واشنطن بوست: إيران تعد شحنات من مسيرات وأنظمة “أرض- أرض” لروسيا
كشفت مصادر استخباراتية إن إيران تقوم بالتخطيط لنقل السلاح إلى روسيا بشكل يساعدها على تعويض النقص في مخزونها وإعادة بناء خط الذخيرة الموجهة بدقة.
ميدل ايست نيوز: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعده جوبي واريك وإيلين ناكشيما وشين هاريس نقلوا فيه عن مصادر استخباراتية قولها إن إيران تقوم بالتخطيط لنقل السلاح إلى روسيا بشكل يساعدها على تعويض النقص في مخزونها وإعادة بناء خط الذخيرة الموجهة بدقة.
وأضافوا أن إيران تعزز من التزاماتها لتزويد السلاح إلى روسيا ومساعدتها في الحرب بأوكرانيا. وبحسب مصادر أمنية أمريكية ومن دولة حليفة، فلم توافق طهران سرا على تزويد موسكو بأسلحة هجومية فقط بل وما يصفه المسؤولون صواريخ أرض- أرض إيرانية الصنع لكي تستخدم ضد المدن الأوكرانية ومواقع القوات هناك.
ويأتي الدعم الإيراني في وسط ما تقول إدارة جو بايدن إنها خسائر كبيرة لدى الجيش الروسي من المعدات منذ بداية الهجوم على أوكرانيا في شباط/فبراير وتراجع الإمدادات من الذخيرة الموجهة بدقة كتلك التي استخدمت في غارات الأسبوع الماضي ضد المدن الأوكرانية. ونشرت مؤسسات إعلامية مستقلة صورا لبقايا مسيرات (درون) إيرانية الصنع استخدمت في ضرب أهداف أوكرانية، بشكل يستدعي الشك في إنكار إيران المتواصل أنها تزود حليفتها روسيا بأسلحة كهذه. وأكد مسؤولون في البنتاغون وبتصريحات علنية استخدام المسيرات الإيرانية في الغارات الجوية الروسية وكذا نجاح القوات الأوكرانية بإسقاط بعض هذه المسيرات.
وفي إشارة عن تزايد الدور الإيراني كمزود لموسكو، أرسلت طهران مسؤولين في 18 أيلول/سبتمبر لاستكمال شروط شحنات عسكرية إضافية، بما فيها نوعان من صواريخ أرض- أرض إيرانية الصنع، وذلك حسب مسؤولين أمريكيين ودولة حليفة تقوم برصد النشاطات الإيرانية. وفي تقييم أمني تم التشارك فيه بين المخابرات الأمريكية والأوكرانية بالأيام القليلة الماضية أكد استعداد صناعة السلاح الإيرانية لأول شحنة من صواريخ الفاتح- 110 وذو الفقار، الصواريخ الإيرانية قصيرة المدى، وتستطيع ضرب أهداف على بعد 300 و700 كيلومتر على التوالي، وذلك حسب قول مسؤولين على اطّلاع بالأمر. ولو وصلت الشحنة فستكون أول صفقة عسكرية إيرانية لروسيا منذ بداية الحرب.
وفي آب/أغسطس، حدد نفس المسؤولين الذين رفضوا الكشف عن هويتهم نوعين من الطائرات الإيرانية المسيرة، المهاجر-6 وشهيد- 136 والتي بدأت طهران بتزويدها لروسيا بغرض الاستخدام في أوكرانيا. وتمت استعادة بقايا النوعين وحللت والتقطت القوات الأوكرانية لها صورا في الأسابيع الماضية. ويبدو أن روسيا أعادت طلاء المسيرات وأعطتها أسماء روسية. وقال المسؤولون الذين اطلعوا على شحنة الصواريخ إن إيران تحضر لشحنات جديدة من المسيرات لروسيا بما فيها “أعداد” من مهاجر 6 وأعداد كبيرة من شهيد-136. ويطلق على النوع الأخير أحيانا “كاميكاز” لأنها مصممة للانفجار في الأهداف وقادرة على إسقاط متفجرات من على مستوى 1.500 ميل.
وقال المسؤولون إن المستشارين الفنيين الإيرانيين زاروا المناطق التي تسيطر عليها روسيا في أوكرانيا لتقديم الإرشادات حول طريقة استخدام المسيرات. ورفضت الوكالات الأمنية التعليق على التقارير بشأن الشحنات الروسية، ولم يرد المسؤولون الروس أو الإيرانيون. وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني التصريحات الحكومية التي تنكر دعمها العسكري للروس “تعتبر الجمهورية الإسلامية التقارير المتعلقة بتزويدها مسيرات لروسيا بغرض استخدامها في أوكرانيا غير صحيحة ولا تؤكدها”. وأعاد التأكيد على حيادية إيران في النزاع وأكد على ضرورة حل الطرفين المشاكل عبر الطرق السياسية وبعيدا عن العنف. وأخبرت حكومة كييف بالمعلومات الأمنية الجديدة.
