في حال فشل مفاوضات فيينا.. ما هي الخطة “ب” لطهران وواشنطن؟
يعزز تناقض المواقف الإيرانية والأميركية من التوقعات بفشل الجولة السابعة من المفاوضات.
ميدل ايست نيوز: تغير موقف واشنطن منذ بدء مفاوضات “خطة العمل الشاملة المشتركة” حول الملف النووي الإيراني الاثنين الماضي في فيينا؛ فقد قال الرئيس جو بايدن إن “أي اتفاق جديد يجب أن يشمل أيضا النشاط الإيراني الإقليمي الخبيث، وبرنامج الصواريخ الباليستية”.
ومن جانبها، ترفض إيران ذلك بشكل مباشر، بل تطالب واشنطن بدفع تعويضات عن الأضرار الناجمة عن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي قبل 3 أعوام.
ويعزز تناقض المواقف الإيرانية والأميركية من التوقعات بفشل الجولة السابعة من المفاوضات. ودفع ذلك -بدوره- إلى محاولة استكشاف خطط واشنطن وطهران البديلة، أو ما يُشار إليه “بالخطة ب”، حال انتهت المفاوضات الجارية بلا نتائج.
ماذا يعني فشل المفاوضات؟
يقول ديفيد دي روش أستاذ الدراسات الأمنية بجامعة الدفاع الوطني والمسؤول العسكري السابق بالبنتاغون -في حديث مع الجزيرة نت- إن كلًا من واشنطن وطهران أعلنتا شروطا متناقضة، وإن هدف واشنطن في هذه الجولة إما أن تضغط على إيران للتخلي عن موقفها المعلن، أو أن تثبت لحلفائها الأوروبيين أنها حاولت كل شيء، وأنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يدعم مرة أخرى فرض عقوبات متعددة الأطراف على إيران.
من جانبها، تقول باربرا سلافن -الخبيرة في الشؤون الإيرانية ومديرة “مبادرة مستقبل إيران” بالمجلس الأطلسي- إن “كلا الطرفين لديه خطة واضحة في حال فشل العودة للاتفاق النووي الموقع عام 2015”.
وبالنسبة للولايات المتحدة -تقول سلافن للجزيرة نت- فإن “هذا يعني استمرار العقوبات، ومحاولة استخدام آليات الأمم المتحدة لتشديدها، بالإضافة إلى إعطاء إسرائيل ضوءا أخضر للاستمرار في عملياتها السرية ضد إيران”.
أما بالنسبة لإيران، فترى سلافن أن فشل مفاوضات فيينا يعني “تسريع وتيرة البرنامج النووي، مع زيادة الاعتماد على الصين. ومن المحتمل أن تزيد إيران أيضا من دعمها للمليشيات التي تهاجم القوات الأميركية وحلفاءها في المنطقة، مما يرفع حدة التوتر، لكن ستستمر معاناة الإيرانيين الاقتصادية”.
خطط واشنطن البديلة
يعتقد الخبير في المجلس الأطلسي والباحث بمؤسسة دراسات دول الخليج سينا عضدي أن “مخططات واشنطن البديلة تتمثل في الضغط على الصينيين لوقف شراء النفط الإيراني، وقد يتم ذلك من خلال حلفائها الأوروبيين الثلاثة المشاركين في المفاوضات، بريطانيا وفرنسا وألمانيا”.
ويرى عضدي -في حديثه للجزيرة نت- أن “بإمكان واشنطن التهديد ببدء إجراءات من شأنها إعادة فرض العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة سابقا، وكذلك إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لضرب المنشآت النووية الإيرانية”.
من ناحيته، توقع إسفنديار غيلديجي -الزميل الزائر بالمجلس الأوربي للعلاقات الخارجية، والخبير في الشؤون الإيرانية- أن “تتحرك الولايات المتحدة وأوروبا لإعادة فرض عقوبات متعددة الأطراف على إيران، ولكن إيران سوف تأمل في أن تقاوم الصين وروسيا وترفضا الانضمام إلى حملة عقوبات جديدة، مما يوفر لإيران بعض الآفاق الاقتصادية المحدودة في المقابل”.
