هل يقلص “التشاور الاستراتيجي” بين عُمان وإيران مشاكل المنطقة؟

هنالك الكثير من الأسباب التي تدفع عُمان إلى الاحتفاظ بعلاقات متميزة مع طهران أبرزها، إبعاد مخاوف نشوب الحرب في المنطقة.

ميدل ايست نيوز: تعدُّ سلطنة عمان الدولة الخليجية الأكثر تقارباً مع إيران، إذ شهدت علاقات البلدين تحولاً كبيراً في التعاون السياسي بعد تولي السلطان الراحل قابوس بن سعيد زمام الحكم.

وهنالك الكثير من الأسباب التي تدفع عُمان إلى الاحتفاظ بعلاقات متميزة مع طهران أبرزها، إبعاد مخاوف نشوب الحرب في المنطقة، لا سيما أن عمان غير معزولة عما يحدث في الخليج، كما أن هذه العلاقات قد تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي بين عُمان وآسيا الوسطى عبر إيران، وهذا أمر مهم للاقتصاد العُماني.

الاجتماع الثامن

في أحدث محطة في علاقات البلدين انطلق في العاصمة الإيرانية طهران، الاجتماع الثامن للجنة التشاور الاستراتيجي بين عُمان وإيران، برئاسة وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية العُمانية خليفة بن علي بن عيسى الحارثي، ووكيل الخارجية الإيرانية علي باقري.

وبحث الجانبان، يوم 25 ديسمبر 2021، “أوجه التعاون بين البلدين، خاصةً الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتبادل التجاري”، حسبما أفادت وكالة الأنباء العمانية.

وكان الاجتماع السابع للتشاور الاستراتيجي قد عقد بالعاصمة مسقط في 14 ديسمبر 2020، وحضره عن الجانب الإيراني مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي.

يذكر أن الاجتماع الأول للجنة التشاور الاستراتيجي بين البلدين عقد عام 2012 وذلك في مقر وزارة الخارجية العمانية حيث جرى الاتفاق على تعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات.

تقليص المشاكل

يرى مراقبون أن اجتماعات البلدين في هذا التوقيت تكتسب أهمية خاصة إذ تتزامن مع الجهود الرامية إلى وقف الحرب في اليمن، وكذلك المفاوضات الدولية بشأن النووي الإيراني.

وفي هذا الصدد، أعرب الحارثي، عن “أمله في تسوية الأزمة اليمنية بأقصر وقت ممكن”، مرحباً “بالطرق السلمية والمفاوضات الهادفة إلى تقليص المشاكل الراهنة في المنطقة”.

من جانبه أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، “تحسين وتطوير العلاقات الإيرانية مع دول الجوار باعتبارهما إحدى أولويات السياسة الخارجية لحكومة آية الله رئيسي”.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن “عبد اللهيان” قوله: إن “سلطنة عُمان تحظى بمكانة خاصة، بين سائر الجيران”، في إشارة إلى تزعُّمها وساطات، لا سيما في ملف اليمن المتوتر.

وأضاف: أن “طهران تلتزم الحوار والاحتكام إلى الطرق السياسية لحل المشاكل الثنائية والإقليمية؛ ومستعدة للتشاور مع دول المنطقة من أجل الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية”.

كما تتطلع إيران، بحسب عبد اللهيان، إلى “تضافر الجهود بين جميع دول المنطقة، خاصةً سلطنة عمان بهدف توفير الظروف اللازمة لحل الأزمة في اليمن”.

شراكة استراتيجية

لم يتوقف التقارب الإيراني العُماني عند السياسة بل توسع ليشمل جوانب عسكرية واقتصادية حيث تسعى عُمان لاستيراد الغاز من إيران عبر بناء أنبوب بحري بين البلدين، ويناقش الطرفان تطوير حقول غاز مشتركة في عرض البحر.

وفي المجال العسكري، شهد البلدان توقيع العديد من مذكرات التفاهم لتعزيز التعاون العسكري بينهما كان آخرها عام 2019، فضلاً عن إقامة العديد من المناورات البحرية المشتركة في مضيق هرمز، الذي يشارك البلدان في إدارته من خلال تسيير دوريات مشتركة تهدف لترسيخ الأمن والاستقرار، بموجب اتفاقية مشتركة عام 1974.

ويؤكد الجانبان في مناسبات عديدة أنهما يتشاركان ذات المصالح في مياه الخليج، وليس من مصلحة أحدهما تدهور الأوضاع هناك، لما تحمله من تبعات سلبيّة على التّجارة العالميّة والأمن القومي الدّاخلي للبلدين، لذلك يشارك البلدان في إدارة مضيق هرمز ويسيران دوريات أمنيّة لحفظ أمنه.

وللحفاظ على هذه الشراكة الاستراتيجية تحاول طهران تجاهل بعض نقاط خلافها مع مسقط خاصة فيما يتعلق بالاتفاقية العسكريّة الأمريكية مع عُمان، والتي جعلت القوات الأمريكية على مقربة من الحدود الإيرانية، وهذا يؤكد حرص طهران على إبقاء العلاقة مع مسقط لما تحمله من إيجابيّات على بلادها.

نتائج الاجتماعات

بعد 10 سنوات من تشكيل لجنة التشاور الاستراتيجي بين عُمان وإيران والتي شهدت عقد 8 اجتماعات رفيعة المستوى، تثار العديد من التساؤلات حول أهمية النتائج التي تمخضت عنها تلك الاجتماعات خلال السنوات السابقة.

وحول ذلك يقول الباحث في الشأن الخليجي د. ميثاق خير الله القره غولي إن صانع القرار السياسي العُماني استطاع أن ينأى بالبلاد عن الصراعات الإقليمية، و لا سيما صراع المحاور الدائر بين إيران ودول الخليج (السعودية، الإمارات، البحرين)، وقد تمخضت العلاقات العمانية- الايرانية عن اتفاقيات ولقاءات مستمرة كان آخرها اللقاء الثامن للجنة المشاورات الاستراتيجية المشتركة في طهران لبحث أطر التعاون الثنائي بين البلدين ولاسيما في الملفات الإقليمية، وتحديداً فيما يخص اليمن.

ويضيف أن نتائج هذه اللجنة لم تكن واضحة ومؤثرة، حالها حال لجان استراتيجية أخرى شكلتها بعض الدول العربية مع دول الإقليم أو العالم، إذ تحمل عناوين مهمة دون مضمون يتناسب معها، بمعنى أخر بروتوكولية تعبر عن إيجابية العلاقات، مفيدة لعرض وجهات النظر و التشاور واللقاءات وعقد الاتفاقيات الاقتصادية.

ويلفت “القره غولي” إلى أن سلطنة عُمان تتبنى سياسة خارجية معتدلة ومحايدة تجاه الصراعات الإقليمية، حيث فرض موقعها الجغرافي على مضيق هرمز علاقة خاصة مع إيران، لتجنب المشكلات المحتملة بسبب هذا الممر الاستراتيجي.

كما ويشير إلى أن دول السعودية والإمارات والبحرين تتفهم طبيعة السياسية الخارجية العُمانية، لذلك وعلى الرغم من خروج عُمان عن توجهات دول الخليج حول عدد من القضايا ولاسيما في ملف إيران؛ “إلا أن ذلك لم يؤثر على علاقاتها مع محيطها الخليجي”.

ويضيف موضحاً: “دول الخليج خبرت الأسلوب العماني في التعامل مع المشكلات الاقليمية منذ عقود، وبالتالي تحركات عُمان وعلاقاتها مع إيران أمر يتوافق مع منهجها المتحفظ، مقارنة بالتوجه السعودي المتصدي لطموحات إيران في المنطقة”.

أما من الناحية الاستراتيجية، يبين القره غولي بأن النافذة العُمانية والقطرية مع إيران من الممكن أن تكون مفيدة، “لأن تاريخ الصراعات والتقاطعات يؤكدبأن الخلافات مهما طالت لا بد أن تتوقف في يوم ما”، مستدلاً باوروبا كمثال، فضلاً عن مقبولية عُمان بوصفها وسيطاً بين الطرفين السعودي والإيراني.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة + ثلاثة =

زر الذهاب إلى الأعلى