تصريح جديد للمرشد الأعلى الإيراني وسط استمرار “احتجاجات مهسا أميني”
قال المرشد خلال لقائه أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام للدورة الجديدة، أنه يجب متابعة الوضع واتخاذ إجراءات قضائية وأمنية مناسبة.
ميدل ايست نيوز: مازالت إيران تعيش على وقع الاحتجاجات المستمرة للأسبوع الرابع (منذ 17 من الشهر الماضي)، على وفاة الشابة مهسا أميني، فيما جدد المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، اليوم الأربعاء، موقفه من الاحتجاجات، ووصفها بأنها “غير عفوية ومدبرة من العدو”.
وحسب تقرير لموقع “العربي الجديد” أظهرت وسائل التواصل الاجتماعي استمرار الاحتجاجات ومظاهرها المرافقة، اليوم الأربعاء، في ظل تشديد تقييد الوصول إلى الإنترنت الدولي خلال الساعات الأخيرة، وفقا لبيانات مؤسسات دولية معنية بمراقبة الشبكة في دول العالم.
وفي لقائه اليوم الأربعاء مع أعضاء مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني (من المؤسسات السيادية)، تطرّق المرشد الإيراني الأعلى إلى الاحتجاجات في بلاده، قائلا إن “أعمال الشغب في الشوارع ردة فعل انفعالية من العدو أمام الخطوات العظيمة الأخيرة للشعب الإيراني”، مقللا من أهميتها، مضيفا أن “العدو يهدف إلى إشغال المسؤولين والسلطات بقضايا يومية”، داعيا إياهم إلى “التركيز على الأعمال الأساسية وازدهار البلاد”.
وطالب الحكومة والسلطات الإيرانية بمواصلة وظائفها وأعمالها في السياسات الداخلية والخارجية، من دون أن تتأثر تلك الأعمال بـ”هذه الحوادث الجزئية”، في إشارة إلى الاحتجاجات.
وقال المرشد الإيراني إن الاحتجاجات “ليست عفوية”، مقسما المحتجين إلى فئات، وداعيا إلى التعامل معهم بشكل مختلف، وشدد على أن “البعض من هؤلاء الأشخاص إما عملاء للعدو، وإن لم يكونوا كذلك، فهم إما متماشون معه، أو أشخاص غلبت عليهم المشاعر والأحاسيس”.
ودعا السلطات القضائية والأمنية إلى “القيام بواجبها تجاه الفئة الأولى”، و”العمل الثقافي” مع الفئة الثانية.
تجمعات مستمرة
إلى ذلك، بعد دعوات مكثفة على شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة، تشير الأنباء غير الرسمية، ومقاطع مصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى إغلاق المحال التجارية في عدد من المدن الكردية غربي إيران، فضلا عن تجمعات في طهران، ومدن أخرى، وسط تواجد مكثف لقوات الأمن والشرطة، منها تجمعات طلابية في بعض الجامعات، وفق الفيديوهات المتداولة.
بموازاة ذلك، أفادت “نت بلوكس”، وهي منظمة غير حكومية تعمل على مراقبة أمن الشبكات وحرية الإنترنت في مختلف دول العالم، في حسابها على “تويتر”، أن شبكة الإنترنت في إيران تواجه “اضطرابا كبيرا بدءا من الساعة السادسة صباحا بالتوقيت العالمي”، مرجحة أن يحد ذلك من “التدفق الحر للمعلومات وسط الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني”.
وتتضارب الروايات حول أسباب إغلاق المحال التجارية في بعض المدن الإيرانية، إذ تعزوها الرواية الرسمية إلى مخاوف أصحاب هذه المحال مما يوصف بـ”أعمال الشغب والتخريب”، لكن النشطاء على الفضاء الافتراضي يرون في الإغلاق إضرابا في إطار الاحتجاجات.
أما وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي فاتّهم، أمس الثلاثاء، خلال زيارته إلى مدينة سنندج مركز محافظة كردستان، المعارضة الكردية بتهديد أصحاب المحلات التجارية لإغلاقها.
وتظهر المقاطع المتداولة تجمعا للمحامين في طهران أمام مقر نادي المحامين في العاصمة، مع إطلاق الهتاف الاعتيادي: “مرأة حياة حرية”، قبل أن تقوم قوات الأمن بتفريق المحتجين بالغاز المسيل للدموع.
وحسب الفيديوهات، التي لم يتسن لـ”العربي الجديد” التأكد من صحتها، فإن تجمعات اليوم الأربعاء الاحتجاجية انطلقت في طهران وأصفهان وكرج ورشت. وتظهر المقاطع المصّورة مواجهات وعمليات كر وفر بين الشرطة والمتظاهرين.
لوائح اتهام
إلى ذلك، تواترت الأنباء، خلال الساعات الأخيرة، من عدة محافظات إيرانية، بشأن إصدار لوائح اتهام بحق المشاركين في الاحتجاجات، إذ أعلنت عدلية محافظة هرمزجان، المطلة على الخليج، صدور لوائح اتهام ضد 65 شخصا من “المشاغبين”، وقرارات بالتوقيف بحق 13 شخصا، قالت إنهم متورطون في “أعمال الشغب الأخيرة”.
ويواجه هؤلاء تهما بـ”تخريب الممتلكات العامة، وتحريض مؤثر على القتل، والنشاط الدعائي ضد نظام الحكم، والإخلال في النظام العام”، حسب عدلية هرمجان.
من جهته، أعلن المدعي العام في طهران علي صالحي، اليوم الأربعاء، صدور لوائح اتهام ضد 60 شخصا من “مثيري الشغب” في طهران، مضيفا أن السلطة القضائية تبت “على مدار الساعة بدقة وسرعة” في ملف المعتقلين على خلفية الاحتجاجات.
في غضون ذلك، قال قائد قوات مكافحة الشغب في الشرطة الإيرانية العميد حسن كرمي، اليوم الأربعاء، لوكالة “فارس” الإيرانية، إن جميع كتائب هذه القوات “أصبحت مزودة بالمسيرات للوصول إلى عناصر الشغب الرئيسية”، مضيفا أنه خلال الاضطرابات “تهرب هذه العناصر إلى داخل الأزقة الضيقة فتتعرف إليهم هذه المسيرات ويجري اعتقالهم لاحقا”.
في الأثناء، وبعد أنباء عن اعتقال طلاب مدارس شاركوا في الاحتجاجات، أكد وزير التعليم والتربية الإيراني يوسف نوري صحة تلك الأنباء، بشكل غير مباشر، في مقابلة مع صحيفة “الشرق” الإيرانية، قائلا: “ليس عندنا طلاب في السجن، ومن اعتقلوا فبغرض الإصلاح والتربية”.
إلى ذلك، أعربت منظمة اليونيسف عن “قلق بالغ إزاء استمرار ورود التقارير التي تفيد بمقتل وجرح واحتجاز أطفال ومراهقين في خضم الاحتجاجات الشعبية الجارية في إيران”.
وجاء ذلك في بيان صادر عن المديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل، تلاه المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في المؤتمر الصحافي اليومي الثلاثاء.
ودعت اليونيسف، وفق موقع الأمم المتحدة، إلى حماية جميع الأطفال من جميع أشكال العنف والأذى، بما في ذلك أثناء النزاعات والأحداث السياسية، مؤكدة أنه لا يمكن تبرير العنف ضد الأطفال، من قبل أي شخص وفي أي سياق.
إلى ذلك، وفي محاولة جديدة لإقناع المحتجين بالرواية الرسمية بأن وفاة مهسا أميني لم تكن نتيجة ضربها، بث التلفزيون الإيراني، الليلة الماضية، مقطعا مصورا يظهر أمجد أميني، والد مهسا أميني، في المستشفى عند سرير ابنته، وهو في نقاش مع شخص آخر، موّهت صورته، يقول خلاله ردا على طلب الشخص المجهول بمعاينة رأسها: “إنني لا أقول إنهم ضربوها على رأسها”.
وكانت “شرطة الأخلاق” في طهران قد أوقفت الشابة مهسا أميني، بحجة عدم ارتدائها لباساً محتشماً، في 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، وهي آتية من محافظة كردستان إلى طهران للسياحة برفقة أسرتها، لكنها بعد ساعتين من اعتقالها دخلت حالة غيبوبة في مقر الشرطة إلى أن توفيت في 16 منه. وأطلقت وفاتها احتجاجات في إيران في اليوم التالي وتحوّلت إلى قضيّة رأي عام.
وفي حديث سابق مع صحيفة “اعتماد” الإصلاحية، ذهب محامي عائلة أميني صالح نيكبخت إلى أن خلاصة آراء أطباء موثوقين وأشخاص شاورهم، تؤكد أن مهسا “تعرضت لضرب من ناحية الرأس”، وذلك بعد اعتقالها في الشارع وقبل نقلها إلى مقر الشرطة.
وتحدث نيكبخت عن “وجود آثار للدم خلف الرقبة وأسفل الجمجمة” على جثمان أميني. إلا أن منظمة الطب العدلي الإيرانية الحكومية أصدرت تقريرها النهائي حول أسباب الوفاة، أكدت فيه رواية الشرطة، فأعلنت الجمعة الماضي أن وفاة مهسا أميني “لم تكن ناتجة من تعرضها لضربة في الرأس أو أعضائها وعناصرها الحيوية في الجسم”، عازية ذلك إلى أمراض سابقة، وخضوعها لعملية حراجية في الثامن من عمرها لإخراج ورم دماغي.