مباحثات تصدّرها الاقتصاد والطاقة.. ماذا بعد زيارة رئيس إيران لعُمان؟

العلاقات العمانية الإيرانية "جيدة جداً" مقارنة بطبيعة علاقات إيران مع أغلب دول الخليج، لا سيما السعودية والإمارات.

ميدل ايست نيوز: تتميز العلاقات العمانية الإيرانية بتاريخ طويل من التعاون المشترك في كثير من القضايا التي تجمع البلدين الجارين، كما تبادل قادة البلدين الزيارات الرفيعة المستوى والتي تُوجت بتوقيع اتفاقيات ثنائية شملت المجالات المتنوعة، الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية.

وفي هذا السياق أتت زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لمسقط (23 مايو 2022)، والتي أوجز “رئيسي” أهدافها قبيل مغادرته طهران، بالقول: “سوف نعمل على تعزيز العلاقات التجارية في مجال السياحة والصحة والطاقة، هذه الرحلة مهمة في إطار تطوير سياسة حسن الجوار، وسوف نتابع تعزيز العلاقات الثنائية والإقليمية”، حسب ما أفاد تقرير لموقع “الخليج أونلاين“.

وأضاف الرئيس الإيراني أن “وجود دول أجنبية في المنطقة لا يخلق الأمن أبداً”، مشدداً على أن “التعاون والحوار بين دول المنطقة من شأنه أن يجلب الأمن”.

الطاقة

يعد ملف التعاون في مجال الطاقة، وتطوير حقول النفط المشتركة، من أبرز الملفات التي تصدرت جدول مباحثات الرئيس الإيراني في مسقط.

وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية في 23 مايو الجاري، أن سلطنة عمان وقّعت مع إيران -على هامش زيارة رئيسي لمسقط، 8 مذكرات تفاهم و4 برامج تعاون، في عدة مجالات، أبرزها النفط والغاز والنقل، كما اتفق البلدان على تشكيل لجنة للتطوير المشترك لحقل “هنغام” النفطي، الذي يمتد على الحدود البحرية للبلدين.

بدورها تشير صحيفة “الطاقة” السعودية، بتقرير نشرته في اليوم ذاته، إلى أن إيران تمتلك أطول حدود بحرية مع عمان، ووقّع البلدان، في عام 2005، مذكرة تفاهم لتطوير حقل هنغام النفطي بشكل مشترك، لكن الاتفاق لم ينفّذ، وقررت طهران تطوير الحقل بشكل مستقل في عام 2012.

من جانبه، قال وزير النفط الإيراني جواد أوجي، إنه اتفق على تشكيل لجنة فنية مشتركة لتطوير المراحل التالية من حقل هنغام النفطي بطريقة سلسة بين إيران وسلطنة عمان، حسبما ذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية.

وأضاف أوجي للوكالة (23 مايو)، عقب مباحثات أجراها مع وزير الطاقة العماني محمد بن حمد الرمحي، أن الاستغلال المشترك لحقول النفط المشتركة، عكس الاستغلال التنافسي، سيعود بالفائدة على البلدين؛ لأن هذه الطريقة تؤدي إلى تقليل الأضرار التي تلحق بالمكمن، وتسمح بمزيد من الاستخراج.

وكان أوجي قد وصل إلى مسقط في الـ22 من مايو 2022، وعقد عدداً من اللقاءات مع المسؤولين بعُمان، وفي مقدمتهم وزير الخارجية بدر البوسعيدي، واتفقا كذلك على إحياء مشروع متعثر منذ مدة طويلة، لمد خط أنابيب تحت البحر لنقل الغاز إلى عُمان، وفق صحيفة الطاقة.

كما جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات وتطويرها، خاصةً تلك المتعلقة بالتعاون في مجال الطاقة.

ويعود تاريخ المشروع إلى عام 2013، عندما وقع البلدان صفقة بقيمة 60 مليار دولار على مدى 25 عاماً، تقوم بموجبها إيران بتزويد عُمان بالغاز عبر خط أنابيب تحت البحر.

الاقتصاد

كما ركزت زيارة الرئيس الإيراني لعُمان على التعاون الاقتصادي، وتعد هذه ثاني زيارة لدولة خليجية يجريها منذ توليه منصبه في أغسطس 2021، حيث رافقه في الزيارة وفد من 50 من رجال الأعمال والمسؤولين التنفيذيين.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين عمان وإيران وصل في العام الماضي، إلى مليار و336 مليون دولار، وشهدت الفترة الماضية فتح مزيد من الخطوط التجارية المباشرة بين موانئ البلدين، لتصل الحركة التجارية بينهما إلى معدل 5 إلى 7 رحلات يومية. وفق صحيفة عمان المحلية.

