هل بدأت دول الخليج بالاستثمار في تطوير أنظمة الدرونز؟

يبدو أن الاهتمام السعودي والقطري هو الأبرز حالياً في الاستثمار في تطوير أنظمة الدرونز العسكرية.

ميدل ايست نيوز: تعد الطائرات المسيرة العسكرية بدون طيار “الدرونز” واحدة من أهم الأسلحة التي تعتمد عليها الحروب الحديثة، حيث بدأت الجيوش على مستوى العالم التوسع باستخدامها وتطويرها والاستفادة منها في تنفيذ مهمات عسكرية، خصوصاً في المناطق الملتهبة.

وكانت دول مجلس التعاون عموماً ضمن الدول التي لجأت إلى تطوير قدراتها العسكرية وتزويدها بمنظومة الطائرات بدون طيار، وخصوصاً السعودية التي تستخدمها في حربها باليمن في مواجهة الحوثيين.

وتشير التقارير الدولية إلى أن منطقة مجلس التعاون تحولت مؤخراً إلى ثكنة كبيرة أو مستودع عملاق لطائرات مسيرة بدون طيار من كل الأصناف والأنواع، من ضمنها عالية التقنية أو بدائية التصنيع، وهو ما يتطلب من دولها العمل على الاستثمار في تطوير أنظمة الدرونز.

ضرورة قائمة

مع انتشار الطائرات العسكرية بدون طيار في منطقة الشرق الأوسط، ودول مجلس التعاون على وجه التحديد، قال المستشار بوزارة الدفاع الأمريكية وجهاز الأمن القومي، سكوت كرينو، إن الوقت مناسب الآن للشرق الأوسط للاستثمار في تطوير أنظمتها الخاصة، وخاصة مكافحة الطائرات دون طيار.

وأوضح “كرينو”، في حوار مع “مركز ريكونسنس للبحوث والدراسات”، أن معالجة تهديد الطائرات دون طيار في الشرق الأوسط تتم بشكل أفضل من قبل الأفراد المتقدمين تقنياً.

وأشار إلى أن معظم الدول تأخذ تهديد الطائرات دون طيار على محمل الجد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالصراع العسكري.

ولفت إلى أن البلدان بدأت تطور أو تحصل على تكنولوجيا الطائرات دون طيار والطائرات أيضاً، مبيناً أن هناك وعياً عالمياً متزايداً بمخاطرها.

وشدد على أن “ما يجب أن يأتي بعد ذلك هو السياسات والبرامج التي تتصدى للتهديد، والخطوة الأولى منها هي التعليم”.

تقرير امريكي عن حقيقة قدرات الطائرات المسيرة الإيرانية بين الواقع والدعاية

تصنيع الدرونز

ولعل الاهتمام السعودي والقطري هو الأبرز حالياً في الاستثمار في تطوير أنظمة الطائرات المسيرة، حيث وجدت السعودية نفسها أمام واقع يدفعها إلى تدشين صناعة الطائرات المسيرة “درون”، بعدما أعلنت في أبريل 2020 “تدشين أعمال تطوير وتصنيع وتوطين منظومات طائرات بدون طيار”.

وقالت الهيئة العامة للصناعات العسكرية بالمملكة العربية السعودية، إنها “تستهدف إطلاق 6 أنظمة طائرات من دون طيار في 2021، و40 نظاماً خلال 5 سنوات”، دون تفاصيل أكثر، حيث يبلغ حجم استثمارات المملكة في هذا الأمر 750 مليون ريال (200 مليون دولار).

ونهاية أكتوبر الماضي، أعلنت الهيئة ذاتها توقيع عقد لتطوير منظومة طائرة “حارس الأجواء” المسيرة داخل المملكة.

وقالت إنه سيتم تطوير المنظومة في مركز الأمير سلطان للدراسات والبحوث الدفاعية، “لتعزيز القدرات الوطنية في مجال الأنظمة الجوية، والمساهمة في تحقيق رؤية السعودية 2030”.

وتعمل السعودية مع الولايات المتحدة الأمريكية على تطوير جيل جديد من الطائرات المسيّرة، من خلال مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية والشركة الأمريكية “UAVOS”.

أما قطر فقد أعلنت سابقاً، على لسان العميد ركن طيار خالد بن أحمد الكواري، قائد مركز الاستطلاع والمراقبة رئيس لجنة تسيير مشروع الطائرات بدون طيار، أن القوات المسلحة القطرية “تجتهد وتنشط في تطوير وصناعة المعدات العسكرية بالشراكة مع العديد من الدول”.

وشدد على أن تطوير ونقل التكنولوجيا للقوات المسلحة من التوجهات الرئيسية للدولة في هذه المرحلة، مضيفاً: “التوجه العام للدولة هو نقل التكنولوجيات الحديثة وصناعة الطائرات والتقنيات العسكرية إلى الدولة، لذلك فإننا آثرنا خوض تجربة التصنيع دون الاعتماد على الشراء فقط”.

وتصنع شركة “أدكوم” الإماراتية الطائرة المسيرة “يبهون يونايتد 40” التي تعرف أيضاً بـ”سمارت آي”.

ضرورة ملحة

يتحدث المحلل العسكري إسماعيل أيوب عما تقوم به دول مجلس التعاون من تجميع الدرونز، مشيراً إلى السعودية الذي قال إنها بدأت بإنتاج إحدى الطائرات، إضافة إلى الإمارات.

لكنه يستبعد أن تصل دول مجلس التعاون إلى تطوير هذه المنظومة، ويعتبر الأمر بعيداً جداً حدوثه، ويقول: “ربما تواكب دول مجلس التعاون ما تقوم به إيران في صناعة الطائرات بدون طيار، ولكن لا أن تصل إلى تطويرها على غرار الدول الكبيرة”.

ويشير، إلى أن امتلاك دول مجلس التعاون للمال، “سيساعدها في صناعة الطائرات بدون طيار”، مجدداً تأكيده مرة أخرى بقوله: “لكن لا أن تصل إلى مرحلة التطوير”.

كما يؤكد أهمية الطائرات بدون طيار في المعارك والقتال في المنطقة؛ “وقد أصبحت متنوعة؛ فمنها ما هو صغير ومنها متوسط ومنها ما هو كبير تحمل أسلحة متفجرة”.

ويضيف: “أصبحت الدرونات بأنواعها المختلفة كافة عبارة عن طائرة فعالة ويمكن أن تكون حاسمة في أرض المعركة”، مؤكداً ضرورة أن “تواكب دول خليج هذا الأمر، خصوصاً أن دول مجلس التعاون من أكثر دول العالم استيراداً وشراءً للأسلحة”.

أما العميد الركن د.صبحي ناظم توفيق، المحلل العسكري والاستراتيجي، فيؤكد ضرورة أن تبدأ دول مجلس التعاون الاستثمار في تطوير أنظمة الدرونز، مضيفاً: “إن لم تبدأ في هذا الأمر فهي مقصرة جداً، خصوصاً أنها أصبحت سلاح الجو الرئيس للمستقبل المنظور، بعد أن أثبتت جدارتها في أكثر من موقع وواقعة”.

ويطرح صبحي عدداً من النقاط حول الطائرات، مشيراً إلى أنها تتميز بعدة نقاط؛ منها “أن لديها قاعدتها المادية القديمة التي تعود إلى عام 1917، والآن باتت متاحة لدى العشرات من الدول في العالم”.

ومما يميزها “رخص أثمانها مقارنة بالطائرات المأهولة، وسهولة التحكم فيها عن بعد، وعدم المخاطرة بأرواح الطيارين وتكاليف إعدادهم بمبالغ طائلة وباهظة، إضافة إلى صغر حجمها وإمكانية إقلاعها ببساطة”.

ويعتقد أنه خلال القرن الحادي والعشرين ستتوقف دول العالم عن استخدام الطائرات المأهولة عسكرياً، “وهذا يتطلب من دول مجلس التعاون أن تسارع في الاستثمار في هذا المجال”.

ويضيف: “دول مجلس التعاون بحاجة إلى القدرات العسكرية، حيث إن منطقة الشرق الأوسط تغلي كالبركان، ليس الآن ولكن منذ قرون، وستبقى كذلك، والسبب أنها حقيقة في قلب هذه الدول المحاطة بأعداء وخصوم معروفين، وهي تمتلك الأموال الهائلة، والقاعدة العلمية أيضاً متوفرة نسبياً”.

ويشير إلى وجود دول مستعدة للتعاون مع دول مجلس التعاون مقابل المال، مضيفاً: “إن لم تكن دول مجلس التعاون قد بدأت تطوير برامج الدرون فستكون خاسرة في هذا الشأن”.

الاهتمام الخليجي بالدرونز

في أواخر نوفمبر 2021 قال المكتب الصحفي لشركة “كرونشتادت” الروسية، إن ممثلين لدول من الشرق الأوسط أعلنوا رغبتهم في المشاركة في التعاون على إنتاج طائرات بدون طيار طورتها الشركة، مشيراً خلال مشاركة الشركة في معرض دبي للطيران الدولي 2021 في دبي، إلى أن منتجات الشركة تثير اهتمام ممثلي دول مجلس التعاون دون ذكر أسماء تلك الدول.

وخلال السنوات الأخيرة أولت دول خليجية اهتماماً كبيراً لامتلاك الدرونز المسلحة التي كان لها دور حاسم في عدد من المعارك مؤخراً، في حين لا تزال دول أخرى غير مهتمة بهذه الطائرات.

ولمع نجم الطائرات المسيرة الحربية مؤخراً لا سيما في حرب اليمن حيث اعتمد عليها الحوثيون بالأساس لقصف مناطق سعودية، في وقتٍ دفع الدور المتزايد للطائرات المسيرة عالمياً عدداً من دول مجلس التعاون لمحاولة تعزيز قوتها من هذه الطائرات واستيرادها من أكثر من بلد لدعم عملياتها الجوية.

 

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخيج أونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 + ثلاثة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى