لماذا تأخرت واشنطن في حسم موقفها بشأن المقترحات الأوروبية بشأن النووي الإيراني؟
مثّلت تصريحات مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي -التي كانت إيجابية بشأن الرد الإيراني على المقترحات الأوربية- إشارة ضمنية إلى أن الكرة الآن في ملعب واشنطن.

ميدل ايست نيوز: مثّلت تصريحات مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل -التي كانت إيجابية بشأن الرد الإيراني على المقترحات الأوربية- إشارة ضمنية إلى أن الكرة الآن في ملعب واشنطن.
وقال بوريل إنه بات من المحتمل عقد جولة مفاوضات هذا الأسبوع، وهو ما يعكس تصميم الجانب الأوروبي على حسم القضايا العالقة المعرقلة لإحياء الاتفاق النووي، حسب تقرير لموقع الجزيرة.
ودفع ذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، لنفي الادعاءات بأن واشنطن “تماطل” في العودة للاتفاق.
وأكد برايس أن الحديث عن أن الولايات المتحدة هي من ماطلت ليس صحيحا، وأوضح أنه “منذ مارس/آذار، وصلنا في الأساس إلى نص اتفاق، كنا مستعدين لعودة مشتركة وكاملة لخطة العمل المشتركة بناء على النص الذي كان متوفرا في ذلك الحين، إيران بالطبع لم تكن مستعدة لذلك”.
وأضاف “سنرد على الرد الإيراني فور انتهاء استشاراتنا الداخلية، وفور انتهاء الاستشارات مع شركائنا أيضا”.
مشاكل عالقة وانعدام للثقة
وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إلى أن بلاده “تنظر إلى برنامج إيران النووي باعتباره تحديا للأمن القومي، ولهذا نجري محادثات بهذا الصدد. ولا نزال نعتقد أن الدبلوماسية هي الأفضل للتعامل مع ملف إيران النووي”.
من جهته، يرى خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون، أنه “بالنظر إلى علاقات المواجهة والعداء المستمر منذ عقود بين الولايات المتحدة وإيران، فمن الصعب التكهن بنتيجة المفاوضات.
واستنادا إلى تقارير إعلامية، يبدو أن واشنطن وطهران على وشك الانتهاء بنجاح من المفاوضات، ومع ذلك لا يمكن اعتبار هذا الأمر مفروغا منه، وهناك مزاعم بأن إيران كانت تخطط لاغتيال مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون، وهو ما يمكن أن يكون محاولة لنسف المفاوضات”.
وكان عدد من المشرعين الجمهوريين طالبوا إدارة بايدن بوقف فوري للمفاوضات المتعلقة بالملف النووي الإيراني، بعد محاولة قتل الكاتب سلمان رشدي وما تردد عن إبطال خطة لاغتيال بولتون.
ودفعت محاولة قتل رشدي مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بمن فيهم العديد من أعضاء الكونغرس، إلى التعبير عن انتقادهم لسعي إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران على ضوء دعم طهران السابق لفتوى بإهدار دم رشدي.
وغرد السيناتور الجمهوري عن فلوريدا ماركو روبيو -يوم الجمعة الماضي- “لقد عرضت إيران مكافأة لأي شخص يغتال سلمان رشدي، واليوم تعرض للطعن في أميركا، لماذا لا يزال بايدن يتفاوض على صفقة مع هؤلاء الإرهابيين في طهران؟”.
اتفاق لن يمحو العداء
وكانت وكالة بلومبيرغ أشارت إلى قول مسؤول أميركي رفيع إن “الاتفاق أقرب مما كان الوضع عليه قبل أسبوعين، لكن النتيجة لا تزال غير مؤكدة؛ إذ لا تزال هناك بعض الثغرات، ويتعين حل بعض القضايا العالقة”، وأضاف المسؤول الأميركي أن “التأخر من جانب إيران امتد لأشهر، وأي تلميح بأن واشنطن تؤخر التوصل لاتفاق الآن هو غير صحيح”.
وفي محاولة للنظر إلى الصورة الكبيرة، عبّر البروفيسور بهجت عن اعتقاده أنه “من غير المرجح أن تتحسن العلاقات بين واشنطن وطهران في أي وقت قريب بغض النظر عن نجاح أو فشل المفاوضات. فلا يثق الجانبان في بعضهما بعضا، والحد الأقصى الذي يمكن للمرء أن يأمل فيه هو إحياء الاتفاق النووي الذي من شأنه احتواء -أو تقليل- التوتر بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية”.
وغرد آرون ديفيد ميللر، المسؤول السابق بوزارة الخارجية والخبير حاليا بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، أن “بايدن لديه مشكلة إيرانية كبيرة لا تقتصر فقط على المشكلة النووية. قد نكون قادرين على إبرام اتفاق نووي، لكننا سنكون واهمين إذا اعتقدنا أن إيران ستتخلى عن الإرهاب أو عن مساعيها لتعزيز مناطق النفوذ في العراق وسوريا واليمن ولبنان. إنه مدفوع بالاستحقاق العميق وانعدام الأمن”.
في حين حذر البروفيسور نيكولاس ميلر من جامعة دارتموث -في تغريدة له- الرئيس جو بايدن من مغبة إحياء الاتفاق النووي، قائلا إن “بايدن يجب أن يكون حذرا، فمن شأن إحياء الاتفاق الإيراني أن يشجع الدول على اتباع النموذج الذي كرسته إيران، وهي محاولة الحصول على أسلحة نووية لعقود من الزمان، وعندما تواجه بعقوبات تتراجع عن برنامجك مؤقتا لرفع العقوبات قبل أن تعود للبرنامج مرة أخرى”.