ويطمح رجال الأعمال بالبلدين إلى مزيد من التعاون لرفع حجم التبادل التجاري إلى مستويات أكبر، في ظل العلاقات السياسية والمصالح المشتركة التي تجمعهما.

وتنقل الصحيفة العمانية، بتقرير نشرته في 22 مايو 2022، عن محمد اللواتي رئيس مجلس رجال الأعمال العماني الإيراني بغرفة تجارة وصناعة عمان، تطلعه إلى أن تكون العلاقات التجارية بين البلدين أكبر في السنوات المقبلة، من خلال زيادة الاستثمارات الإيرانية في سلطنة عمان، ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين.

وقال اللواتي لصحيفة عمان، إنه رغم العلاقات السياسية القوية بين البلدين فإن الاستثمارات الإيرانية في عُمان لا تزال “محدودة”، معرباً عن أمله في أن تكون هناك زيادة بهذه الاستثمارات، خاصة في قطاعات السياحة، والصناعة، والنفط والغاز، إضافة إلى قطاع النانو تكنولوجي.

وبحسب اللواتي، يأمل رجال الأعمال في سلطنة عُمان أن تسفر الزيارة الأولى للرئيس الإيراني الجديد عن تأسيس شركة استثمارية مشتركة بين البلدين تنظم عملية الاستيراد والتصدير، والتعاملات المالية المختلفة، الأمر الذي يسهم في رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين ليصل إلى أكثر من 5 مليارات دولار.

وأوضح أن أهم التحديات التي تواجه رجال الأعمال الإيرانيين في الاستثمار بعُمان هي العقوبات المفروضة على إيران، والتي حدّت في الفترة الأخيرة من تدفق الاستثمارات إلى عمان، كما أن البنوك التجارية بين البلدين لا تستطيع التعامل فيما بينها مباشرة بسبب العقوبات.

أهمية الزيارة

من جانبه أفاد الخبير في الشؤون الخليجية، ميثاق خير الله جلود، بأن العلاقات العمانية الإيرانية “جيدة جداً” مقارنة بطبيعة علاقات إيران مع أغلب دول الخليج، لا سيما السعودية والإمارات.

كما أن إيران تتمتع بعلاقات جيدة أيضاً مع قطر، وكانت عمان دوماً حريصة على تبني سياسة خارجية، قوامها الحياد الإيجابي في تعاملها مع قضايا المنطقة، لذلك حتى المملكة العربية السعودية وفي أوج خلافاتها وصراعها مع إيران، كانت تتفهم فلسفة السياسة الخارجية العمانية ولا تعترض عليها.

ويردف: “وتعزيزاً لهذه العلاقات الإيجابية، زار الرئيس الإيراني عمان، في زيارة رسمية هي الأولى له. والثانية خليجياً بعد أن زار قطر قبل نحو ثلاثة أشهر”.

ووفق ما تم الإعلان عنه، فإن طابع الزيارة اقتصادي، حيث تم توقيع نحو 12 مذكرة تفاهم بين الجانبين، كما تمت مناقشة مشروع مد خط أنابيب نقل الغاز الإيراني إلى سلطنة عمان من جديد، بعد أن توقفت المباحثات حوله في فترة سابقة.

ولا يريد جلود استباق الأحداث على حد قوله، ولكن قد تكون هذه الزيارة بداية لعودة العلاقات الخليجية الإيرانية، إذ تتمتع إيران حالياً بعلاقات جيدة مع كل من قطر وعمان، ونسبياً أيضاً لها علاقات اقتصادية جيدة مع الإمارات، فضلاً عن ذلك هنالك جولات من المباحثات السعودية الإيرانية يُعلَن عنها بين فترة وأخرى برعاية عراقية.

ويضيف أن أجواء المصالحة الخليجية بين قطر والسعودية تدل على أن المملكة قبلت بعلاقات إيرانية قطرية جيدة، وهذا يدل على أن إيران تقدمت خطوة في اتجاه التعاطي مع الدول الخليجية والعودة إلى العلاقات الدبلوماسية.

وختم الخبير في الشؤون الخليجية حديثه بأن من الممكن في المستقبل القريب الإعلان عن زيارة للرئيس الإيراني للكويت، حيث إنها المرشحة القادمة للتعاطي مع إيران قبل المصالحة مع السعودية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × اثنان =

زر الذهاب إلى الأعلى