ولهذا السبب، يقول غيلديجي -للجزيرة نت- “من المحتمل أن يتضمن الاتفاق المؤقت اقتطاعات -على سبيل المثال- لمبيعات النفط الإيراني إلى الصين، في الوقت الذي يحاول فيه الغرب إشراك روسيا والصين في حملة ضغط جديدة”.
ولكن “الخطة ب” لن تختلف اختلافا كبيرا عن الحالة الراهنة على وجه التحديد، حسب غيلديجي، “فهي لا تروق أي طرف، ولا يزال التركيز قائما على الخطة أ”.
الخطة “ب” لطهران
أما عن خطة طهران البديلة في حال فشلت الجولة الحالية من المفاوضات، فيقول عضدي إن الإيرانيين يعتمدون على أنشطة برنامجهم النووي للضغط على الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه لردع الإسرائيليين من القيام بأي هجوم، “ولا أحد يعرف حقا ما سيحدث إذا وقع هجوم على إيران، لكن الإيرانيين لن يجلسوا مكتوفي الأيدي إذا هاجمهم الإسرائيليون”.
في حين يرى إسفنديار غيلديجي أن خطة طهران البديلة ستتمثل في “اتفاق مؤقت يعمل على تقنين الوضع السياسي والاقتصادي الراهن. فإذا فشلت محادثات خطة العمل الشاملة المشتركة، يُتوقع أن تبقي إيران الباب مفتوحا أمام الدبلوماسية، في سعيها لتجنب صراع عسكري شامل. ومن شأن ذلك التوصل إلى اتفاق مؤقت تحقيق هذا الهدف السياسي”.
من جانبه، اعتبر البروفيسور بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة “الدفاع الوطني” الأميركية جودت بهجت -في حديثه للجزيرة نت- أن انتقاد الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي لنهج إدارة روحاني وظريف بسبب تركيزهم أكثر من اللازم على خطة العمل الشاملة المشتركة، “يشير إلى عدم ممانعة رئيسي التركيز على توسيع وتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة وكذلك مع روسيا والصين، على حساب مفاوضات الملف النووي”.
جدير بالذكر أن وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، وخدم لفترة طويلة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، في حين تلقى نظيره الحالي حسين عبد اللهيان تعليمه في إيران، وخدم في العراق والبحرين.
على مَن يُلقى اللوم؟
يتوقع الخبير ديفيد دي روش أن تفشل المحادثات، ويقول إن “القضية الكبرى هي من يُلام على هذا الفشل. وإذا فشلت المحادثات، وظهر أن الشركاء الأوروبيين يلومون إيران على هذه الفشل، فمن المحتمل أن يعيدوا فرض عقوبات متعددة الأطراف ضدها، وستكون تلك هزيمة لها”.
ويعتقد دي روش أنه لا يوجد لدى إيران خطة بديلة، “ويبدو أن خطتهم الأصلية مستقرة وراسخة حول العودة لخطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية، حيث يمكنها ذلك من تحويل انتباه الغرب من خلال عملية تفاوض مطولة ومكثفة، بعيدا عن أنشطتهم النووية”، كما جاء في حديثه مع الجزيرة نت.
ويقول دي روش إن هدف إيران هو العودة للاتفاق النووي الأصلي الذي لا يضع أي حدود على نفوذها في الدول التي بها سكان من الشيعة، من خلال تشكيل مليشيات مسلحة.
كما تتيح العودة للاتفاق النووي السابق -حسب دي روش- إطلاق يد إيران لتطوير قدرة الصواريخ الباليستية للوصول إلى أهداف في جميع أنحاء المنطقة، و”ليس هناك ما يشير إلى أن هذه الخطة تغيرت من جانب إيران”.