إيران وإسرائيل.. ما سيناريوهات التصعيد واحتمالات الحرب متعددة الجبهات؟

يبدو وكأن طبول الحرب تقرع عبر وسائل الإعلام في تل أبيب وطهران، وسط التصعيد بين الجانبين على ساحات عدة في المنطقة.

ميدل ايست نيوز: تتصاعد نبرة التهديد والوعيد بين إسرائيل وإيران على وقع تعثر مفاوضات فيينا وإرجاء التوقيع على اتفاق نووي جديد إلى أجل غير مسمى، فيما يبدو وكأن طبول الحرب تقرع عبر وسائل الإعلام في تل أبيب وطهران، وسط التصعيد بين الجانبين على ساحات عدة في المنطقة.

وحسب تقرير لموقع “الجزيرة” شكل تبني مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المؤلف من 35 دولة، قرارا ينتقد طهران لعدم تقديمها ما يفسر وجود آثار لليورانيوم في 3 مواقع لم يعلن عنها، واعتماده الرواية الإسرائيلية التي تزعم تسريع البرنامج النووي الإيراني، محطة مهمة في كواليس الصراع بين تل أبيب وطهران، إذ خرجت بعض معالم الصراع للعلن وسط استمرار الجدل الإقليمي والدولي بشأن النووي الإيراني.

وفي ظل الجدل والضغوطات الدولية التي تمارس على طهران للعودة للاتفاق النووي المبرم عام 2015، ومع محاصرة إسرائيل إيران من خلال اتفاقيات التطبيع “الأبراهامية” مع دول خليجية، تحتدم أجواء التصعيد متعددة الأطراف والساحات بين تل أبيب وطهران.

وتحت ذريعة التهديدات الصاروخية الإيرانية قصف الطيران الحربي الإسرائيلي، الجمعة، مطار دمشق الدولي، وتزامن ذلك مع تصعيد الحرب الكلامية أيضا بعدما كشف الإعلام الإسرائيلي عن نشر منظومة رادارات إسرائيلية بالخليج، وصولا للتهديدات التي ساقها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ضد حزب الله اللبناني، والحديث عن إحباط محاولة إيرانية لمهاجمة أهداف إسرائيلية في تركيا، وما سبق ذلك من اغتيالات لعلماء في طهران وضباط بالحرس الثوري الإيراني خلال السنوات الأخيرة.

هل تعيش إسرائيل أجواء حرب حقيقية مع إيران؟

تعكس المناورات العسكرية التي أجراها الجيش الإسرائيلي، خلال يونيو/حزيران الجاري، حالة الحرب والتهديد الوجودي الذي تحاول تل أبيب الترويج له، إذ كثف سلاح الجو الإسرائيلي من مناوراته وأجرى 4 تدريبات حاكت تنفيذ هجمات ضد إيران، وتدرب الطيارون فيها على مهاجمة أهداف تشبه أهدافا إيرانية حقيقية.

وخلال التدريب هاجمت الطائرات الإسرائيلية أهدافا كثيرة، خلال فترات زمنية قصيرة وبمدى 1100 كيلومتر، وباستخدام طائرات “إف-15″ و”إف-35” كما تدربت القوات الإسرائيلية على إنقاذ طيارين قفزوا من طائرات في مناطق بعيدة عن الحدود الإسرائيلية.

وأجرى سلاح البحرية الإسرائيلي تدريبا واسعا لبوارج حربية حاملة صواريخ وغواصات في البحر الأحمر، بهدف “تحقيق تفوق بحري في البحر الأحمر، توسيع حيز عمليات الذراع العسكري البحري”.

وفي قبرص، أجرى الجيش الإسرائيلي مناورة بعنوان “مركبات النار” في سياق استعداده لاحتمال نشوب حرب متعددة الجبهات، حيث شاركت عشرات الطائرات الحربية الإسرائيلية بتدريب يحاكي هجوما في إيران.

وطورت سلطة تطوير الأسلحة الإسرائيلية “رفائيل” -وفقا لتقرير نشره موقع “والا”- قنبلة بزنة طن بمقدور طائرة “أدير” حملها من دون المس بقدرتها على التهرب من صواريخ مضادة، وأدخلت تطويرا إلى طائرات “أدير” من طراز “إف-35” تمكنها من التحليق فوق إيران، ذهابا وإيابا، من دون التزود بالوقود.

