كيف تكون علاقات إيران مع الإمارات في عهد رئاسة محمد بن زايد؟
مع الجهود الدولية المبذولة لإنهاء التوتر مع إيران فيما يتعلق بملفها النووي، التقطت الإمارات تلك الإشارات لتحسين العلاقات مع طهران.
ميدل ايست نيوز: تسعى الإمارات وإيران لـ”فتح صفحة جديدة” من العلاقات بينهما، في محاولة لطي سنوات من الخلاف السياسي بين البلدين، وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، خصوصاً مع تولي محمد بن زايد حكم البلاد بعد رحيل شقيقه الشيخ خليفة.
وحسب تقرير لموقع “الخليج أونلاين” بدا لافتاً تزامن تلك الخطوات مع تصريحات إيرانية تشير إلى تطلعها لتنمية العلاقة مع الإمارات في عهد بن زايد.
ويقود بن زايد عملية لتغيير التحالفات في الشرق الأوسط، خصوصاً مع التطورات التي تشهدها أوكرانيا، والخلافات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يجعل تقاربها الملحوظ مؤخراً مع إيران محل تساؤلات عما إن كانت رئاسة بن زايد ستدعم علاقات أوسع مع طهران.
صفحة جديدة
في تصريحٍ هو الأحدث للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي (16 مايو 2022)، أعرب عن أمله في تنمية العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة بعد تولي الشيخ محمد بن زايد رئاسة الدولة الخليجية عقب وفاة أخيه غير الشقيق خليفة.
وتسلم الشيخ محمد السلطة (13 مايو 2022)، غداة وفاة الشيخ خليفة الذي تولى مقاليد الحكم في 2004.
وهنّأ الرئيس الإيراني نظيره بن زايد بانتخابه رئيساً لدولة الإمارات، وفق ما جاء في بيان صادر عن الرئاسة الإيرانية نقلته وكالة “إرنا” الرسمية.
وأضاف: “نتطلع أن تشهد العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة الإمارات العربية المتحدة، التي أرسيت منذ عهد الفقيد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، مزيداً من النمو في عهد رئيسها الجديد، وبما يشمل كافة المجالات التي تخدم مصالح البلدين”.
وفي ذات اليوم خلال زيارته للإمارات، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إن زيارته للتعزية بوفاة الرئيس الراحل، الشيخ خليفة بن زايد، تعد بمنزلة “صفحة جديدة” من العلاقات بين البلدين.
وكتب عبد اللهيان على حسابه الرسمي بـ”تويتر”، في تغريدة تضمنت صورته مع الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد، قائلاً: “نشد على أيدي جيراننا بقوة. متانة الروابط بالجيران تخيّب أمل أعداء المنطقة”، حسب تعبيره.
استمرار التقدم
ومنذ اليوم الأول لدخول إيران بعهد رئاسي جديد، مطلع أغسطس الماضي عند تنصيب رئيسي رئيساً جديداً لها، كانت الإشارات تدل على أن عهداً جديداً ستدخله كل من طهران وأبوظبي، أساسه الود والتعاون وحسن الجوار، حيث أشاد حينها بالإمارات، ووصفها بأنها “صديقٌ مخلص لإيران”.
كان ذلك خلال اجتماع إبراهيم رئيسي مع وفد إماراتي كبير برئاسة وزير التسامح، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، حضر للمشاركة في تنصيب الرئيس الإيراني، خلاله أعرب الأخير عن رغبته بتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات.
وفي أبريل الماضي، بحث وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، سبل تطوير العلاقات بين البلدين في خضم التوتر بين طهران والقوى الغربية فيما يتعلق بالملف النووي.
وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام”، حينها، بأن الوزيرين بحثا خلال اتصال هاتفي “العلاقات الثنائية ومجالات التعاون وسبل تطويرها بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين”، دون تفاصيل أكثر.
فيما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” عن عبد اللهيان أن “علاقات بلاده مع الإمارات ماضية باتجاه التقدم”.
وأشار الوزير الإيراني، خلال الاتصال، إلى “ضرورة تشكيل لجان مشتركة لتعزيز وتوسيع العلاقات”، مؤكداً أنه “ليست هناك أي قيود على سير تنمية العلاقات الشاملة”.
تقارب لاحتياجات دولية
يشير رئيس مركز “ساس” للأبحاث ودراسة السياسات، عدنان هاشم، إلى أن السياسة الخارجية لدولة الإمارات لن تتأثر بشكل كبير مع صعود “بن زايد” لسدة الحكم.
وفي حديثه لـ”الخليج أونلاين”، يوضح هاشم: “لن يكون هناك تغير كبير في السياسة الخارجية الإماراتية، حيث يحكم محمد بن زايد الإمارات منذ 2014 على الأقل عندما أصيب الشيخ خليفة بجلطة دماغية”.
وحول المرحلة القادمة وما ستشهده العلاقات بين إيران والإمارات، يرى أنه سيحدث “تقارب في الفترة القادمة في معظم المجالات، الاقتصادية والسياسية والأمنية”.
ويرى أن ذلك التقارب لن يكون بسبب الحقبة الجديدة في الإمارات كدافع رئيسي، موضحاً بقوله: “إنما حاجة الدول المطلة على الخليج للتعاون بسبب المتغيرات الدولية الجديدة والمؤثرة على استقرار المنطقة”.
إعادة التموضع الإماراتي
ولعل زيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، في ديسمبر الماضي، إلى إيران، عكست حسابات الإمارات المتغيرة فيما يتصل بعلاقة أكثر براغماتية وواقعية مع جارتها الإقليمية لا تخلو أيضاً من الفوائد الأمنية والاقتصادية.
وحينها وجّه طحنون الدعوة لإبراهيم رئيسي للقيام بزيارة نادرة إلى دولة الإمارات، إذ لم يقم أي رئيس إيراني بزيارة الإمارات منذ 2007، وهو ما قد يحدث خصوصاً مع تولي بن زايد الحكم. كما نقل عن طحنون قوله إن الزيارة ستكون “نقطة تحول” في العلاقات.
ودشنت الإمارات مؤخراً انفتاحاً مع خصومها ومنافسيها، تركيا وقطر، وحالياً مع إيران، وفق نهج جديد يقوم على بناء الجسور مع المحيط، وخفض التصعيد وانتهاج سياسة “صفر مشاكل” مع الجيران والأطراف الإقليمية، وذلك لتجنب أي مواجهات جديدة في المنطقة.
كما تعمل دولة الإمارات من خلال تحركاتها على أن تُفكك جزئياً معضلة ما يبدو تناقضاً في علاقاتها مع كل من إيران و”إسرائيل”، وتحول دون أن يظهر التقارب بين أبوظبي و”تل أبيب” عقب اتفاق التطبيع كخطوة عدائية ضد طهران.
ومع الجهود الدولية المبذولة لإنهاء التوتر مع إيران فيما يتعلق بملفها النووي، التقطت الإمارات تلك الإشارات لتحسين العلاقات مع طهران وفتح في صفحة جديدة من التعاون.
وكانت الإمارات بدأت فعلياً التواصل مع إيران في أعقاب هجمات على ناقلات نفط قبالة سواحل الإمارات، وكذلك على البنية التحتية لقطاع الطاقة في السعودية، فيما لا تزال الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي التي تمولها طهران مستمرة على الإمارات.