مدمرات إيرانية في البحر الأحمر.. هل تحوله إلى ساحة حرب الظل بين إيران وإسرائيل

سبق أن تعرضت سفينة عسكرية إيرانية استخباراتية كانت متمركزة في البحر الأحمر قبالة إريتريا لأضرار من جراء هجوم بلغم إسرائيلي في 2021.

ميدل ايست نيوز: يشهد البحر الأحمر منذ مدة ليست قصيرة وجوداً منتظماً للجيش الإيراني، بعدما أشارت حوادث عديدة وقعت مؤخراً إلى تحركاته في ممر الشحن الاستراتيجي (باب المندب) الذي يستخدمه للوصول إلى حلفائه سواء في سوريا أو في اليمن، ويهدد السواحل السعودية على البحر الأحمر.

وحسب تقرير لموقع “الخليج أونلاين” غالباً ما أشارت إيران في وسائل إعلامية تابعة للحكومة إلى أن سفنه العسكرية موجودة في البحر الأحمر “لمواكبة وحماية” ناقلات النفط الإيرانية والحليفة من خطر “القراصنة”، لكن الإعلان الرسمي من قبل القيادات العسكرية جاء متأخراً، خصوصاً بعدما كشفت ذلك “إسرائيل” منتصف العام الجاري.

وعلى الرغم من إعلان القوات البحرية المشتركة المؤلفة من 34 دولة، والتي كان لها دور أساسي في ضمان حرية الملاحة في مياه المنطقة بتدشين قوة مهام جديدة في أبريل، أوكلت إليها مسؤولية إجراء دوريات في البحر الأحمر وخليج عدن، فإن إيران تظهر تحديها للمجتمع الدولي، متجاهلة التحذيرات الأمريكية إزاء نشر قواتها في البحر الأحمر وخليج عدن.

إعلان رسمي

بعد مرور أكثر من شهر على كشف “إسرائيل” معلومات عن وجود سفن عسكرية إيرانية في البحر الأحمر، كشفت طهران، في 21 أغسطس 2022، عن وجود مدمرات عسكرية بحرية تابعة لها في البحر الأحمر.

وقال قائد بحرية الجيش الإيراني، الأدميرال شهرام إيراني، إن وجود المدمرات التابعة للقوة البحرية الاستراتيجية للجيش على بعد 2200 كم من حدود البلاد بالبحر الأحمر، يعد الضامنَ لأمن الحدود الاقتصادية للبلاد.

وشدد “إيراني”، خلال مراسم استقبال المجموعة البحرية الـ83، على أن إزاحة الستار عن أسطول الطائرات المسيرة التابع للقوة البحرية الاستراتيجية، “أدت إلى تغيير التوازنات الإقليمية”.

وبين أن المجموعة البحرية الـ83 التابعة للقوة البحرية الاستراتيجية للجيش بقيادة المدمرة “جماران” تقوم حالياً في نطاق منطقة مضيق باب المندب إلى شمال البحر الأحمر وقناة السويس، بتنفيذ المهمة الموكلة لها المتمثلة بتأمين الشريان الاقتصادي للبلاد وحماية مصالح إيران.

بين “إسرائيل” وإيران

وسبق أن كشف وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس، في 5 يوليو 2022، عن أربع سفن حربية إيرانية قال إنها تقوم في الأشهر الأخيرة بدوريات في البحر الأحمر، مستنداً إلى صور أقمار صناعية.

وقال: “اليوم، يمكننا أن نؤكد أن إيران تقيم قواعدها بشكل منهجي في البحر الأحمر، مع السفن الحربية التي تقوم بدوريات في المنطقة الجنوبية”، مضيفاً: “في الأشهر الماضية، حددنا أهم وجود عسكري إيراني في المنطقة، خلال العقد الماضي”.

وقال غانتس: “إنه تهديد مباشر للتجارة الدولية وإمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي”، كما أنه يمثل “تهديداً مباشراً للسلام والاستقرار في الساحة البحرية، مما قد يؤثر على البحر المتوسط ​​وما وراءه”.

وفي الـ28 من الشهر ذاته، رد قائد البحرية الإيرانية، شهرام إيراني، على انتقادات غانتس لجيش بلاده بالقول: “لن نكون حاضرين في البحرين الأحمر أو المتوسط فحسب، بل في أي مكان نريده”.

وقال إيراني: “وجودنا دائم، ونعتقد أنه يجب أن يكون مستمراً، لأننا نسعى لتحقيق هدف واحد وهو أمن واستقرار الشعب”، مضيفاً: “مثل دول العالم الأخرى لدينا مصالح في البحر، وأولها وأبسطها متعلقة بخطوطنا الملاحية وبحارتنا في الحقول التجارية وناقلات النفط”.

وأشار إلى أن الوجود الإيراني في البحر الأحمر “ليس جديداً”، إذ إن لإيران “وجوداً مستمراً في منطقة شمال المحيط الهندي منذ عقدين من الزمن”.

مخاوف حقيقية

يرى الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم، أن الوجود الإيراني المكثف في البحر الأحمر “يثير توتراً بين النظام الإيراني ودول المنطقة”، إلا أنه في الوقت ذاته يشير إلى أن معظم القوة الموجودة “هي بالأساس ضمن قوة دولية قرب خليج عدن في المياه الدولية لمكافحة القرصنة، وترى إيران أن المشاركة فيها تأمين لحركة السفن والتجارة الإيرانية العابرة لمضيق باب المندب”.

ويقول هاشم إن المخاوف الحقيقية هي “أن تتحول المياه في البحر الأحمر إلى حرب الظل بين الإيرانيين والاحتلال الإسرائيلي، وهي حرب أصبحت تتمدد كثيراً خلال الأشهر الماضية في بحر العرب والبحر الأحمر”.

وعلى الرغم من أنه يرى أنه “لن يكون لذلك تأثير لا على السعودية ولا على اليمن في المدى القريب”، فإنه يشير إلى أن الرياض وطهران “تحرصان على تجنب المناوشات التي قد توصل إلى حرب مباشرة”.

ويوضح: “عندما استُهدفت منشآت خريص وأبقيق عام 2019 فتحت السعودية خطاً سرياً مع النظام الإيراني للتهدئة، لكن في حال توتر الوضع في البحر الأحمر فاليمن والسعودية أكبر المتضررين”.

ويضيف قائلاً: “من المهم الإشارة إلى وجود ناقلة إيرانية يعتقد أنها تحمل خبراء وقوارب مفخخة وطائرات مسيّرة قبالة اليمن في المياه الدولية، وهي سفينة بديلة لسافيز التي تعرضت لهجوم إسرائيلي العام الماضي”.

ويعتقد أن التوتر في البحر الأحمر سيزداد خلال ما تبقى من العام الحالي بـ”عمليات متبادلة بين طهران والإسرائيليين قد تدفع اليمن إليه، في ظل غياب الاستراتيجية الخليجية للتعامل مع هذا التوتر”.

تحذيرات ومخاوف

على مدار السنوات الماضية، حذرت السعودية من خطر الوجود الإيراني في البحر الأحمر وخليج عدن، متهمة طهران في مناسبات عديدة بالعمل على تسهيل إيصال الأسلحة للمتمردين الحوثيين في اليمن.

وترغب إيران في خلق نفوذ جديد وعلاقات خاصة مع الدول المطلة على تلك المنطقة الاستراتيجية والحيوية في البحر الأحمر من اتجاه أفريقيا؛ لوجوده بالقرب من “باب المندب” باعتباره من أهم الممرات البحرية في العالم لنقل السلع الاستراتيجية كالنفط، من مناطق استخراجه في الخليج وإيران وشبه الجزيرة العربية وأفريقيا إلى أوروبا والولايات المتحدة والصين وآسيا وبقية دول العالم.

ولا تكمن أهمية البحر الأحمر بذاته فقط، بل بموقعه وموارد الدول المشاطئة له، من السعودية إلى مصر واليمن والسودان؛ فهذه الدول تمتلك كميات ضخمة من النفط والغاز، وعلى سواحلها تقوم الأنابيب والمحطات والمرافئ لتصدير هذه المواد الضرورية إلى الدول شرقاً وغرباً.

ومن خلال وجود موطئ قدم لها تعمل إيران على استخدام البحر كمراكز تدريب وتجنيد للعناصر التي تريد استخدامها كما فعلت مع الحوثيين، الذين يهددون بين الحين والآخر السعودية صاحبة أطول ساحل عليه بطول يبلغ 1811 كم.

وسبق أن تعرضت سفينة عسكرية إيرانية استخباراتية كانت متمركزة في البحر الأحمر قبالة إريتريا لأضرار من جراء هجوم بلغم إسرائيلي في 2021، في تصعيد للمناوشات البحرية الجارية بين الخصمين في السنوات الأخيرة.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

8 + 15 =

زر الذهاب إلى الأعلى