ما هي قضية “الضمانات” التي تشترط إيران إغلاقها قبل الاتفاق النووي؟

طالبت إيران في ردها على المسودة الأوروبية لإحياء الاتفاق النووي، بتقديم تطمينات بعدم استخدام قضية الضمانات المتعلقة بمنع الانتشار النووي ضدها "سياسياً".

ميدل ايست نيوز: طالبت إيران في ردها على المسودة الأوروبية لإحياء الاتفاق النووي، بتقديم تطمينات بعدم استخدام قضية الضمانات المتعلقة بمنع الانتشار النووي ضدها “سياسياً”، إلا أن الطلب الإيراني قد يعرقل التوصل لاتفاق بين طهران والقوى الكبرى.

وحسب تقرير لموقع “الشرق” تندرج هذه الضمانات ضمن تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ بشأن ما إذا كانت طهران قد أوفت بالتزاماتها بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، بعد عثور الوكالة على آثار يورانيوم في 3 مواقع غير معلنة.

وقال رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي في تصريحات للصحافيين في وقت سابق، إنَّ “أسئلة الوكالة ليس لها أساس أمني، وإذا لم يتم إغلاقها فلا يوجد يوم لإعادة التنفيذ”، وذلك في إشارة إلى تنفيذ طهران التزاماتها في حال إحياء الاتفاق النووي.

ما هي ضمانات عدم الانتشار؟

في 15 مايو عام 1974 دخل حيَّز النفاذ اتفاق بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران لتطبيق “الضمانات”، وهي وثيقة تتيح للوكالة الأممية التحقُّق من وفاء طهران بالتزاماتها، وعدم تحريف استخدامات الطاقة النووية لأهداف عسكرية.

وتأتي هذه الوثيقة ضمن إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية التي تضم 191 دولة حائزة وغير حائزة للسلاح النووي، بما فيها إيران، 176 دولة منها نفذت ضماناتها حتى عام 2020، وفقاً للوكالة الذرية.

بالإضافة للضمانات، تضع الوكالة اتفاقات أخرى تعرف بالبروتوكولات الإضافية للضمانات، وتشمل تدابير للشفافية بشأن طبيعة البرامج النووية السلمية.

وبناءً على هذه الاتفاقيات، أقرَّ مجلس محافظي الوكالة في 21 نوفمبر 2003 بروتوكولاً إضافياً بموجب معاهدة عدم الانتشار النووي، يشمل تدابير لضمان التزام إيران بمقتضيات المعاهدة، وقد نفَّذته إيران طوعاً بعد شهر من إقراره حتى مطلع 2006، عندما توقفت عن التنفيذ تزامناً مع إعلانها رفع القيود على تخصيب اليورانيوم.

لكن طهران عادت في يناير 2016 لتطبيق هذا البروتوكول الإضافي بشكل مؤقت، عقب تفعيل “خطة العمل الشاملة المشتركة”، الاسم الرسمي للاتفاق النووي.

وبعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق في أواخر 2018، بدأت إيران بالتخلي عن التزاماتها النووية. وتقول الوكالة في تقارير مديرها العام إنه “في 23 فبراير 2021 أوقفت طهران تنفيذ التزاماتها النووية بموجب الاتفاق النووي، بما في ذلك البروتوكول الإضافي بقانونه المعدَّل لاتفاقية الضمانات الإيرانية”.

وبحسب الإعلان الإيراني للوكالة، فقد أوقفت إيران استخدام التقنيات الحديثة، والوجود طويل الأمد للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلاً عن تدابير الشفافية المتعلقة بتركيز خام اليورانيوم والتخصيب. كذلك تعذر الوصول والمراقبة والتحقق من تنفيذ الإجراءات الطوعية، وتدابير الشفافية المتعلقة بتصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي.

ما هي الأسئلة العالقة؟

في يوليو 2019، طلبت الوكالة من إيران الإجابة عن عدد من الأسئلة المتعلقة بالمواد النووية المحتملة في 4 مواقع غير معلنة، عملاً بالاتفاقيات المعقودة.

أحد هذه المواقع هو المعروف بالموقع (2) “لافيزان شيان” (شمال شرقي إيران)، إذ تقول الوكالة الدولية إنَّ لديها مؤشرات على وجود محتمل لليورانيوم الطبيعي، في شكل قرص معدني في موقع غير معروف في إيران في عام 2003.

وعقب ردود إيرانية واستفسارات وتقييم للوكالة في مختبرات “جابر بن حيان” في مركز طهران البحثي النووي، أبلغت الوكالة إيران أنه ليس لديها أسئلة إضافية بشأن الموقع (2)، وأنَّ هذه المسألة لم تعد عالقة في المرحلة الحالية.

