هل ستعرقل قوانين “فاتف” عودة الأموال المجمدة إلى إيران؟

مع وصول التيار المحافظ إلى سدة الحكم في إيران، انخفضت الأصوات التي كانت تنتقد بشدة خيار الدبلوماسية مع الدول الغربية.

ميدل ايست نيوز: على وقع تواتر الأنباء الواردة من مفاوضات فيينا النووية بشأن قرب الإعلان عن اتفاق للنووي الإيراني، نصح مراقبون إيرانيون بوضع المصادقة على الاتفاقات الدولية لمجموعة العمل المالي “فاتف” (FATF) على جدول أعمال “مجمع تشخيص مصلحة النظام”.

وحسب تقرير لموقع “الجزيرة” على ضوء تأكيد الوفد الإيراني المفاوض في فيينا ضرورة رفع جميع العقوبات الأميركية والإفراج عن الأصول المجمدة في الخارج كشرط لأي اتفاق محتمل، تساءل الرأي العام الإيراني بشأن إمكانية استعادة هذه الأموال في ظل العقوبات المالية المترتبة على طهران بسبب إدراج اسمها في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي.

وكانت مجموعة العمل المالي، قد علقت مؤقتا العقوبات المفروضة طهران عام 2016، عقب توقيعها الاتفاق النووي مع المجموعة السداسية (1+5)، ورهنت خروجها النهائي بقبول جميع القوانين والقرارات السائدة بالمجموعة الدولية.

إلا أن انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، وإعادته العقوبات على طهران، عرقل مصادقة الإيرانيين على قوانين الشفافية المالية لاعتبارات تتعلق بالالتفاف على العقوبات الأميركية.

وبعد نحو أكثر من 3 أعوام من خروج طهران المشروط من القائمة السوداء، أعادت مجموعة العمل المالي إيران من جديد في فبراير/شباط 2020 إلى القائمة، وهو ما أدى إلى عرقلة العمليات المالية بينها وبين المصارف العالمية، لا سيما آلية “إنستكس” (INSTEX) التي كانت قد أنشأها الأوروبيون للتبادل التجاري مع إيران عقب الانسحاب الأميركي.

ومع وصول التيار المحافظ إلى سدة الحكم في إيران، انخفضت الأصوات التي كانت تنتقد بشدة خيار الدبلوماسية مع الدول الغربية والتفاوض من أجل إحياء الاتفاق النووي، مما أدى إلى التفاؤل بمصادقة مجمع تشخيص مصلحة النظام هذه المرة على قوانين مجموعة العمل الدولية.

عقدة بارزة

يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشهيد بهشتي، علي بيكدلي، أن الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج شكل أحد أبرز العقد في مفاوضات فيينا، موضحا أن التقارير الواردة من العاصمة السويسرية تشير إلى إبداء الجانبين الإيراني والأميركي مرونة نسبية للتوصل إلى اتفاق في القريب العاجل.

ويوضح أن التعاون الإيراني في التمهيد للإفراج عن سجناء الولايات المتحدة قوبل بتساهل أميركي للإفراج عن جزء يسير من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية والعراق واليابان، تمهيدا لعودة القسم الأكبر من الأصول الإيرانية التي تبلغ 100 مليار دولار بعد انضمام طهران إلى الاتفاقات الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

ويتوقع بيكدلي أن تستغرق الخطوات العملية لتنفيذ طهران قوانين مجموعة العمل المالي (فاتف) نحو 6 أشهر، موضحا أنه لا يمكن لإيران استعادة أصولها المجمدة في الخارج قبل قبولها بجميع القوانين والقرارات السائدة بمجموعة العمل الدولية، وخروجها من القائمة السوداء لـ “فاتف”.

مفاوضات مرحلية

ويشير بيكدلي إلى أن العقوبات الأميركية على إيران لا تقتصر على برنامجها النووي، موضحا أن واشنطن ترفض التفاوض، في المباحثات الجارية، على العقوبات الصاروخية، وتلك التي تتعلق بما يسمى التدخل الإيراني في المنطقة ودعمها للإرهاب.

ويخلص إلى أن العقدة الرئيسية في الوقت الراهن هي رفع العقوبات عن طهران، موضحا أن “حكومة الرئيس رئيسي تريد رفع العقوبات دفعة واحدة، تحت ضغط التيارات الموالية لها، التي كانت من ألد خصوم الاتفاق النووي إبان الحكومة السابقة، بينما واشنطن تقترح التفاوض لاحقا على رفع العقوبات الأخرى”.

وعما إذا كانت الأوساط الإيرانية على استعداد للقبول بقوانين مجموعة العمل المالي، يتوقع الدبلوماسي الإيراني والسفير الأسبق في بريطانيا، جلال ساداتیان، أن “يوافق مجمع تشخيص مصلحة النظام في نهاية المطاف على انضمام طهران لمقررات مجموعة العمل الدولية لإعادة الأصول الإيرانية من الخارج”.

ويعتبر أن سبب معارضة بعض الأوساط الإيرانية للانضمام إلى الاتفاقات الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يعود إلى العقوبات الأميركية التي كانت تضيق الخناق على بلادهم.

ويكشف عن “موافقة الجانب الأميركي على الإفراج عن نحو 10 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في الخارج، كبادرة حسن نية للتوصل إلى اتفاق يقضي بإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015″، مؤكدا أن “طهران سترد بالإفراج عن 4 سجناء غربيين من مزدوجي الجنسية”.

ويوضح ساداتيان أن المقصود بعودة الأموال الإيرانية من الخارج لا يقتصر على الإفراج عن الأصول الإيرانية المجمدة فحسب، وإنما “يشمل عودة عائدات الصادرات الإيرانية، لاسيما النفط، ورفع العقوبات المصرفية والمالية الأخرى، مثل رفع الحظر عن التعامل مع نظام سويفت الدولي”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 + سبعة عشر =

زر الذهاب إلى الأعلى