بالصور.. مدن إيرانية بسمات فريدة جعلتها “أغرب المدن”
التمايز المناطقي ليس سببه فقط الانتماءات العرقية والقومية، بل ثمة تمايز جغرافي طبيعي أيضاً، منح مدناً إيرانية سمات فريدة.
ميدل ايست نيوز: تحتضن إيران قوميات وأعراقاً متعددة؛ فرساً، وأتراكاً وكرداً وعرباً وبلوشاً ولوراً وتركماناً، إلخ. تتفاوت ثقافة هذه الأعراق وعاداتها، باختلاف انتماءات المناطق العرقية على مساحة البلاد البالغة أكثر من مليون و600 ألف كيلومتر مربع.
التمايز المناطقي ليس سببه فقط الانتماءات العرقية والقومية، بل ثمة تمايز جغرافي طبيعي أيضاً، منح مدناً إيرانية سمات فريدة. رصد موقع “العربي الجديد” مدناً إيرانية، اشتُهر كل منها بسمة فريدة، جعلتها ضمن ما يعرف بقائمة “أغرب المدن” في البلاد.
بلا إشارات حمراء
باوة مدينة كردية غربي إيران، في محافظة كرمانشاه، تبلغ مساحتها 400 هكتار، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 35 ألف نسمة، تشتهر بأنها المدينة الوحيدة في إيران، التي لا توجد فيها حتى إشارة مرور واحدة.
يقول عضو مجلس بلدية باوة، ديار عبد الله زادة، لـ”العربي الجديد” إن ذلك يعود إلى طبيعة المدينة الجبلية السلّمية (على شكل السلّم).
يوضح عبد الله زادة أن باوة مدينة طولية التصميم لجغرافيتها الخاصة، ما جعلها من دون تقاطعات ومفترقات، مشيراً إلى أنها لهذا السبب لا تحتاج إلى إشارات مرور. يؤكد عضو مجلس بلدية باوة أن المدينة، على الرغم من أرصفتها وشوارعها الضيقة، ما يسبب أحياناً زحمة مرور في بعض النقاط، لكن لا تحدث فوضى مرور؛ إذ يلتزم الجميع قوانين المرور.
تُعَدّ باوة أكبر المدن الكردية الواقعة في منطقة أورامانات الجبلية التراثية، التي أدرجتها منظمة “اليونسكو” للتربية والعلم والثقافة في قائمتها للتراث الإنساني العالمي خلال يوليو/تموز الماضي.
وقال حاكم مدينة باوة، جليل بالايي في وقت سابق من الشهر الجاري، إنها ستصبح قريباً ضمن قائمة المدن الصحية العشر في العالم، داعياً إلى الحفاظ على الميزات الخاصة التي تشتهر بها المدينة.
لا أحد يتسوّل
تبريز من كبريات مدن إيران، تقع في شمال غربها، وهي مدينة تركية (آذرية)، وهي عاصمة محافظة آذربيجان الشرقية. تشتهر تبريز، المعروفة تاريخياً كإحدى العواصم الإيرانية المهمة إلى جانب أصفهان وطهران، بأنها مدينة “بلا شحاذين”.
یقول الناشط التبريزي حسن حسين زادة إن سبب اشتهار تبريز بهذه الصفة ليس فقط لكونها تعتبر قطباً اقتصادياً مهماً غربي إيران، بل يعود ذلك إلى ثقافة أهالي المدينة.
يوضح حسين زادة أن المحسنين والأثرياء يأبون أن يتجول أي معوز في المدينة، لذلك يولون اهتماماً كبيراً بالأسر الفقيرة، ويرعون شؤونهم من خلال مؤسسات خيرية.
وإن قدرة أهالي تبريز على تحمّل الفقر “عالية”، حسب الناشط حسين زادة، الذي قال إن المدنية سجلت أول جمعية خيرية في البلاد لمساعدة الفقراء قبل عقود طويلة من الزمن، مشيراً إلى أن بعض الأثرياء المتحدرين من تبريز، المقيمين في الخارج سابقاً، مثل الأشقاء “مرداني آذري”، قد أعادوا جزءاً كبيراً من أرصدتهم في الخارج، وتبرعوا بها لبناء المدارس والشؤون الخيرية ومساعدة الفقراء في محافظة أذربيجان الشرقية خارجها.
تبريز ثالثة المدن الإيرانية مساحة، ويصل عدد سكانها إلى أكثر من مليون و500 ألف. يشير الناشط حسين زادة إلى طبيعة تبريز الخلابة ومشاهد جبال “سهند” الجذابة التي تخطف أنظار الزائرين.
تعد تبريز أيضاً إحدى عواصم الشعر والأدب في إيران، وهي تحتضن قبور نحو 70 شاعراً إيرانياً معروفاً، فضلاً عن أنها سطرت صفحات كبيرة من التاريخ الإيراني القديم والحديث، لكونها عاصمة للبلاد في حقب تاريخية عدة.
سياحة بلا فنادق
شادغان مدينة عربية في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران، وتعرف بأنها مدينة بلا أي فندق أو نزل.
عند زيارتك لمدينة الفلاحية السياحية، لا تبحث عن فندق أو نزل للإقامة والمبيت فيه؛ إذ لن تجد هناك مثل هذه الأماكن، كما يقول الناشط الإعلامي العربي يوسف الغرباوي في محافظة خوزستان.
يضيف الغرباوي أن لا حاجة للفندق ولا النزل في الفلاحية، لأن كل بيت فيها هو بيت للزائر والضيف، فأهلها كرماء لدرجة ستجد في كل بيت قاعة استقبال، أو ما يُسمى الديوانية الكبيرة لاستقبال الضيوف، مشيراً إلى أن الأهالي يرفضون بناء الفنادق منعاً لاندثار هذا التقليد الإنساني الحضاري.
يؤكد الناشط الإعلامي الإيراني، أن كرم الضيافة من بين السمات المهمة التي يتمثل بها سكان مدينة الفلاحية عامة، لافتاً إلى أن من أهم العبارات التي تلخص كرم الضيافة عند أهالي شادغان، هي: “يا ضيفنا لو زرتنا، لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل”.
مدينة شادغان تقع على بعد 97 كيلومتراً من الأهواز. تبلغ مساحتها 3600 كيلومتر مربع، وتقع شرق مدينة المحمرة وغرب مدينة معشور، ولها حدود بحرية مع الخليج عبر ميناء الفلاحية، ترتفع عن سطح البحر من 6 إلى 10 أمتار، ويمر من وسط المدينة نهر يُسمى نهر الفلاحية، إضافة إلى نهر الجراحي.
مدينة بلا زقاق
من جهتها، تشتهر مدينة لار في محافظة فارس التاريخية، جنوبي إيران، بأنها “مدينة بلا زقاق”، ليس فقط في البلاد، بل في منطقة الشرق الأوسط. تبلغ مساحة لار 12311 كيلومتراً مربعاً، وعدد سكانها أكثر من 65 ألفاً.
عن سبب هذه التركيبة المعمارية، يقول الناشط الإيراني المتحدر من مدينة لار، أحمد هاشمي، إن الأمر يعود إلى عام 1960.
عندما ضرب زلزال قوي مدينة لار القديمة دُمِّرَت بالكامل، فأعادت الحكومة البهلوية بناء المدينة بتصميم معماري جديد، ومن دون أي زقاق في الجهة الجنوبية من مدينة لار، وسميت هذه المدينه مدينة لار الجديدة.
يضيف هاشمي في حديثه إلى أن هذا التصميم ظل قائماً إلى يومنا هذا، إذ لا يوجد في لار الجديدة أي زقاق، حتى صارت هذه الخصيصة ميزة لمدينة لار عن سائر المدن في إيران، مشيراً إلى أن هذه السمة البارزة شجعت السياح على زيارة لار عند المرور بمدينة شيراز التاريخية، التي تحتضن مقبرتي الشاعرين حافظ الشيرازي وسعدي الشيرازي.
بلا مقبرة
جلفا مدينة آذرية (تركية) في محافظة آذربيجان الشرقية على الحدود الإيرانية مع جمهوريتي أذربيجان وأرمينيا. يبلغ عدد سكان جلفا 9 آلاف شخص. وتشتهر بأنها المدينة الإيرانية الوحيدة التي لا توجد فيها أي مقبرة.
يقول المعلم التركي يوسف رضا زادة إن معظم سكان جلفا ليسوا منها، وهم جاؤوا إليها للعمل، ويدفنون موتاهم في مناطقهم الأصلية، فضلاً عن أن بعض السكان الأصليين يدفنون موتاهم في قراهم القريبة من المدينة.
يضيف رضا زادة أن جلفا منذ القدم تعرف بأنها مدينة إدارية، يقصدها البعض للعمل في النقل السككي والجمارك لكونها مدينة حدودية، مشيراً إلى أن مجلس بلدية جلفا خصص مكاناً قبل عقد من الزمن لبناء مقبرة فيها، لكن الفكرة لم تلقَ قبولاً، ولذلك لم تنفذ.
شمس قليلة
شالدوران مدينة على الحدود مع تركيا في محافظة أذربيجان الغربية الإيرانية، وهي تقع بين سلسلة جبال زاغرس وأرارات. تشتهر شالدوران بأنها مدينة بلا مكيف بين المدن الإيرانية.
يقول الناشط الكردي من مدينة أورومية مركز محافظة أذربيجان الغربية، سيداد شيرزاد، إن الشتاء يخيم على المدينة على مدى نصف السنة، مشيراً إلى أن الشمس تنجح أحياناً في تموز بالصيف في هزيمة جنود الشتاء، فتبسط مظلتها على المنطقة لكن من دون حرارة شديدة، لكن الصيف لا يدوم كثيراً حتى يحلّ البرد والثلج مرة أخرى ويعيدا الجو إلى حالة شتوية.
يضيف شيرزاد أن طقس المدينة وأطرافها خلال الصيف “ربيعي”، لافتاً إلى أن قربها من جبال أرارات المغطاة بالثلوج على مدار السنة، تمنح المدينة أجواءً ربيعية رائعة في الصيف، الأمر الذي جعلها مدينة لا تحتاج إلى أي مكيف في هذا الفصل.
خالية من الضجيج
لا توجد في إيران منطقة أو قرية أو مدينة إلا وفيها دراجات نارية، خاصة جنوبيّ طهران، غير أن مدينة كيش المطلة على الخليج خالية من هذه الدراجات النارية التي تعكّر بأصواتها المزعجة وضجيجها صفوة حياة المواطنين الإيرانيين، فضلاً عن أنه يعتبر أحد أسباب التلوث الصوتي في المدن.
كيش الخالية من تلوث صوتي، ليست فقط مدينة تجارية، بل إنها أيضاً مدينة سياحية، لكونها تقع ضمن منطقة التجارة الحرة، فيمتلك سكانها سيارات أجنبية فخمة بأسعار رخيصة، تتضاعف في المدن الإيرانية الأخرى. تشكل كيش وجهة سياحية، يقصدها الإيرانيون باستمرار.
مدينة السد
مهاباد مدينة كردية في محافظة أذربيجان الغربية، تعرف بأنها المدينة الوحيدة في إيران، التي بداخلها سد مائي بات جزءاً من تركيبة المدينة.
يقول الكاتب الكردي صلاح الدين خديو المقيم في مهاباد، إن السد بناه المهندسون اليوغسلافيون عام 1969، مضيفاً أن السد يؤمّن مياه الشرب للمدينة، ومياه الزراعة للقرى المجاورة.
يضيف خديو أن السد يشكل جاذبة سياحية للمدينة، يقصدها السياح خاصة أيام عطلة النوروز، مشيراً إلى أن السد يحتضن ما يشبه جزيرة خضراء في داخلها، باتت أحد الأماكن المعروفة في المدينة.
يشير الناشط الإيراني في حديثه إلى أن سكان المدينة والسياح يقصدون السد في الأشهر الحارة بالسنة لممارسة هوايات، مثل السباحة وصيد الأسماك وركوب الزوارق.
تعد مهاباد إحدى أهم المدن الكردية في المنطقة، إذ شهدت أحداثاً تاريخية في الحياة السياسة الكردية، أبرزها إقامة جمهورية مهاباد بقيادة قاضي محمد عام 1946. لم تستمر الجمهورية إلا نحو عام قبل أن يسقطها النظام البهلوي السابق، وأصدر أحكاماً بالإعدام بحق قاضي محمد وعدد من وزرائه ومقربيه.