ما دلالات المناورات وسيناريوهات التصعيد والحرب مع إيران؟

يرى محللون إسرائيليون أن مناورات الجيش تعكس حالة الخوف من سيناريو حرب مع إيران من جهة، وكذلك عدم جاهزية الجيش لتنفيذ هجمات عسكرية على أهداف ومواقع إيرانية، وأن تل أبيب ليس بمقدورها أن تشن حربا على المنشآت النووية الإيرانية من دون شراكة ودعم من الولايات المتحدة الأميركية.

وعلى الرغم من ذلك، يولي المحللون الإسرائيليون أهمية بالغة لزيادة النشاط العسكري ضد إيران، ولكن يحذرون من أن يؤدي ذلك إلى حرب قد تندلع على عدة جبهات تكبد الجبهة الداخلية الإسرائيلية خسائر فادحة.

ووفقا للمزاعم الإسرائيلية، تواصل إيران التحرك بشكل منهجي حتى تصبح “دولة عتبة نووية” تمتلك القدرات والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج أسلحة نووية من دون أن تنتجها بالفعل.

وعليه، من المحتمل وفق تامير هايمن الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) الذي يشغل منصب مدير مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب أن “نشهد زيادة كبيرة في التدخل من خلال العمليات العسكرية، السرية أو العلنية. وهو ما يشير إلى حملة متكاملة متعددة الأبعاد: اغتيالات وإحباطات وحرب إلكترونية، بهدف تعطيل البرنامج النووي الإيراني بجميع مكوناته”.

ويعتقد هايمن أن هذا ليس حلا محكما ولن يكون مجديا لوقت طويل، حتى لو تم تعطيل وتشويش البرنامج النووي، مشيرا إلى أن هذه الحملة وحدها لن تمنع إيران من الوصول إلى حالة دولة عتبة نووية، في تلميح منه إلى أنه لا بدائل إستراتيجية أمام إسرائيل إلا الخيار العسكري لتدمير المشروع النووي الإيراني بالكامل.

هل يدخل الأمر في سياق المزايدات الداخلية الإسرائيلية؟

تثبت السنة الأولى من تولي الحكومة الحالية برئاسة نفتالي بينيت، مرة أخرى، أنه عندما يتعلق الأمر بالسياسة الأمنية، لا يوجد فرق كبير بين الحكومات المختلفة، وبالتالي لا يمكن فصل التصعيد ولهجة الوعيد والتهديد عن الواقع السياسي الإسرائيلي والأزمات الداخلية التي تعصف بحكومة بينيت وتهدد بتفككها.

لا يوجد فرق كبير بين سياسات حكومة بينيت وسياسات سلفه بنيامين نتنياهو، فيما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة وحزب الله في لبنان وحتى إيران، حيث لا توجد إستراتيجية أمنية واضحة ومحددة.

لكن الاختلاف الأبرز لهذه الحكومة على عكس سابقتها -وفقا للمحلل العسكري للقناة 13 الإسرائيلية ألون بن دافيد- أن لدى حكومة بينيت يدا طويلة في البيت الأبيض، وأنها تحظى بتعاطف ودعم من قبل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مما يزيد من حرية إسرائيل في التصرف حيال إيران، حيث يدرك الإيرانيون جيدا الاختلاف، سواء في إيران أو سوريا.

وعليه، فلن تكون حكومة بينيت -مثل حكومة نتنياهو- في عجلة من أمرها لتنفيذ الخيار العسكري ضد إيران، وذلك بسبب عدم وجود القدرات الكافية، وفقط في الحالة غير المحتملة التي تحاول فيها طهران تسريع إنتاج قنبلة نووية، ستكون إسرائيل مجبرة على تنفيذ خيار عسكري واسع النطاق ضد المنشآت النووية الإيرانية.

هجوم عسكري واسع النطاق على إيران.. ما حقيقة وتداعيات مثل هذا السيناريو؟

تسابق إسرائيل الزمن لمنع إيران أن تتحول إلى دولة عتبة نووية، وذلك من خلال العمليات والهجمات المنسوبة إليها، والتي تستهدف المنشآت النووية الإيرانية والعلماء الذين يشرفون على المشروع النووي.

على الرغم من أنه من غير المحتمل توجيه ضربة عسكرية مباشرة للمنشآت النووية الإيرانية على غرار قصف المفاعل العراقي عام 1981 أو قصف المفاعل السوري عام 2007، وذلك بسبب المخاوف من تداعيات مثل هذه الضربة واندلاع حرب متعددة الجبهات، تكتفي تل أبيب بتوجيه ضربات محددة دون أن يؤدي ذلك إلى إشعال حرب شاملة مع إيران وحلفائها في المنطقة وخاصة حزب الله.

لكن وفقا للتقديرات الإسرائيلية والسيناريوهات المتوقعة، يمكن لهجوم عسكري إسرائيلي في إيران أن يتصاعد إلى معركة واسعة النطاق مع حزب الله، كما يمكن أن يشعل الجبهة الشمالية مع سوريا أيضا وكذلك الجبهة مع قطاع غزة، والأمر من شأنه أن يؤدي إلى حرب إقليمية طويلة الأمد.

ما مدى جاهزية الجيش الإسرائيلي لحرب على عدة جبهات؟

تشير التقديرات الأمنية الإسرائيلية إلى أنه في حالة أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية في إيران، حتى ولو كان مستقلا، فإن طهران سترى نفسها حينئذ واقعة تحت هجوم من الولايات المتحدة والغرب، ولذلك فإن هناك من ضباط احتياط الجيش الإسرائيلي من يعتقد أنه يستحسن اتخاذ مثل هذا الإجراء وتنفيذ أي هجوم عسكري إسرائيلي على إيران بـ “شرعية دولية” واسعة وبدعم أميركي.

وترجح التقديرات الأمنية في تل أبيب أن فعالية هجوم إسرائيلي على البرنامج النووي ستكون عالية للغاية، لكن التطور المحتمل لحرب على 3 جبهات قضية تتطلب استعدادا كبيرا ودعما قويا، وهو ما يلزم إسرائيل لتكون جاهزة لها داخليا وخارجيا.

ماذا عن الجبهة الداخلية الإسرائيلية بحال قصفت من قبل حزب الله؟

تجمع تقديرات موقف لمراكز أبحاث الأمن القومي ومحللين عسكريين على هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية وعدم الجاهزية الكافية للجيش لحرب متعددة الجبهات، حيث ستتكبد خسائر بالأرواح تقدر بالمئات يوميا، كما أن الجبهة الداخلية ستقصف بآلاف الصواريخ يوميا من قبل حزب الله أو حتى من إيران، وهو ما سيوقع الدمار الشامل في قلب المدن الإسرائيلية والمواقع والمنشآت الإستراتيجية والحيوية ومشاريع البنى التحتية.

وفي محاولة لردع حزب الله، هدد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بأنه سيتم تدمير آلاف الأهداف في لبنان وسوريا خلال الحرب المقبلة.

لكن كوخافي أقر بالصعوبات، قائلا “علينا أن نتحدث بصدق عن الصعوبة في الجبهة الداخلية الإسرائيلية خلال حرب مقبلة مع حزب الله، حيث ستسقط في إسرائيل الكثير من الصواريخ وستلحق أضرار وخسائر بالممتلكات وبالأرواح”.

وأشارت تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أن 80 موقعا في عمق الجبهة الداخلية ستتعرض لتدمير شامل، جراء استهدافها بنحو 1500 صاروخ يوميا، من قبل حزب الله.

إذا ما الذي قد يشعل الحرب أو يؤدي لتراجعها؟

تعمل إسرائيل مؤخرا على منع شطب الحرس الثوري الإيراني من القائمة السوداء الأميركية للتنظيمات “الإرهابية”. وبحسب التقديرات الإسرائيلية، يبدو أن الإدارة الأميركية لا تنوي القيام بذلك، كما أنها تدفع نحو استمرار التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن انتهاكات إيران المزعومة في مجال تطوير مشروع نووي عسكري، وهذا قد يؤجج احتمالات الحرب.

ومع تضاؤل فرص توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران، قد يزداد الضغط الدولي الذي يمارس على طهران، ونتيجة لذلك سيزيد ضغط الإيرانيين على المنطقة بأسرها، الأمر الذي من شأنه أن يعزز تحالف إسرائيل الإقليمي مع دول بالخليج.

وفي ظل هذا التحالف، من المتوقع أن يزيد التنسيق العسكري والمناورات المشتركة، إذ يمكن رؤية مثال على ذلك في المرافقة التي قدمتها الطائرات المقاتلة الإسرائيلية للقاذفات الأميركية من طراز “بي-52” في الأجواء الإسرائيلية في طريقها إلى الخليج، والإعلان عن نشر منظومة رادارات إسرائيلية في البحرين والإمارات، وهو ما قد يؤدي مؤقتا إلى تأخير دق طبول الحرب.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى