لماذا حذر 250 نائبا إيرانيا من تجاوز “الخطوط الحمراء” في فيينا؟
وضع البرلمانيون الإيرانيون أول أمس الأحد شروطا لإحياء الاتفاق النووي؛ من بينها ضمانات قانونية بألا تنسحب واشنطن منه، وأن يوافق عليها الكونغرس الأميركي.

ميدل ايست نيوز: بعد مضي 50 يوما فقط على إصدارهم بيانا بشأن ضرورة التزام الوفد الإيراني المفاوض بما وصفوه بـ”الخطوط الحمراء” في مفاوضات فيينا مع الدول الغربية، وعدم التنازل عن “المصالح الوطنية”، عاد 250 نائبا في البرلمان لتوجيه رسالة إلى الرئيس إبراهيم رئيسي بشأن مستقبل المفاوضات مع مجموعة “4 + 1”.
ووضع البرلمانيون الإيرانيون أول أمس الأحد شروطا لإحياء الاتفاق النووي؛ من بينها ضمانات قانونية بألا تنسحب واشنطن منه، وأن يوافق عليها الكونغرس الأميركي، وأن تضمن آلية الاتفاق المحتمل عدم العودة لفرض عقوبات على إيران من قبل واشنطن، كما جاء في تقرير لموقع “الجزيرة“.
وعلى ضوء القيود والخطوط الحمراء التي يلوح بها البرلمان المحافظ بين الفينة والأخرى، إلى جانب خارطة الطريق التي ترسمها السلطات الإيرانية، تساءل مراقبون في طهران عن إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي مع القوى العالمية الكبرى.
وجاءت رسالة النواب الإيرانيين بعد يوم واحد فقط من كشف إيران عن “وثيقة إستراتيجية نووية” تحدد سياستها في هذا المجال حتى عام 2040، وبعد ساعات من رسالة النواب الإيرانيين رد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بأن سياسة حكومته في مفاوضات فيينا ترتكز لما سماها “السياسة النووية” التي أقرها القائد العام في إشارة للمرشد الأعلى الإيراني.
معضلة الحرس الثوري
من جانبه، يعتقد مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية محمد صالح صدقيان، أن السياسة النووية الإيرانية والمسار السياسي للمفاوضات الذي رسمه المجلس الأعلى للأمن القومي منذ قبل عام 2015 لا يشكلان عائقا أمام المفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي.
وقال أن الجولة الثامنة من مفاوضات فيينا قد انتهت من دون التوصل إلى اتفاق بين الجانبين الإيراني والغربي، مشيرا إلى أن الخارجية الإيرانية تقول إنها لم تتلق ردا بعد من الولايات المتحدة على المقترحات التي نقلها إليها منسق الاتحاد الأوروبي بشأن المحادثات النووية، إنريكي مورا.
واعتبر صدقيان أن العقبة الأساسية أمام إحياء الاتفاق النووي هي المطالبة بشطب الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأميركية، موضحا أن طهران ردت على رسائل أميركية تلقتها عبر وسطاء تريد مساهمة فيلق القدس في خفض التوتر بالمنطقة.
السياسة النووية الإيرانية
وأضاف أن إيران تعاملت إيجابيا مع الطلب الأميركي، وقدمت تصورا ومبادرة لتشكيل منظومة أمنية بمشاركة دول المنطقة لخفض التوتر فيها، لكنها اشترطت عدم التدخل الأجنبي.
وبرأيه فإن الوثيقة الإستراتيجية الشاملة للصناعة النووية التي أزاحت إيران الستار عنها السبت الماضي، هي التي تحدد السياسة النووية للبلاد، مضيفا أن السياسة النووية الإيرانية تركز على القضايا التقنية وترسم خارطة طريق للبرنامج النووي حتى عام 2040.
ومن أهم محاور الوثيقة الشاملة للصناعة النووية، 3 بنود تؤطر البرنامج النووي:
– إنشاء 30 مفاعلا نوويا خلال 20 عاما.
– مشاركة القطاع الخاص في البرنامج النووي.
– تفعيل الرسائل والطروحات الأكاديمية في الصناعة النووية الإيرانية وتطبيقها على أرض الواقع بمساهمة الشركات المعرفية.
وتابع مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية، أن السياسة النووية الإيرانية تؤكد على سلمية برنامجها وعدم انحرافه عن الأطر التقنية السلمية.
أما بشأن المفاوضات النووية، فيقول صدقيان إنها ترسم في مجلس الأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية وممثل من مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي، ومندوبين من كل مراكز اتخاذ القرار في البلاد، مؤكدا أن الوفد الإيراني المفاوض يسير في إطار الخطوط الحمراء المعدة مسبقا للحفاظ على المصالح الوطنية، لكن لديه مستويات من حرية التحرك يتم إبلاغه بها.
ساحة مساومة
في المقابل، يرى الأكاديمي الباحث في الملف النووي الإيراني محسن جليلوند، أن مفاوضات فيينا قد فرغت من محتواها بعد أن طغت الحاشية على متن المباحثات، مؤكدا أن مفاوضات فيينا تحولت خلال الأشهر الأخيرة إلى ساحة للمساومة على الدور الإيراني الإقليمي والمطالب الروسية.
واستبعد التوصل إلى اتفاق نووي على المدى القريب، موضحا أن التطورات الإقليمية والدولية لا سيما الحرب على أوكرانيا عقّدت المفاوضات النووية وأن الشرخ في مواقف الجانبين الإيراني والأميركي يزداد مع إطالة أمد المباحثات.
توزيع أدوار
وقرأ جليلوند رسالة نواب البرلمان الإيراني إلى رئيسي بأنها تأتي في إطار توزيع الأدوار بين المؤسسات الإيرانية للضغط على الأطراف الدولية ومساندة الفريق الوطني المفاوض، موضحا أن البرلمان غير قادر على الضغط على الفريق المفاوض لأن الأخير يعمل وفق خارطة طريق ترسم في مجلس الأمن القومي.
وأضاف “لا يوجد جدل حقيقي بين الأوساط الإيرانية بشأن الملف النووي لا سيما بعد سيطرة التيار المحافظ على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية”.
وخلص إلى أن فرص التوصل إلى اتفاق بشأن النووي تتضاءل مع مرور الوقت، بسبب تطور البرنامج النووي الإيراني من جهة، وزيادة العقوبات الأميركية من جهة أخرى، وتوقع استمرار الخلافات بشأن النووي الإيراني حتى نهاية الصيف المقبل.
ولم تُستكمل بعد جهود إبرام اتفاق جديد بعد أن أجبر طلب في اللحظة الأخيرة من روسيا القوى العالمية على وقف المحادثات النووية -الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي- مؤقتا على الرغم من التوافق على معظم نص الاتفاق تقريبا.