تراجع زخم الاحتجاجات في إيران ودعوات رسمية لـ”إنزال أشد العقوبات”
مع الإعلان عن اعتقال بعض المشاهير ممن دعموا الاحتجاجات، والذين تتهمهم السلطات بـ"تأجيج الشغب" في الشارع الإيراني، أعلن مشاهير عن تضامنهم مع المعتقلين.

ميدل ايست نيوز: بعد مرور أسبوعين على وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني عقب احتجازها من قبل شرطة الأخلاق، أظهرت مقاطع مصورة على شبكات التواصل، الجمعة، تجمعات في مدينتين إيرانيتين مع تراجع زخم الاحتجاجات على المستوى الوطني، فضلاً عن تعالي دعوات النظام لـ”الحزم” و”إنزال أشد العقوبات” بحق من يوصفون بأنهم “مثيرو الشغب”.
بالتزامن مع هذه التحركات، تصاعدت دعاية النظام الإيراني ضد الاحتجاجات، حيث دعا رجل الدين محمد جواد حاج علي أكبري، في خطبة صلاة الجمعة في طهران، إلى “إنزال أشد العقوبات بحق مثيري الشغب والفتنة”، و”إزالة الغموض” حول حادثة وفاة الشابة مهسا أميني، “لكي يتكشف ما حصل بدقة ولا يبقى أي مجال للأعداء لاستغلاله”، حسب قوله.
واستنكر رجل الدين الإيراني المحافظ مواقف بعض المشاهير الإيرانيين في السينما والموسيقى والرياضة في دعم المحتجين، واصفاً هؤلاء المشاهير بأنهم “وجوه مفلسة أثلجوا صدر العدو”، كما طالب خطيب جمعة طهران بالتفريق بين الشباب المحتجين الذي وصفهم بأنهم “مخدوعين” وبين “مثيري الشغب”، مؤكداً أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية “لن تتسامح مع أحد في أمن البلاد”، مشيداً بهجمات “الحرس الثوري” الإيراني خلال الأيام الأخيرة على مواقع للمعارضة الكردية داخل إقليم كردستان العراق، كما اتهم هذه الفصائل “الانفصالية” بممارسة “أنواع المفاسد” ضد أمن إيران على مسافة 50 و60 كيلومتراً من الحدود الإيرانية.
كما وصف خطيب صلاة الجمعة في مدينة قم، رجل الدين محمد سعيدي، الاحتجاجات الأخيرة في إيران بأنها “فتنة”، قائلاً إنها “كانت أضعف بكثير من فتنة 2009″، في إشارة إلى الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران ذلك العام على نتائج الانتخابات الرئاسية.
ومع الإعلان عن اعتقال بعض المشاهير ممن دعموا الاحتجاجات، والذين تتهمهم السلطات بـ”تأجيج الشغب” في الشارع الإيراني، أعلن مشاهير رياضيون وفنيون وسينمائيون عن تضامنهم مع المعتقلين، مشددين على ضرورة الإفراج عنهم.
كما دعا العديد من الوجوه الإيرانية البارزة في كرة القدم والسينما، خلال الساعات الماضية، إلى الإفراج عن اللاعب السابق في فريق “برسبوليس” لكرة القدم حسين ماهيني، والمغني شروين حاجي بور، الذي غنى أبياتا شعرية عن أوضاع البلاد قبل أيام.
فيما اعتقلت السلطات الإيرانية أيضاً المذيع السابق بالتلفزيون المحلي محمود شهرياري، فضلاً عن تقارير رسمية عن صدور أوامر باعتقال ممثلين، منهم حامد بهداد والممثلة كتايون رياحي، التي خلعت حجابها خلال الاحتجاجات، إضافة إلى اعتقال نحو 20 صحافياً، حسب لجنة حماية المعتقلين التي يقع مقرها في نيويورك.
والسمة البارزة للاحتجاجات الأخيرة في إيران، والتي تعد الأكبر منذ عام 2019 بعد الاحتجاجات على رفع أسعار البنزين، هي انخراط العديد من الفنانيين والرياضيين والممثلين فيها، عبر دعم المحتجين والدعوة للتظاهر وانتقاد السلطات.
وأثار موقف هؤلاء الفنانين حفيظة السلطات وعرّضهم لهجمات واسعة على وسائل إعلام رسمية ومحافظة، مع اتهامهم بقيادة الاحتجاجات والضلوع في أعمال تخريب وعنف خلال الاحتجاجات، والعلاقة مع “معارضي الثورة في الخارج وأعداء البلاد”، فضلاً عن الوعيد بملاحقتهم ومحاكمتهم بتهمة “إثارة الشغب”.
من جهته، اتهم البرلماني المحافظ، محمد رضا ميرتاج الديني، المشاهير الإيرانية من السينمائيين والفنانين والرياضيين الداعمين الاحتجاجات “بالخيانة”، داعياً إلى “تطهير ثوري آخر” في البلاد ضد هؤلاء، على غرار ما حصل بدايات الثورة الإسلامية عام 1979.
واتهم ميرتاج الديني من سماهم “الدواعش والملكيين والمنافقين والانفصاليين والإرهابيين” بالسعي لزعزعة أمن إيران من خلال دعم وتأجيج “أعمال الشغب”.
إلى ذلك، أعلنت السلطات المحلية في محافظات إيرانية عن اعتقال المزيد ممن تصفهم بـ”مثيري الشغب”، وأفادت وكالة “تسنيم” الإيرانية باعتقال “عنصرين رئيسين للاضطرابات” في مدينة سنندج، مركز محافظة كردستان. كما وردت أنباء غير رسمية عن اعتقال السلطات ناشطين وأساتذة جامعات داعمين للاحتجاجات بتهمة حث الشارع على “الشغب”.
ولم تعلن السلطات الإيرانية بعد عن حصيلة القتلى والمعتقلين والمصابين بالاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في السابع عشر من الشهر الجاري، لكن التلفزيون الإيراني أفاد قبل أيام بأن عدد القتلى هو 41 شخصاً، غير أن منظمة “حقوق الإنسان في إيران”، ومقرها في أوسلو، أعلنت أمس الخميس أن عدد القتلى وصل إلى 83 شخصاً.
وحسب تقارير إيرانية رسمية، فإن من بين القتلى نحو 10 عناصر من الأمن وقوات “الباسيج” التابعة للحرس، وهناك أكثر من مائتي جريح منهم. كما اعتقلت السلطات الإيرانية، حسب إعلانات منفصلة بعدة محافظات، أكثر من ألفي محتج بتهمة المشاركة في “أعمال الشغب والتخريب”.