“طرادة سليماني”.. مؤشر استراتيجية بحرية أكثر شراسة لإيران

خلال حفل إطلاق طرادة سليماني وصف قائد الحرس الثوري السفينة الحربية المصنوعة من الألومنيوم بأنها تمثل نقطة عالية جديدة في المنافسة الاستراتيجية لإيران.

ميدل ايست نيوز: “رغم أن طهران تميل إلى المبالغة في إنجازاتها البحرية لكن استثماراتها الضخمة مؤخرا في هذا القطاع تحقق تقدمًا إقليميًا كبيرًا”.. بهذه الكلمات وصف “فرزين نديمي”، المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج، دخول الطرادة “قاسم سليماني” إلى الخدمة بالبحرية الإيرانية.

وذكر “نديمي”، في تحليل نشره بموقع معهد واشنطن، أن بحرية الحرس الثوري الإيراني أطلقت سفينتها الحربية الجديدة في 5 سبتمبر/أيلول الجاري، وهي الأولى من بين 3 طرادات جديدة تتميز بقدرات عالية على التسلل.

ووفقًا لقائد بحرية الحرس الثوري “علي رضا تنكسيري”، فإن تلك الطرادات من شأنها أن “تزيد نطاق عمليات البحرية الإيرانية إلى خارج الخليج الفارسي لمسافة تصل إلى 9000 كيلومتر”، ما يعني إمكانية تغطية المحيط الهندي بأكمله وصولاً إلى كيب تاون.

وخلال حفل إطلاق طرادة سليماني (FS313-01) ، وصف قائد الحرس الثوري “حسين سلامي” السفينة الحربية المصنوعة من الألومنيوم بأنها “تمثل نقطة عالية جديدة في المنافسة الاستراتيجية لإيران باعتبارها قوة عالمية مصممة لفرض هيمنة إقليمية على خصومها.

وأضاف أن “مجال ونطاق الأمن القومي لبلاده يذهبان إلى حيث ترتكز مصالحنا”، بما في ذلك البحار البعيدة إذا حددت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية ذلك.

قدرات طرادة “سليماني”

ويبلغ طول الطرادة سليماني 65 مترًا، وتماثل نظيرتها التايوانية “توه تشيانج Tuo Chiang”، التي تم إطلاقها عم 2014، وتم تصميمها “لدعم قوارب البحرية الإيرانية عالية السرعة بعيدًا عن المياه الإيرانية، وتوفير حماية وقائية لها”.

وتحمل الطرادة 3 زوارق حاملة للصواريخ، صُممت لتكتيكات الكر والفر البحرية، وأطلق عليها لقب “القاتل الناقل”، وهو نفس الاسم المستعار الذي أطلقته البحرية الصينية على زورق أصغر من طراز “كاتاماران”، والذي حاولت إيران شراءه في السنوات الماضية، لكن بكين رفضت بيعه، ما دفع طهران إلى إنتاج طرازها الخاص.

وهنا يشير “نديمي” إلى أن الحرس الثوري الإيراني أعلن أن الطرادة “سليماني” عبارة عن سفينة “شبحية”، ذات قدرة كبيرة على التسلل، بها رادار مماثل لذلك المحمول بالزوارق الصغيرة، لكنه أشار إلى أن “قدراتها الفعلية في هذا الصدد غير مؤكدة”.

وفيما يتعلق بأنظمة الأسلحة على متنها، فإن الطرادة “سليماني” هي أول سفينة حربية إيرانية مزودة بقاذفات عمودية يمكنها إطلاق صواريخ مضادة للطائرات يصل مداها المزعوم إلى 150 كيلومترا، كما يمكنها إطلاق صواريخ مضادة للسفن مثل “الناصر” و”غدير”، بمدى يتراوح بين 35 و300 كيلومتر.

وإزاء هذه القدرات، يقول المسؤولون الإيرانيون إن الطرادة “سليماني” تتمتع بـ”مدى مميت” يزيد على 750 كيلومترا.

ويؤكد “نديمي” أن إيران لديها بالفعل أنظمة أسلحة بحرية أخرى تتجاوز المدى المعلن من جانب المسؤولين الإيرانيين، مثل صاروخ “أبومهدي” المضاد للسفن، الذي تم الكشف عنه في عام 2020، والذي يمكن أن يصل مداه إلى 1000 كيلومتر.

ومع ذلك، يمكن للطرادة “سليماني” أن توسع مداها الحربي إلى حد كبير، وإن كان ذلك بقدرات أقل تدميراً، عبر إمكانية إطلاق طائرات مسيرة انتحارية مثل “شاهد 131 أو 136″، والتي يشير “نديمي” إلى أنها “يمكن أن تضرب أهدافًا على بعد 2200 كيلومتر”، لكنه أشار إلى أن مصادر تلك المعلومات غير مؤكدة.

كما يؤكد “نديمي” إلى أن السفينة الحربية الإيرانية قادرة أيضًا على إطلاق صاروخي “القدس 1 و2″، وهما نسخة معدلة من صاروخ كروز، إضافة إلى صواريخ مضاد للطائرات كتلك التي قدمتها طهران سابقًا لقوات الحوثيين في اليمن.

ويشير المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية إلى أن قدرات “سليماني” تصل إلى مستوى الانخراط في الحروب الإلكترونية، إذ يمكنها حمل معدات كبيرة من النوع المستخدم في عمليات عسكرية من هذا النوع.

وتعتبر الطرادات عمومًا أسرع وأكثر قدرة على المناورة من السفن الحربية التقليدية وتوفر استقرارًا في البحار المائجة بفضل تصميمها، الذي يجعل إغراقها أكثر صعوبة، لكنه نوه في الوقت ذاته إلى أن هياكل السفن المصنوعة من الألومنيوم تميل إلى الذوبان بسرعة إذا اشتعلت فيها النيران بواسطة لغم بحري أو صاروخ أو مقذوف آخر، كما جرى عندما تحطمت طرادة إماراتية بصاروخ حوثي واحد في أكتوبر/تشرين الأول 2016 أثناء عبورها مضيق باب المندب.

بالصور.. سفن حربية جديدة تنضم إلى أسطول بحرية الحرس الثوري

اكتفاء ذاتي

ويلفت “نديمي”، في هذا الصدد، إلى أن إيران تصنع حاليًا المزيد من الطرادات “سليماني” في أحواض بناء السفن في بندر عباس وجزيرة قشم وبوشهر، وأعلن الحرس الثوري أن سيكمل هذا التصنيع بمعدل طرادة سنويًا، ما يؤشر إلى برنامج تسليم سريع.

المقاول الرئيسي لهذا البرنامج هو شركة “شهيد مهالاتي” للصناعات البحرية، التابعة للحرس الثوري، فيما تعمل شركتا “شهيد دارفيشي” و”شهيد محبوبي” كمقاولين لها من الباطن، وهما شركتان تابعتان لوزارة الدفاع الإيرانية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أقر البرلمان الإيراني قانونًا يدمج جميع المصانع البحرية والمجموعات الصناعية التابعة لوزارة الدفاع في كيان واحد، هو “منظمة الصناعات البحرية للقوات المسلحة”، وتنتج هذه المجمعات كل شيء يخص البحرية الإيرانية، بدءًا من الزوارق السريعة الصغيرة وحتى الفرقاطات والغواصات المتوسطة، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الحربي البحري.

ويتوقع “نديمي” أن يكون تحقيق إيران لهذا الهدف أكثر سهولة، مستندا إلى حقيقة أن “الصناعات البحرية الإيرانية يُعتقد أنها أقل تأثراً بالعقوبات الأمريكية من صناعات الطيران والصواريخ”.

الآثار الاستراتيجية

كما يتوقع “نديمي” أن تمنح فئة السفن الحربية الجديدة الحرس الثوري الإيراني “قدرات جديدة مهمة” تشمل نشر زوارق الصواريخ بعيدة المدى، والصواريخ المضادة للسفن والطائرات، والطائرات بدون طيار، بمجرد إكمال الطرادة “سليماني” فترتها التجريبية المطولة.

ومن المرجح أن تمكن الطرادات الجديدة الحرس الثوري من إجراء عمليات في المحيط الهندي وربما أبعد، بحسب الباحث بمعهد واشنطن، الذي نوه إلى اعتياد الحرس على المبالغة في إنجازاته الماضية، إذ لا تزال قدراته العامة بعيدة كل البعد عن أمريكا كماً ونوعاً، لكنه يؤكد، مع ذلك، أن تقدم برنامجه البحري “لا يمكن إنكاره”.

وإزاء ذلك، يخلص “نديمي” إلى أن البحرية الإيرانية “تشكل تهديدًا كبيرًا لأصول ومنشآت البحرية الأمريكية، ومن المتوقع أن تتسبب في مشاكل أبعد في المحيط الهندي، وذلك لتحويل الانتباه عن الخليج وتعطيل مبادرات الأمن البحري الإقليمية، التي تحاول الولايات المتحدة، من خلالها، تشكيل تحالف بحري ضد إيران”.

وقد تسعى إيران أيضًا إلى إبراز قوتها البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​ومرافقة سفن الشحن التي تحمل أسلحة إلى الموانئ السورية، خاصة بعد ضغط إسرائيل المتزايد على مراكزها اللوجستية الجوية والبرية في عمق سوريا، حسبما يرى “نديمي”.

ولذا يرى الباحث بمعهد واشنطن ضرورة تدقيق الولايات المتحدة وشركائها عن كثب في الدور البحري المتطور للحرس الثوري الإيراني وتطوير أنظمة جديدة مضادة له، محذرا من أن “القاعدة الصناعية المحلية لإيران بدأت تدريجيًا في اللحاق بالركب”.

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
بواسطة
الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى