الاهتمام العالمي بغاز كردستان العراق يشعل التنافس بين تركيا وإيران
قد تؤدي المشاريع المحتملة لنقل الغاز الطبيعي من كردستان العراق إلى أوروبا عبر تركيا إلى زيادة التنافس بين تركيا وإيران.
ميدل ايست نيوز: قد تؤدي المشاريع المحتملة لنقل الغاز الطبيعي من كردستان العراق إلى أوروبا عبر تركيا (من أجل تقليل الاعتماد على روسيا) إلى زيادة التنافس بين تركيا وإيران.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين أتراك وعراقيين في 28 مارس/آذار الماضي أن خطة محتملة لنقل غاز كردستان عبر تركيا بمساعدة إسرائيل كانت أحد أسباب الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل في 13 مارس/آذار الماضي.
ولم يشر الحرس الثوري إلى هذا العامل في بيانه بشأن الهجوم، والذي جاء بعد مقتل عناصر من الحرس في غارة جوية إسرائيلية بالقرب من دمشق. وقال الحرس الثوري إن الهجوم استهدف الوجود الاستخباري الإسرائيلي في أربيل.
وأصاب صاروخ واحد على الأقل فيلا يملكها الشيخ “باز كريم برزنجي”، الرئيس التنفيذي لشركة النفط العراقية الكردية “كار” التي تمتلك 40% من خط أنابيب تصدير النفط في كردستان. وتعتبر شركة “روسنفت” النفطية الروسية العملاقة أكبر مساهم فيها.
وتوصلت “كار” إلى اتفاق مع إدارة أربيل في ديسمبر/كانون الأول 2021 لمد خط أنابيب من حقل “خور مور” في جنوب كركوك لنقل الغاز إلى أربيل ومن هناك إلى دهوك. ويعد الهدف من الخط هو تلبية الاحتياجات المحلية، ولكن بمجرد وصوله إلى دهوك ستكون المسافة المتبقية إلى الحدود التركية 35 كيلومترًا (22 ميلاً) فقط.
وقال “برزنجي” لـ”رويترز”: “لست في موقع حكومي يسمح لي بالحديث عن تسويق غاز إقليم كردستان”. وأضاف أن الإنتاج الحالي يلبي 50% فقط من الاحتياجات المحلية، وأن الغاز لن يتم تصديره إذا لم يتم تلبية الطلب المحلي، ما يثير الشكوك حول تصريحات أربيل بأن المنطقة يمكن أن تبدأ في تصدير غازها في أقرب وقت.
وكثفت أربيل جهودها لتعزيز علاقاتها في مجال الطاقة مع الجهات الفاعلة الإقليمية وسط تصاعد التوترات بين روسيا والعواصم الغربية بشأن أوكرانيا. وقد التقى رئيس كردستان العراق “نيجيرفان بارزاني” مع الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في أنقرة يوم 2 فبراير/شباط الماضي. وقال “علي صالح”، رئيس لجنة الطاقة في برلمان كردستان، في 9 فبراير/شباط الماضي، إن خط الغاز إلى تركيا سيبدأ العمل في عام 2025.
وبحث رئيس حكومة كردستان “مسرور بارزاني” مع وزير الطاقة القطري “سعد الكعبي” خلال زيارته للدوحة في 16 فبراير/شباط الماضي “إمكانات الغاز الهائلة في كردستان”.
وقد ألغت المحكمة الاتحادية العراقية العليا قانون النفط والغاز في كردستان العراق في 16 فبراير/شباط الماضي لكنها بالكاد أبطأت جهود أربيل. وفي 28 مارس/آذار الماضي، قال “مسرور بارزاني” في منتدى الطاقة العالمي في دبي إن كردستان العراق “ستصبح مُصدِّرًا للغاز إلى بقية العراق وتركيا وأوروبا في المستقبل القريب وستساعد في أمن الطاقة لهذه الدول”.