وقال مسؤول أمني أوكراني للصحيفة إن تقييمات الاستخبارات بشأن المسيرات التي نشرها الروس في جنوب أوكرانيا تفيد بأنها جاءت من إيران. وخفضت أوكرانيا مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إيران بسبب التقارير عن المسيرات التي ظهرت في ساحة الحرب. واستند الرئيس فولدومير زيلينسكي على الغارات الأخيرة لمطالبة الناتو بتزويد بلاده بأنظمة دفاع صاروخية متقدمة. ورفضت روسيا، مثل إيران التقارير الغربية حول تلقيها شحنات من المسيرات الإيرانية، ووصفها المتحدث باسم الرئيس، ديمتري بيسكوف بالزائفة. ولكن المسيرات الإيرانية تركت بصماتها على الميدان حيث دمرت عددا من الدبابات الأوكرانية وأضرت ببنى تحتية مدنية في الهجمات المتكررة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
ويقول المسؤولون إن وصول أنظمة الصواريخ أرض- أرض قد يعطي الروس سلاحا جديدا ضد كييف التي تستعيد مناطق في الجنوب والشرق بسبب الدعم العسكري الغربي. ويقول فارزين نديمي، الخبير في الأسلحة الإيرانية بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى “التقدم من المسيرات إلى أرض- أرض قد يعطي الروس خيارات أخرى وقدرة على الضرب”. وتملك إيران ترسانة صواريخ متنوعة من الأسلحة لا تضاهى في الشرق الأوسط، قصيرة ومتوسطة.
وفي الوقت الذي كافح فيها مصممو الصواريخ الإيرانية لبناء مصداقية، إلا أن الأجيال الجديدة من فاتح 110 وذو الفقار تعتبر قوية ودقيقة حسب الخبراء. وزودت بعض النماذج بأنظمة توجيه كهربائية- بصرية تسمح لمشغلي الصواريخ بتوجيهها وهي تقترب من الهدف. وزودت إيران الصواريخ سابقا لحلفائها في الشرق الأوسط، وبخاصة جماعة الحوثي في اليمن التي استخدمتها لضرب مصافي البترول والبنى التحتية في دول الخليج.
وتملك روسيا أنواعا عدة من المسيرات التي تستخدم للرقابة ودعم المدفعية. ولكن موسكو لم تستثمر في بناء أسطول من المسيرات القتالية، كتلك التي تستخدمها القوات الأمريكية بشكل منتظم في أفغانستان والشرق الأوسط. وكان لدى روسيا ترسانة من الذخيرة الموجهة بدقة إلا أن الصواريخ والمقذوفات الصاروخية نفدت كما يقول المسؤولون الأمريكيون منذ بداية الحرب. وفي إيجاز للمسؤولين الاستخباراتيين الأمريكيين يوم الجمعة أشاروا لاعتماد روسيا المتزايد على إيران وكوريا الشمالية، كدليل على أثر العقوبات وحظر تصدير التكنولوجيا.
وفي عرض للصحافيين قال مسؤولون من مكتب مدير الاستخبارات الوطنية إن روسيا خسرت أكثر من 6.000 قطعة سلاح منذ بداية الحرب وتستخدم الذخيرة بطريقة لا يمكن تحملها. ونظرا لعدم قدرتها الحصول على المواد الإلكترونية بسبب العقوبات، فقد “بدأت روسيا بالبحث عن معدات وإمدادات من دول مثل إيران وكوريا الشمالية” بما في ذلك المدفعية والمسيرات والذخيرة والمقذوفات الصاروخية.
واليوم الاثنين نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية صحة الأنباء والتصريحات الغربية عن إرسال إيران أسلحة إلى روسيا، منها المسيّرات لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا، قائلاً: “لم نرسل أي سلاح إلى الأطراف المتصارعة في الحرب الأوكرانية”.
واعتبر أن الأنباء عن إرسال هذه الأسلحة تنشر لأغراض “سياسية”، قائلاً إن بلاده سبق أن أعلنت أنها “تعارض الحرب أينما كانت”، مشيراً إلى أنها مع “الحل السياسي” للحرب الأوكرانية.