“عندما تنتهي تسقط”.. مسرحية أهوازية تروي جرائم البشر بحق الكرة الأرضية

الهدف الأساس من مسرحية "عند ما تنتهي تسقط" هو الدعوة إلى السلام ونبذ الكراهية والحروب التي لم تجن الأرض منها سوى الدمار.

ميدل ايست نيوز: “من أجل إحلال السلام وإنقاذ الأرض من الدمار الذي لحق بها جراء تصرفات بني آدم”، هكذا يلخص المواطن الأهوازي محمد كعبي (26 عاما) هدفه من حضور مسرحية “عندما تنتهي تسقط” في قاعة “آفتاب” بمدينة الأهواز جنوبي غربي إيران.

ويشير محمد -في حديث للجزيرة نت– إلى العواصف الترابية وظاهرة الجفاف اللتين تعاني منهما المنطقة خلال السنوات الأخيرة، موضحا أن “سلوك الإنسان أضحى أشد قساوة تجاه الأرض، وأنه لا بد من هبة الشعوب لإنقاذها وإحلال السلام فيها”.

وفيما ظهر محمد متأثرا بأحداث العرض الفني، قال المخرج ومؤلف مسرحية “عندما تنتهي تسقط” إن السيناريو يحكي قصة خلقة أبي البشر، وتدمير الأرض وخلقها مرة أخرى، مؤكدا أن أحداث المسرحية تروي الجرائم التي يقوم بها بنو آدم بحق الكرة الأرضية، وتسلط الضوء على الدمار الذي لحق بالعالم والبيئة خلال السنوات الماضية.

وأوضح الجرفي أن المسرحية التي استغرقت كتابتها أكثر من 3 أعوام قبل تمثيلها جمعت 12 ممثلا، بينهم اثنان من العراق، ضمن فرقة “شمايل” الفنية على خشبة المسرح العربي داخل إيران وخارجها، وحازت على جائرة أفضل مسرحية في مهرجان السلام للمسرح العربي الذي استضافته مدينة الخفاجية جنوب غربي إيران الشتاء الماضي بمشاركة أعمال فنية من إيران وخارجها.

وأشار إلى أن الهدف الأساس من مسرحية “عند ما تنتهي تسقط” هو الدعوة إلى السلام ونبذ الكراهية والحروب التي لم تجن الأرض منها سوى الدمار، مؤكدا أن المسرحية اعتمدت العربية الفصحى في عروضها داخل إيران وخلال مشاركتها في مهرجانات عربية خارج البلاد.

وبعد مشاركتها في مهرجان فجر السينمائي بالعاصمة طهران في فبراير/شباط الماضي، شاركت فرقة شمايل بمهرجان جندوبة للمسرح المحترف، وحظيت بتنويه خاص من لجنة التحكيم بمهرجان مدينة الكاف التونسية في دورته الأخيرة تحت عنوان “المسرح والتنوع الثقافي” في مارس/آذار الماضي.

وأشاد الجرفي بالإقبال الشعبي على المسرح العربي في إيران وتفاعل الجمهور مع الوسط الفني وإنتاجه، إلا أنه وصف الدعم الحكومي للفرق الفنية في محافظة خوزستان بالخجول جدا.

من جانبه، انتقد الإعلامي مهدي فاخر غياب الدعم المؤسساتي للمسرح العربي في إيران، مؤكدا أن العديد من الفرق الفنية في الأهواز تواصل نشاطها بجهود ذاتية وأنها تبذل قصارى جهودها لإحياء المسرح العربي بعد أن أوشك على الاندثار نهائيا قبل نحو 3 عقود.

ويوضح مهدي فاخر أن محافظة خوزستان تفتقر إلى قاعات عرض لتشجيع الحركة المسرحية على الاستمرار فضلا عن الضغوط المادية التي يتعرض لها الفنانون، مؤكدا أن هواة المسرح العربي كانوا خير داعم للساحة الفنية هناك.

وأضاف أن مدينة الخفاجية تستضيف سنويا أكبر مهرجان للمسرح العربي في إيران منذ 18 عاما، بمشاركة بعض الدول العربية منها العراق وسوريا ولبنان، إلى جانب مهرجانات داخلية أخرى تقام بين الفينة والأخرى في بعض مدن المحافظة.

وتعليقا على المقولة الشهيرة “أعطني خبزا ومسرحا أعطيك شعبا مثقفا”، رأى الإعلامي الإيراني مهدي فاخر أن دور المسرح العربي الأهوازي لم يرتق بعد إلى المستوى المنشود في تقويم العادات والتقاليد الاجتماعية رغم كل المحاولات المضنية التي يقوم بها الوسط الفني.

وتعود أولى إرهاصات المسرح العربي في الأهواز إلى العهد العيلامي (3300–1200 ق.م)، وفق الباحث المسرحي كاظم القريشي، الذي أوضح أن المنحوتات المتبقية من الحضارة العيلامية في منطقة إيذج جنوب غربي إيران تشير إلى وجود طقوس دينية تشبه المسرح، وهناك صورة منحوتة تصور أحد الملوك وجنوده في عرض مسرحي.

وتابع أن الأهوازيين عرفوا المسرح العربي الحديث عبر التمثيليات الدينية المستوحاة من التراث الديني العراقي في القرن الـ19، قبل أن يحرص عدد من أهل الفن على إدخاله حفلات الأعراس عبر العروض الهزلية.

ويرى القريشي أن ستينيات القرن الماضي باكورة المسرح العربي في الأهواز الإيرانية بالمعنى الحديث، إذ قام الفنان “عيسى الطرفي” وزميله “بدن المنبوهي” بتمثيل عدة مسرحيات في المدارس وتناولا حينها موضوعات تتعلق بالتربية والتعليم ومحو الأمية.

كما شهدت الساحة الفنية في الأهواز مسرحيات إذاعية في سبعينيات القرن الماضي -والكلام للباحث كاظم القريشي- كان يسجلها الفنان “أحمد كنعاني” على أشرطة كاسيت، ومسرحيات غنائية أخرى كان يقدمها الفنان “حسان أكزار”.

وقال القريشي “كان المسرح العربي في الأهواز قد تأثر خلال العقود الماضية بالفن العربي لا سيما بالمسرح العراقي والكويتي، وقد دأب الأهوازيون على معالجة القضايا الاجتماعية منها شؤون المرأة والبطالة والإدمان ونقد الموروث الاجتماعي الخاطئ وتكريم العلم ونبذ الأمية”.

وخلص إلى أن المسرح العربي الأهوازي قد قطع شوطا يستحق الثناء لكنه لا يرتقي إلى المسرح المحترف وفق المعايير الغربية، وعليه فإنه بحاجة إلى دعم مؤسساتي وبذل جهود جبارة لمنافسة الأعمال الفنية العالمية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + 9 =

زر الذهاب إلى الأعلى