسؤولون العراقيون على أن المحادثات معلقة إلى حين تشكيل حكومة عراقية جديدة عقب انتخابات الشهر الماضي. وركزت المناقشات جزئيا -على الأقل- على صياغة اتفاق حول طرق إنهاء حرب اليمن.

ويرى نومكين أن المبادرة الروسية توفر فرصة لجعل الشرق الأوسط منطقة تعاون وتنافس مع الولايات المتحدة على عكس ما هو عليه الوضع في جنوب شرق أوروبا وأوكرانيا، حيث يتصاعد التوتر بين أميركا وروسيا.

وقال نومكين لمجلة “نيوزويك” إن روسيا والولايات المتحدة تواجهان في الشرق الأوسط “تهديدا واحدا مشتركا هو شبح الحرب؛ فالولايات المتحدة وروسيا لا ترغبان في خوض هذه الحرب”.

ويدعو الاقتراح الروسي إلى “دمج مظلة الدفاع الأميركية في الخليج ضمن هيكل أمني جماعي يشمل روسيا والصين وأوروبا والهند إلى جانب الولايات المتحدة. وسيشمل الهيكل إيران وسيتعين أن يمتد إلى إسرائيل وتركيا”.

وبحسب دورسي “ستسهّل مساعي الإمارات لإعادة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الساحة العربية وربّما الدولية -والتي من غير المستبعد أن تكون مدفوعة بالمبادرة الروسية- كل القضايا الأخرى”.

ويبدو الاقتراح مستوحى من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ويعرض إطلاق الهيكل الجديد في مؤتمر دولي حول الأمن والتعاون في الخليج.

وترى روسيا أن هذا الهيكل يسمح بإنشاء “تحالف لمكافحة الإرهاب بين كل الأطراف المعنية” من شأنه أن يكون محركا لحل النزاعات في جميع أنحاء المنطقة وتعزيز الضمانات الأمنية المتبادلة.

وستشمل الخطة كذلك إنهاء “الانتشار الدائم للقوات الأجنبية في أراضي دول الخليج”، في إشارة إلى القوات والقواعد الأميركية والبريطانية والفرنسية في دول الخليج المختلفة وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.

وتدعو إلى نظام أمني “عالمي وشامل” يأخذ في الاعتبار “مصالح جميع الأطراف الإقليمية والأطراف الأخرى المعنية، في جميع مجالات الأمن، بما في ذلك أبعادها العسكرية والاقتصادية والطاقية”.

ويرى نومكين أن المتنافسين في الشرق الأوسط “سئموا مما يحدث” وهم “خائفون من حرب محتملة”.

ويعتقد دورسي أن “هذا ما دفع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني إبراهيم رئيسي إلى التواصل مع بعضهم البعض في موجة حديثة من الأنشطة الدبلوماسية”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

20 − 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى