قراءة إيرانية عن كواليس المحادثات النووية تحسبا لسيناريوهات “فيينا”

تطرح أوساط الحكومية احتمال فشل المفاوضات لتسويق ذلك في الشارع الإيراني الذي يشتكي من صعوبات معيشية بالغة.

ميدل ايست نيوز: يخوض فريق الحكومة الحالية معركة على المستوى الداخلي لتعزيز روايته الرسمية مع استئناف مسار محادثات فيينا بشأن الاتفاق النووي لعام 2015 ويصر الإعلام الحكومي على تمسك متزايد بالطلبات المطروحة على الطاولة من الحكومة الجديدة في محاولة لتمزيق الصورة التي وُرثت من الحكومة السابقة، لكن في نفس الوقت تطرح أوساط الحكومية احتمال فشل المفاوضات لتسويق ذلك في الشارع الإيراني الذي يشتكي من صعوبات معيشية بالغة نتيجة العجز الاقتصادي للحكومة جراء العقوبات.

ورأت صحيفة «إيران» الناطقة باسم الحكومة في مقالها الافتتاحي أن إدارة جو بايدن «لم تُظهر أي استعجال للعودة إلى الاتفاق النووي، وبعد تعطل دام أشهراً بدأت المفاوضات غير المباشرة وانتهت بعد ست جولات دون نتائج».

وقالت: «يمكن التوصل إلى اتفاق في الوقت المناسب إذا أبدت أميركا الإرادة السياسية اللازمة للمفاوضات الجدية، وخلاف ذلك من الممكن أن تنتهي المفاوضات دون نتيجة وسنواجه حينها ظروفاً دولية وإقليمية جديدة».

وأشارت الصحيفة إلى عدة سيناريوهات أمام الإدارة الأميركية، أولها العودة إلى تنفيذ الاتفاق النووي وتلبية مطالب إيران بشأن رفع العقوبات وتقديم الضمانات بعدم الانسحاب المجدد. وألقت باللوم على الإدارة الأميركية بأنها «تعرقل رفع العقوبات بتصنيفها إلى أقسام» و«تتملص من تقديم الضمانات بتأكيدها أن الاتفاق النووي سياسي». ورهنت إحياء الاتفاق بتوفير هذين المطلبين، في تأكيد لما قاله عبداللهيان، أول من أمس.

وفي حال تحقق هذا السيناريو، توقعت الصحيفة أن «تنخفض أسعار النفط وتنخفض التوترات الإقليمية الناجمة من عدم الاستقرار، وسيوفر التعامل الإقليمي بما في ذلك بين إيران وجيرانها في الخليج وسيزيد الاستقرار الإقليمي»، وألا «ترتاح» إسرائيل لهذا الوضع و«ستراه ضد سياسة زعزعة الاستقرار وافتعال الأزمات».

أما الخيار الثاني فهو فشل المفاوضات. وقالت إن العقوبات «ستكون غير فاعلة مثلما كانت سابقاً وعلى أميركا ألا تتوقع أن تكون مؤثرة».

وأضافت أن «استمرار هذه الحملة سيؤدي إلى تراجع شديد في قوة الديمقراطيين وتلاشي نفوذهم وقوتهم على المستويين الإقليمي والدولي». وعلى الصعيد الإقليمي توقعت أن يؤدي إلى «إثارة انعدام الثقة» وانطلاق «سباق تسلح».

وعلى المستوى الدولي، توقعت أن يفاقم الخلافات واشنطن مع موسكو وبكين، «مما سيضعف أثر العقوبات بشدة». وفي المقابل رأت أن إسرائيل «سترحب وتعدّها دليلاً على نفوذها في الولايات المتحدة».

وطرحت الصحيفة الحكومية خياراً ثالثاً وهو «الاتفاق المؤقت»، ولكنها قلّلت من بلوغه أي نتيجة «إذا اقتصر أكثر على وقف (محدود) للعقوبات مقابل وقف مستوى الأنشطة»، مشيرة إلى أن طهران «لا تعير اهتماماً لأي اتفاق من دون رفع العقوبات».

وأضافت: «أميركا أيضاً ليست مستعدة أن ترفع العقوبات في إطار اتفاق مؤقت وستطلب التطرق إليها في الاتفاق النهائي وهو ما يجعل هذا الخيار مستبعداً من الناحية العملية»، أما بين الخيارين الأول والثاني فإن الصحيفة الحكومية رأت أن الخيار الأول هو «الوحيد الذي يمكن لأميركا اتّباعه»، وقالت إن «الإدارة الأميركية اختبرت الخيار الثاني عندما تأخرت في الدخول في المفاوضات».

جاء المقال الافتتاحي في صحيفة «إيران» بينما عنونت على استئناف المفاوضات بـ«العبور من فيينا 6» في إشارة إلى ما قاله عبداللهيان عن طيّ صفحة الجولات الست في فترة الحكومة السابقة.

ودافعت عن «أهمية» تجاوز الجولات السابقة. وقالت: «أميركا اتخذت من الاتفاق النووي منصة لمطالب المعادية لإيران.. جو بايدن قال في حملته إنه يريد تعزيز وتوسيع الاتفاق النووي والحصول على امتيازات إقليمية وأمنية (صاروخية) من بلادنا»، واقتبست كذلك أقوالاً سابقة من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بشأن إطالة أمد الاتفاق، وتعزيزه بما يشمل معالجة أنشطة إيران للصواريخ الباليستية والإقليمية.

وحسب الصحيفة فإن الجولات الست التي فاوض من أجلها كبير المفاوضين السابق عباس عراقجي «كانت مقرونة بمطالب أميركية تفوق الاتفاق النووي بما في ذلك تمديد قيود الاتفاق النووي وإضافة البرنامج الصاروخي والقضايا الإقليمية». ونوهت إلى أن هذا الأمر «تسبب في ربط المحادثات بالقضايا الإقليمية وأن يرفضوا منح ضمانات مطلوبة والتحقق من رفع العقوبات».

أما صحيفة «جهان صنعت» فقد انتقدت محاولات الحكومة الحالية نسف جولات الحكومة السابقة. وكتبت الصحيفة: «أكد وزير الخارجية أمس تغيير اسم المفاوضات وسيُمحى اسم الجولات الست».

ولاحظت أن «سلوك» و«مواقف» الوزير وفريق مساعديه في الوزارة الخارجية وكل معارضي الاتفاق النووي من استراتيجية الفريق الدبلوماسي السابق «يُظهر أنهم يريدون تحريض المواطنين والقاعدة الاجتماعية للتيار المعارض للإصلاحات، عبر تأكيد أن الفريق الحالي يقول شيئاً مختلفاً ويسلك طريقاً يتعارض مع الفريق السابق»، وزادت: «بغضّ النظر عن التحليلات والأخبار التي تسير إلى العودة لجوهر المفاوضات السابقة، يجب التذكر أن المواطن الإيراني لا يهمه أي مجموعة دبلوماسي أو جناح سياسي ينشط في العملية (التفاوضية)».

وأضافت: «الإيرانيون من دون شك لا مشكلة لهم مع المفاوضات وما إذا كان سيتفاوض عبداللهيان وباقري أو ظريف وعراقجي مع الزعماء الأميركيين والأوروبيين… الصعوبات التي تواجه المواطنين هي أن تُرفع العقوبات وتبعاتها عن كاهلهم وأن يوصلوا حياتهم العادية مثل مواطني الدول الأخرى، دون قلق».

أما صحيفة «آرمان ملي» فقد أشارت في مقالها الافتتاحي إلى أن الحكومة والتيار المؤيد لها «كان تصورهم أن كل شيء مهيأ لكن الحكومة السابقة لم ترغب في القيام بذلك».

وتضيف: «جميعاً نرغب في أن نتفاوض من موقف أقوى لكنّ هذا الموقف القوي يتطلب أن يتحمل المجتمع ضغوطاً استثنائية.. لو كان بإمكان المجتمع أن يتحمل أي ضغط ولا يتأثر، كان من الممكن أن نقول ليفرض الغربيون أي نوع من العقوبات ونحن نواصل طريقنا لكن في الوقت الحالي لا يمكن الضغط على الناس أكثر من هذا الحد».

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان + ثمانية عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى