واشنطن حائرة من أمرها.. ما الذي تريده إسرائيل من أميركا بشأن النووي الإيراني؟
يعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الجهود الأميركية والدولية للتفاوض مع إيران وإعادتها إلى الامتثال لشروط الاتفاق النووي.
ميدل ايست نيوز: كانت إسرائيل من أشرس المعارضين للاتفاق النووي مع إيران، وبذل رئيس وزرائها السابق بنيامين نتنياهو جهودا متواصلة لإقناع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق، وهو ما حدث بالفعل عام 2018.
وبعد 3 سنوات شهدت فرض المزيد من العقوبات الأميركية على إيران من جانب، ومن جانب آخر طورت إيران برنامجها النووي عبر مسؤولون عسكريون واستخباراتيون إسرائيليون بارزون مؤخرا عن موقف مختلف تماما، إذ يصفون انسحاب ترامب من الاتفاق النووي بأنه كان “خطأ” وأضر كثيرا بإسرائيل.
ويعارض رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الجهود الأميركية والدولية للتفاوض مع إيران وإعادتها إلى الامتثال لشروط الاتفاق النووي.
وقال بينيت يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن “إيران لا تستحق مكافآت ولا صفقات مساومة ولا تخفيفا للعقوبات مقابل وحشيتها”، مضيفا: أناشد حلفاءنا في العالم ألا يستسلموا لابتزاز إيران النووي.
ضغوط إسرائيلية
ويشهد هذا الأسبوع زيارات مكوكية يقوم بها عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين لواشنطن بهدف إطلاع الجانب الأميركي على ما لدى إسرائيل من معلومات استخباراتية تتعلق بأنشطة إيران النووية.
ووصل قبل أيام رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع لواشنطن، وسيلتقي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن وعددا من كبار المسؤولين الأميركيين.
ومن المقرر أن يغادر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس مساء غد الأربعاء تل أبيب إلى واشنطن، في إطار تكثيف إسرائيل جهودها وضغطها على الولايات المتحدة لعرقلة عودتها إلى الاتفاق النووي مع إيران بشروطه السابقة.
وتشير تقارير صحفية إلى معارضة إدارة الرئيس جو بايدن إقدام الموساد على تنفيذ عمليات سرية في إيران خلال المفاوضات النووية الجارية.
ويقر سينا عضدي الخبير في المجلس الأطلسي والباحث بمؤسسة دراسات دول الخليج بما لدى إسرائيل من نفوذ واسع في الكونغرس وفي واشنطن بشكل عام.
ويشير إلى أن “إسرائيل ستمارس ضغوطا على الولايات المتحدة من خلال التهديدات المستمرة باتخاذ إجراءات عسكرية ضد إيران”.
ندم إسرائيلي
من جانبها، خصصت منظمة “جيه ستريت” (J Street) إحدى نشراتها الأخيرة لعرض شهادات لمسؤولين إسرائيليين يعبرون فيها عن ندم وتراجع كبير في مواقفهم من الاتفاق النووي الذي ضغطت إسرائيل على الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للانسحاب منه.
وتعد “جيه ستريت” إحدى أهم منظمات اللوبي اليهودي في واشنطن، إلا أنها أقل تشددا من منظمة أيباك (AIPAC)، وتدعم حل الدولتين لصراع الشرق الأوسط، وعرضت نشرة المنظمة الصادرة يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي شهادات لـ5 مسؤولين سابقين على النحو التالي:
تامير باردو – المدير السابق للموساد (2011-2016)
“ما حدث في عام 2018 كان مأساة، وكان خطأ إستراتيجيا لا يغتفر، لا يمكن تصور حقيقة أن إسرائيل دفعت الولايات المتحدة إلى الانسحاب من الاتفاق النووي”.
عاموس يادلين – الرئيس السابق للمخابرات العسكرية للجيش الإسرائيلي (2006-2010)
إذا أردنا أن نكون صادقين فإن ما أخّر التقدم الإيراني نحو امتلاك أسلحة نووية هو الاتفاق النووي وليس العمل العسكري، وإيران الآن أقرب مما كانت عليه من إكمال مشروعها، وذلك بسبب السياسة الخاطئة جدا التي اتخذتها دولة إسرائيل، لقد كانوا على بعد سنوات من الوصول للأسلحة النووية، وهذا إنجاز أفضل بكثير مما كنا سنتمكن من تحقيقه بالعمل العسكري.
موشيه يعالون – وزير الدفاع السابق (2013-2016)
“بالنظر إلى السياسة المتعلقة بإيران في العقد الماضي كان الخطأ الرئيسي هو الانسحاب من الاتفاق النووي، فقد أعطاهم ذريعة للمضي قدما في التخصيب”.
غادي أيزنكوت – رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق (2015-2019)
“حرر انسحاب الولايات المتحدة في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني إيران من جميع القيود وعمليات التفتيش المقررة ضمن الاتفاق، وبافتراض وجود بعض الثغرات في الاتفاق فقد دفع الانسحاب من الاتفاق إيران للتقدم اليوم في ما يتعلق ببرنامجها النووي”.
داني سيترينوفيتش – رئيس فرع المخابرات العسكرية الإسرائيلية المسؤول عن إيران (2013-2016)
الاتفاق النووي -بكل عيوبه- أدى لتراجع كبير في البرنامج النووي الإيراني أكثر من أي نشاط سري آخر كان يهدف إلى القيام بنفس الشيء، لكن الانسحاب منه كان كارثة.
لقد دفعنا الجانب الأميركي إلى الخروج من الاتفاق في وقت لم تكن هناك فيه أي خيارات أخرى، وأعتقد أنه من خلال تبني سياسة فاشلة وضعنا أنفسنا في وضع هو الأكثر إيلاما لنا مع إيران على الإطلاق.
حيرة أميركية
ويُطرح على نطاق واسع في العاصمة الأميركية سؤال حول ما تريده إسرائيل؟ فحتى وقت قريب كان هناك إجماع أميركي على أن قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي كان خطوة تصب في مصلحة إسرائيل.
ويستغرب بعض المراقبين الأميركيين موقف إسرائيل الرافض لسعي إدارة بايدن لإعادة الولايات المتحدة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، ودفع إيران للامتثال لبنود الاتفاق.
من جانبه، يعتبر البروفيسور في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة “الدفاع الوطني” الأميركية جودت بهجت أن الحجة الرئيسية لإسرائيل هي أن إيران التي لديها قدرة على امتلاك الأسلحة النووية ستكون تهديدا أكبر لإسرائيل المجاورة لها، على العكس مما هي عليه بالنسبة للولايات المتحدة.
ويشير بهجت إلى أن حربا شاملة بين إسرائيل وإيران من شأنها أن تزعزع استقرار المنطقة بالكامل، فلا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كان حلفاء إيران سيردون على إسرائيل، أو ما إذا كانت إيران ستهاجم بعض دول مجلس التعاون الخليجي لتحالفها مع إسرائيل.
من ناحية أخرى، دفع تشدد إيران ورفع سقف مطالبها -كما تجلى ذلك في محادثات فيينا الأسبوع الماضي، حيث لم تطلب رفع جميع العقوبات المفروضة في عهد ترامب فحسب، بل أيضا التعويض عن السنوات القليلة الماضية وضمان عدم تخلي أي إدارة أميركية في المستقبل عن الاتفاق- إلى انفتاح أميركي حذر على ما يمكن لإسرائيل أن تقدمه دعما لفريق التفاوض الأميركي.