هل تعتبر هدنة اليمن شرطاً لاستكمال الاتفاق النووي مع إيران؟
نجحت الأمم المتحدة في إعلان تهدئة باليمن لوقف إطلاق النار بين الحوثيين المدعومين من طهران، والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية.
ميدل ايست نيوز: بينما كانت المفاوضات الإيرانية الغربية بخصوص الاتفاق النووي عالقة خلال الأيام الماضية، نجحت الأمم المتحدة في إعلان تهدئة باليمن لوقف إطلاق النار بين الحوثيين المدعومين من طهران، والحكومة اليمنية المدعومة من السعودية.
وحسب تقرير لموقع “الخليج أونلاين” بدا لافتاً الترحيب الدولي بهذه الخطوة، التي اعتبرتها إيران بداية لإنهاء الأزمة اليمنية، في حين كان لافتاً أن عُمان التي ساهمت بشكل كبير في هذه التهدئة، حرَّكت اتصالاتها مؤخراً مع طهران، ضمن خطوات ربما تدفع إلى استكمال المفاوضات بشأن النووي الإيراني.
ومع دخول الهدنة في اليمن حيز التنفيذ منذ يومين، تُطرح تساؤلات حول ما إذا كانت ستكون حافزاً للوصول إلى اتفاقٍ بين طهران والغرب حول النووي الإيراني، وما مآلات ذلك على المديَين القريب والبعيد.
حديث عُماني إيراني
بعد يوم من دخول الهدنة اليمنية حيز التنفيذ، قالت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” إن وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، تقدم بالشكر لطهران على دورها في وقف إطلاق النار باليمن، وذلك خلال مباحثات هاتفية أجراها مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان.
وذكرت الوكالة في 4 أبريل 2022، أن “البوسعيدي” رحب بوقف إطلاق النار في اليمن، وتوجه بالشكر لإيران على “دورها وجهودها في هذا الشأن”، معرباً عن أمله في أن يؤدي هذا الأمر إلى “توفير الأرضية اللازمة للمحادثات بين الأطراف االيمنية كافة، وإعادة فتح حدود هذا البلد”.
وبشأن مفاوضات فيينا، قالت الوكالة إن وزير الخارجية الإيراني انتقد إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات على بعض الشركات والأفراد الإيرانيين، وأشار إلى أن بلاده “مستعدة لاتفاق جيد ومستدام، لكن الجانب الأمريكي، من خلال بعض الأطماع، كان مسؤولاً بشكل مباشر، عن إطالة أمد المفاوضات حتى الآن”.
واتفق الوزير الإيراني ونظيره العُماني على مواصلة المشاورات الجارية بشأن القضايا المطروحة على جدول أعمال البلدين، وضمنها الملف النووي الإيراني الشائك.
الحرس الثوري وحرب اليمن
لعل الهدنة اليمنية بشروطها بدت كعملية تدريجية، كأنها مرهونة بعملية مقابلة لها، أي المفاوضات النووية، بحيث تتمكن الإدارة الأمريكية من تسويقها بالتوازي، مع حديثٍ عن قيام الولايات المتحدة برفع العقوبات عن الحرس الثوري الإيراني.
وكان لافتاً أنه وبالتزامن مع مراوحة المفاوضات في محطتها الأخيرة، جاء الإعلان المفاجئ عن هدنة حرب اليمن ليُحمل على “الربط غير المستبعد”، من باب أن الحلحلة في هذه الأزمة ربما جاءت كتسهيل إيراني يكون ثمنه استجابة أمريكية لمطلب إزالة “الحرس الثوري” من قوائم الإرهاب، وبما يسهل إخراج المفاوضات من مأزقها.
وطيلة الأشهر الماضية، دأبت وزارة الخارجية الأمريكية على التحذير من نفاد الوقت في المدة الأخيرة، وحذَّرت من أن المتبقي منه “لا يتجاوز أسابيع قليلة”.
كما لوّحت بـ”البدائل” لو أخفقت المفاوضات، بل أوحت بأنها على وشك توجيه الإنذار الأخير لإيران لإبرام الاتفاق أو لإنهاء المفاوضات.
ترحيب أمريكي بارز
في 1 أبريل 2022، خرج المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، بإعلانٍ عن توصل الأطراف اليمنية إلى اتفاقٍ لهدنة تدوم شهرين قابلة للتجديد، ليخرج بعدها بساعات، الرئيس الأمريكي جو بايدن، بإعلان ترحيبه بالهدنة.
وقال بايدن، في بيان: “أرحب بالإعلان عن الهدنة وهي مبادرة طال انتظارها للشعب اليمني، حيث تشتمل على وقف لجميع الأنشطة العسكرية لأي طرف داخل اليمن وعبر حدوده، ودخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، وكذلك استئناف الرحلات الجوية التجارية من صنعاء وإليها إلى الوجهات المتفق عليها”.
وأضاف أن هذه “خطوات مهمة، لكنها ليست كافية، ويجب الالتزام بوقف إطلاق النار، وكما قلت من قبل، من الضروري أن ننهي هذه الحرب”.
وقال الرئيس الأمريكي: “أنا ممتنٌّ للدور القيادي للمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في تحقيق هذه المبادرة قبل حلول شهر رمضان المبارك، كما أنني ممتنٌّ للعمل الجاد الذي قامت به الحكومة اليمنية والثقة التي أولتها للوساطة التي تقودها الأمم المتحدة”.
إضفاء أجواء إيجابية
ترى الباحثة في الشأن الإيراني أمل عالم، أن “الهدنة في اليمن على الأرجح، ليست شرطاً اساسياً من شأنه أن يعرقل المضي في إتمام الإتفاق النووي”.
وترجع ذلك إلى أن الغرب “يرى في نجاح الاتفاق النووي حلاً للصراعات والتوترات بالمنطقة، ويدرك أيضاً أهمية الورقة الحوثية في النفوذ الإقليمي الإيراني، وتؤكد مرحلة متقدمة من انعدام الثقة بين إيران والغرب”.
وتشير في حديثها لـ”الخليج أونلاين”، إلى أنه على الأغلب “لن يذهب الغرب إلى مفاقمة أزمة الثقة مع إيران من خلال الإصرار على تجريدها من عوامل قوتها كشرط لإتمام الاتفاق النووي”.
وحول الحديث عن هدنة اليمن، تعتقد أنه “يضفي على المفاوضات النووية أجواء إيجابية”، إلا أن أي فشل للهدنة مستقبلاً “لن يشكل عقبة تعرقل الاتفاق النووي، هناك أمور أخرى تعرقله، منها طلب الإيرانيين حذف الحرس الثوري من قائمة الإرهاب”.
وتشدد على أنه “لا يمكن إغفال أن التيار الإيراني المتشدد في السلطة اليوم هو من يدير عملية التفاوض، وهو داعم لتدخلات الحرس الثوري والنفوذ الإيراني في المنطقة عبر أذرعه المسلحة وضمن ذلك الحوثيون”.
وتوضح أن الحوثيين يُعتبرون اليوم “الذراع الإيرانية الأكثر تأثيراً والأكبر فائدة في الحفاظ على بقاء النفوذ الإيراني واستمراره في المنطقة”، مشيرة إلى أن “رهان الحرس الثوري يتجاوز سقف نفوذه في اليمن ليشمل كذلك بقية مناطق نفوذه”.
وأكدت أن عدم قدرة الحوثيين على حسم الأمور لصالحهم عسكرياً وعجزهم عن السيطرة على مأرب “يجعلان من الصعب ذهابهم إلى هدنة حقيقية يعقبها تفاوض وسلام، لأنه في هذه الحالة سيخسر الإيرانيون، لأن الحوثيين لن يكونوا قادرين على فرض مطالبهم التي تدعم وتخدم النفوذ الإيراني”.
وأكدت أنه من المستبعد أن يتعامل الإيرانيون بجدية مع هدنة حقيقية في اليمن كشرط أساسي لإتمام الاتفاق النووي، “خاصةً أن المفاوضين الحاليين دخلوا التفاوض وهم مثقَلون برصيد من الخيبات التي فاقمت أزمة ثقتهم بالغرب من ناحية، وكذلك الاتهامات التي استمروا في توجيهها للفريق الإيراني المفاوض السابق والتي وصلت لحد التخوين من ناحية أخرى”.
واستطردت: “كل ذلك يرفع من منسوب الشك والحذر في تقديم الإيرانيين تنازلات، من شأنها أن تُضعف من نفوذهم الإقليمي بشكل عام، من خلال الدفع بالحوثيين نحو هدنة ومفاوضات ستحد من نفوذهم وسيطرتهم الحالية، وانعكاسات ذلك لاحقاً على النفوذ الإيراني على الساحة الدولية”.
كما ترى أن ذلك يدلل على “عدم التزام الحوثيين بالهدنة وارتكابهم كثيراً من الانتهاكات، وسعيهم للاستفادة منها في الحشد واستهداف مأرب”.
الاتفاق النووي وحرب اليمن
ورغم بلوغ المفاوضات النووية حول إيران مراحل حاسمة، كان الاتحاد الأوروبي قد كشف في 11 مارس الماضي، عن “توقف” مفاوضات فيينا.
وتجري إيران وقوى كبرى (فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وروسيا، والصين)، منذ أشهر، مباحثات في فيينا لإحياء اتفاق عام 2015 بشأن برنامج طهران النووي. وتشارك الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق أحادياً في عام 2018، في المباحثات بشكل غير مباشر.
وتهدف مباحثات فيينا إلى إعادة الولايات المتحدة للاتفاق، خصوصاً عبر رفع العقوبات، وامتثال طهران مجدداً لالتزاماتها كاملة بموجب بنوده.
وعلى الرغم من وجود مؤشرات على أن المفاوضات النووية وصلت إلى مرحلة مهمة، ترى إيران أنها تستطيع تعزيز موقفها خلال المحادثات عبر استخدام حلفاء مثل الحوثيين؛ لتذكير العالم بالتكلفة الباهظة لعدم التوصل إلى اتفاق. وكان لافتاً ذلك من خلال الهجمات الحوثية على السعودية والإمارات.