وبينما ردد تأكيدات سابقة بأن إسرائيل لا تشارك في الخطط، اعترف “بارزاني” أيضًا بأن علاقات الطاقة المتوسعة لكردستان العراق لا تتماشى مع المصالح الإيرانية. كما قال “بارزاني” إنه تم التلاعب ببعض المؤسسات العراقية لمعارضة إقليم كردستان العراق، في إشارة واضحة إلى حكم المحكمة.
من جهته، قال “أردوغان” إن تركيا تستعد لمشاريع طاقة جديدة. وفي طريق عودته من بروكسل بعد لقاء العديد من قادة الناتو، قال الرئيس التركي: “من خلال اجتماعاتنا سيتم فتح أبواب جديدة لتركيا في مجال الطاقة”. ويشير ذلك إلى أسواق محتملة مثل غاز كردستان وغاز شرق المتوسط بعد تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ووفقًا للصحفي الكردستاني العراقي “ريبوار كريم والي”، الذي يتابع عن كثب السياسة الكردية العراقية، فإن الضربات الإيرانية كانت بمثابة انتقام من الحزب الديمقراطي الكردستاني، القوة السياسية المهيمنة في كردستان العراق، لدعمه خصوم طهران السياسيين.
ويصدّر نفط كردستان إلى أفغانستان عبر إيران. وقال “والي” لـ”المونيتور”: “لا ينبغي اعتبار الغاز الطبيعي تهديدًا استراتيجيًا لإيران”، مضيفًا أن طهران ليس لديها مشكلة في أن تكسب أربيل الأموال من خلال النفط والغاز. وبحسب “والي”، لا يمكن لكردستان العراق تصدير الغاز لمدة 5 سنوات على الأقل بسبب القدرات الإنتاجية وقيود البنية التحتية.
وقال “والي” أيضا إن “بارزاني تجاهل الإشارات المتكررة من الجانب الإيراني لثنيه عن دعم “الصدريين. لكنه لم يغير موقفه. ويعد الهجوم نتيجة لهذا الإصرار. ولا علاقة لذلك بالغاز الطبيعي”. وأضاف أن إيران كانت تؤيد طريقا بديلا للغاز لنقل الغاز العراقي عبر الأردن متجاوزا تركيا، لكن الخطة فشلت في الحصول على موافقة رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي”.
وبصرف النظر عن الغضب الإيراني، لدى أنقرة خلافات أخرى مع بغداد ينبغي حلها قبل مشروع الغاز المحتمل مع كردستان. ويشمل ذلك الخلاف على الموارد المائية والقواعد العسكرية التركية في العراق والعمليات العسكرية الجارية ضد المسلحين الأكراد على الأراضي العراقية؛ وصفقة مثيرة للجدل لبيع نفط كردستان بشكل يتجاوز الحكومة المركزية.
ويشير الهجوم الصاروخي الذي تعرض له الجيش التركي في بعشيقة قرب الموصل في فبراير/شباط الماضي، إلى تنامي الغضب في الأوساط العراقية الموالية لإيران، من جهود تركيا لتعزيز تواجدها في البلاد.
ورفعت بغداد قضية تحكيم ضد شركة تشغيل خطوط الأنابيب التركية الحكومية في 2014 بشأن صادرات نفط كردستان من جانب واحد إلى تركيا. ومن المتوقع أن تأمر هيئة التحكيم تركيا بدفع 25 مليار دولار كتعويض للعراق. ومن المحتمل أن تؤدي صفقة الغاز إلى وضع مماثل.
باختصار، يمكن للتحالف الذي يقوده “الصدر” في بغداد أن يقوض نفوذ طهران على المشاريع المحتملة بين تركيا والعراق. لكن ما يزال يتعين على أنقرة إيجاد حل وسط بين أربيل وبغداد لتعزيز تعاونها بشأن الغاز والنفط مع كردستان العراق.