لكن تبقَّت 3 مواقع أخرى هي: 1 و3 و4 (فيركزاد، فارامين، وماريفان)، حيث وجدت فيها جزيئات يورانيوم متعددة. ورداً على التساؤلات بشأن هذه المواقع، قدمت إيران في 19 مارس الماضي تفسيرات مكتوبة للوكالة، بما في ذلك الوثائق الداعمة ذات الصلة، استجابة للأسئلة التي أثارتها الوكالة بشأن القضايا التي لم يتم علاجها في هذه المواقع.

وعلى الرغم من الرد الإيراني على استفسارات الوكالة، إلا أن الأخيرة ترى أن “إيران لم تقدم تفسيرات ذات مصداقية تقنياً في ما يتعلَّق بنتائج الوكالة في تلك المواقع”.

وتضيف الوكالة في تقرير مديرها العام الأخير، نهاية مايو الماضي، أنه “ما لم تقدم إيران تفسيرات موثوقة تقنياً لوجود جزيئات اليورانيوم في هذه المواقع، وتكشف عن الموقع الحالي للمواد النووية أو المعدات الملوثة، فإنه لا يمكن للوكالة تأكيد صحة الإعلانات الإيرانية بموجب اتفاقية الضمانات الشاملة، وبالتالي فإنَّ قضايا الضمانات المتعلقة بهذه المواقع الثلاثة لا تزال معلقة”.

في التقارير المنشورة، تشير الوكالة الأممية إلى أنَّ لديها معلومات وصور تفيد بأن إيران ربما خططت “لاستخدام المواد النووية في الموقع (4) ماريفان، حيث رصدت اختباراً في الهواء الطلق للأنظمة المتفجرة التقليدية”.

بينما في الموقع (1) في فرحزاد (ترقوزآباد)، أوضحت الوكالة أنه “من خلال تحليل صور الأقمار الاصطناعية المتاحة تجارياً، تم هدم المباني مباشرة بعد ما أبلغت الوكالة إيران بنتائج العينات البيئية التي أخذتها من الموقع”.

لكن إيران تقول في ردها على استفسارات الوكالة إنَّ “المباني كانت لدعم منجم، وكانت تحت إدارة منظمة من دولة أخرى، لكن المنطقة أصبحت غير مأهولة. فيما تم بيع المنطقة الثانية المملوكة للحكومة إلى فرد، قام بهدم المباني من أجل استرداد المعادن من الحطام”.

أما في الموقع (3) (ورامين)، تضيف الوكالة أنَّ لديها معلومات عن استخدام “محتمل” أو تخزين للمواد النووية، أو إجراء للأنشطة المتعلقة بالنووي، بما في ذلك أنشطة البحث والتطوير المتعلقة بدورة الوقود النووي، كما خضع الموقع أيضاً لتغييرات كبيرة عام 2004، بما في ذلك هدم معظم المباني.

وخلال عامين من محاولاتها تقييم طبيعة تلك الإجراءات غير المعلنة في تلك المواقع، وعلى الرغم من الردود المقدَّمة من إيران، أقرّ مجلس محافظي وكالة الطاقة خلال اجتماعه في يونيو الماضي قراراً يدين طهران لعدم تعاونها مع الوكالة الأممية، في ما يخص برنامجها النووي، بعد تصويت 30 عضواً لمصلحة القرار، واعتراض الصين وروسيا، وامتناع 3 دول أخرى عن التصويت.​

ما هو الموقف الإيراني؟

مع قرب التوصل إلى اتفاق يعيد إحياء الاتفاق النووي، ومطالبة إيران بإغلاق قضية الضمانات مقابل حسم محادثات فيينا، يعتزم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقديم تقريره المتعلق بالضمانات العالقة ضمن معاهدة عدم الانتشار الخاص بإيران، لمجلس محافظي الوكالة في منتصف سبتمبر الجاري.

وكان مسؤول أوروبي رفيع قد قال مع انتهاء الجولة التاسعة من محادثات فيينا، معلقاً على اتفاقية الضمانات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران: “لن نناقش مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية القضايا التي تخص إيران. على إيران مناقشة هذه القضايا مع الوكالة. هي خارجة عن محادثات فيينا”.

لكن الإصرار الإيراني على إغلاق تلك القضايا قبل تنفيذ إعادة إحياء الاتفاق النووي بات واضحاً، من خلال تصريحات الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي قال في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، إنَّ هناك 4 شروط تعتبر المكون الرئيسي للاتفاق، ومنها إغلاق المطالبات المتعلقة بالضمانات التي وصفها بـ”السياسية”.

من جانبه، قال مندوب روسيا لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ميخائيل أوليانوف إن هذا الملف “سلاح قوي في أيدي الدول الغربية، ومن المهم لإيران الحصول على ضمانات من جميع المشاركين في خطة العمل الشاملة المشتركة بأنهم لن يحتفظوا بالقضية بشكل مصطنع في مجلس محافظي الوكالة إذا قدمت طهران التفسيرات التي طلبتها الوكالة، وقدم المدير العام رافاييل جروسي تقريراً مرضياً في هذا الصدد”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

15 − 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى