هل تدخل الطائرات المسيرة الإيرانية في مسار الصفقات الصامتة مع روسيا؟

أعلنت الولايات المتحدة على لسان المتحدث باسم خارجيتها نيد برايس استعدادها لفرض عقوبات جديدة على إيران إذا وافقت على تزويد روسيا بطائرات مسيرة.

ميدل ايست نيوز: لم ينهِ تصريح يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي الذي نفى فيه أن يكون الرئيس فلاديمير بوتين قد بحث مع القيادة الإيرانية مسألة تسليم طائرات مسيرة إيرانية إلى موسكو الجدل بهذا الخصوص، وما زالت وسائل الإعلام تناقش هذا الملف.

وحسب تقرير لموقع “الجزيرة” بدأت القصة عندما أعلنت الولايات المتحدة على لسان المتحدث باسم خارجيتها نيد برايس استعدادها لفرض عقوبات جديدة على إيران إذا وافقت على تزويد روسيا بطائرات مسيرة.

وهذه أول مرة يثار فيه موضوع جدلي بعد زيارة الرئيس الروسي إلى إيران، وعموما جاء بوتين إلى طهران لأول مرة في عام 2007، لكن زياراته المنتظمة لم تبدأ إلا في عام 2015، وجميعها كانت زيارات عمل، أي لم يسبق له أن قام بزيارة رسمية للجمهورية الإسلامية.

وفي كل مرة كانت زياراته مرتبطة بحدث متعدد الأطراف في العاصمة الإيرانية، كمنتدى بحر قزوين، وقمة الدول المصدرة للغاز، وفي زيارته الأخيرة ارتبط بوتين باجتماع إطار “صيغة أستانا” (القمة الثلاثية بين روسيا وتركيا وإيران) للبحث في سبل تسوية الصراع بسوريا.

سلاح فعال

ولطالما كانت الطائرات المسيرة جزءا من وسائل الاستطلاع في محيط نيران الجيش الروسي بأوكرانيا، وتلعب دورا مهما في العملية العسكرية هناك، فهي عيون وآذان الجيش والقوة الضاربة والمؤثرة.

وأصبح معروفا أن الجيش الروسي هاجم لأول مرة مواقع القوات المسلحة الأوكرانية في منطقة زاباروجيا بمساعدة طائرات “لانسيت- 3 كاميكازي” المسيرة، والتي كانت تستخدم سابقا في سوريا.

وتلعب طائرة “أورلان- 10” المسيرة الروسية دورا رئيسيا في عمليات الاستطلاع وتوجيه الضربات، وتتمتع بقدرة تدمير المركبات المدرعة، وتعمل بشكل أساسي مع سلاح المدفعية ووسائل التدمير الأخرى.

وبمساعدة هذه الطائرات الروسية تم تدمير أول أنظمة صواريخ من نوع “هيمارس” الأميركية التي وصلت إلى أوكرانيا مؤخرا، بالإضافة إلى مدافع “الهاوتزر” الأميركية و”قيصر” الفرنسية.

ما يمكن أن يفعله بوتين بالمسيرات الإيرانية؟

صفقات صامتة

ومع ذلك، يقول خبراء روس إن إيران حققت نتائج جيدة جدا في صناعة الطائرات المسيرة، وفي الوقت نفسه يرون أنه من الصعوبة الآن تحديد ما يحدث بالفعل بين موسكو وطهران في هذا المجال، نظرا إلى أن التعاون العسكري التقني بينهما غالبا ما يكون مغلقا، وفي بعض الأحيان لا يتم الكشف عن بعض العقود على الإطلاق إلا بعد سنوات عندما لا يعود من الممكن مواصلة إخفائها.

وفي هذا السياق، يعيد المختص في الشؤون الشرق أوسطية أندريه أونتيكوف إلى الأذهان الصفقة التي زودت روسيا من خلالها إيران قبل أكثر من عقد من الزمان بعدة محطات رادار ولم يكشف عنها إلا منذ وقت غير بعيد، مفسرا “صمت” كلا البلدين بالعقوبات المفروضة على طهران.

ويتابع في حديثه أنه بالنظر إلى أن العقوبات قد تم إعلانها ضد روسيا أيضا فإن أحدا من الجانبين -على الأرجح- لن يكشف أي صفقات في المجال العسكري التقني، ومن المحتمل أن تبقي الأطراف عليها سرية قدر الإمكان.

أكثر من طائرات مسيرة

ويعتبر أونتيكوف أنه بصرف النظر عن موضوع الطائرات المسيرة الإيرانية فإن لدى البلدين ما يقدمانه لبعضهما البعض، فإيران مهتمة بالطائرات القتالية والطائرات المروحية الهجومية التي لم تتمكن من إنتاجها بعد بسبب العقوبات الدولية، وتبدي اهتماما قويا بالقدرات الروسية المتقدمة في هذا المجال.

بالمقابل، لا يستبعد الخبير الروسي اهتمام بلاده بالطائرات المسيرة الإيرانية التي -برأيه- تشكل أولوية بالنسبة لطهران التي تمكنت من تصنيع مجموعة واسعة من الطائرات لأغراض الاستطلاع والقصف وما تسمى طائرات “كاميكازي” المسيرة ذات النماذج الفريدة.

وحسب رأيه، فإن الاهتمام في موسكو قد يكون ازداد بعدما هاجم الحوثيون منشآت نفطية في السعودية العام الماضي، مستخدمين طائرات مسيرة متفجرة إضافة إلى صواريخ دون أن تنجح أنظمة الدفاع الجوي التي اشتراها السعوديون من الولايات المتحدة في كشفها.

ويضيف أونتيكوف أن الاهتمام ازداد بعدما حصل في العام 2018 عندما أسقطت إسرائيل طائرة إيرانية مسيرة اخترقت مجالها الجوي، وتبين أنها كانت تقريبا نسخة طبق الأصل من طائرة “لوكهيد مارتن” الأميركية.

وبينما نجح الإيرانيون في التحكم بالطائرة الأميركية وإنزالها بسلاسة كانت نظيرتها الإيرانية هدفا صعبا إلى حد ما بالنسبة للإسرائيليين، حيث تمكنت الطائرة الإيرانية من تجنب العديد من محاولات إسقاطها من قبل بطاريات صواريخ باتريوت الإسرائيلية أميركية الصنع، ولم ينجح الإسرائيليون في إسقاطها إلا بنيران المدفعية ومن مسافة قريبة.

من جانبه، لا يستبعد المحلل السياسي بيوتر أكوبزوف أن يكون موضوع الطائرات المسيرة الإيرانية قد تم بحثه، وربما على مستوى وفود روسية إلى طهران للغاية نفسها.

وبرأيه، فإن تعزز العلاقات الروسية الإيرانية -ولا سيما في الآونة الأخيرة ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا- يسمح بالحديث عن تحول جديد في التعاون التقني العسكري، فضلا عن المجالات الأخرى.

تجنبا للاستفزاز

ويعزو أكوبزوف فرضية حصول هكذا اتفاقية وفي نفس الوقت عدم الكشف عنها إلى أنه لا مصلحة لكل من موسكو وطهران في “استفزاز الغرب”، بسبب الظروف الدولية عموما ووقوع البلدين تحت العقوبات الغربية.

ويتساءل في الوقت نفسه عن الضجة التي تثيرها واشنطن تجاه التعاون في المجال العسكري بين إيران وروسيا، فيما تقوم هي وحلفاؤها الأوروبيون بشكل يومي وعلني بتزويد الجانب الأوكراني بالأسلحة المتطورة لمواجهة القوات الروسية.

وقال المحلل “لا غرابة في حصول صفقة روسية إيرانية بخصوص الطائرات المسيرة، ولا سيما على ضوء توجه البلدين نحو إبرام اتفاقية تعاون إستراتيجي شاملة لمدة 20 أو 25 سنة قد يتم توقيعها في هذا العام”.

ويرى أن التجربة الإيرانية تشكل في الوقت الراهن أهمية كبيرة بالنسبة لروسيا، ولا سيما بعد أن برز المستوى العالي الذي تتمتع به في هذا المجال إثر تمكنها في 2011 من اعتراض طائرة “لوكهيد مارتن” الجوية المسيرة الأميركية عالية التقنية، والتي تسيطر عليها وكالة المخابرات المركزية، والتي لم ينجح الدفاع الجوي الإيراني في اكتشافها فحسب، بل وإنزالها في قاعدة جوية إيرانية ودراستها بعناية.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنا عشر − 1 =

زر الذهاب إلى الأعلى