من الصحافة الإيرانية: كيف تتأثر السياسة الخارجية من الأحداث الداخلية في إيران؟

ميدل ايست نيوز: تُعتبر السياسة الخارجية الدولية المتبعة من قبل الغرب أحد العوامل في استمرار الاحتجاجات والفوضى في إيران. في الوقت نفسه، يمكن القول أن طريقة مواجهة هذه الاحتجاجات تكمن في التعامل بحكمة وتعقل مع العامل المذكور. في حين قد يؤدي رفض تحديد أبعاد هذه الاحتجاجات والاستمرار في تجاهل المطالب في جعل السياسة الخارجية أكثر صعوبة ويعطي فرصة للمحتجين في استمرار احتجاجهم.

تنوعت هذه المرة الشعارات التي أطلقها الإيرانيون في المظاهرات حيث لم يسبق لها مثيل في الشرق الأوسط. بدوره يدعي المجتمع الدولي أن اهتمامه في إيران هو فقط بسبب ما يحدث فيها من فوضى، متناسياً الدوافع الأخرى التي تخدم مصالحه وأهدافه التي لم تعد تخفى على أحد.

وفي نفس السياق، يأمل الغربيون، الذين يدّعون أنهم يتعرضون لضغوطات كبيرة من ما يسمونه بـ “الأصولية الإسلامية”، أن تؤثر الشعارات التي يطلقها المحتجون في إيران على منطقة الشرق الأوسط بأكملها. إضافة إلى ذلك، يبدو أن التيارات الديمقراطية الليبرالية في العالم ترى المتظاهرين الإيرانيين إلى جانبهم في مواجهة التيارات اليمينية المتطرفة.

إلى جانب ذلك، فإن الدور المهيمن للمرأة في تطور المجريات في إيران لفت أيضًا انتباه السياسيات في البلدان الأخرى اللائي يلعبن دورًا حيوياً في السياسة الداخلية والخارجية لبلدانهن.

وفي خطوة غير معهودة، عقدت 12 وزيرة خارجية، مؤخراً اجتماع على الانترنت بشأن الاحداث الجارية في إيران حيث لاقى رواجاً وتفاعلاً كبيراً بين النساء الإيرانيات.

وفي البال، عامل مهم آخر هو اهتمام الرأي العام الدولي المبالغ فيه بالمجريات في إيران، الأمر الذي أدى إلى توعية الأحزاب والسياسيين والبرلمانيين. بالإضافة إلى هذا، أدى نشاط الإيرانيين في الخارج إلى خلق بيئة خصبة من أجل استمرار جماعات الضغط المناهضة بالاحتجاج في الشوارع. وبهذه الطريقة، تجاوزت النظرة العالمية للاحتجاجات في إيران جوهر القضية واكتسبت أبعادًا أوسع للأسباب التي تم ذكرها بإيجاز أعلاه.

وبالإضافة إلى الإجراءات التي تتخذها بعض الدول الغربية والأجنبية في تقييد العلاقات الثنائية مع إيران، فإن ممارسة الضغط من خلال مختلف أجهزة الأمم المتحدة هو أيضا ضمن قائمة التضييق السياسي والاقتصادي ضد إيران.

وبالمثل، لم تسلم إيران من مساع مجلس حقوق الإنسان للضغط عليها تحت مسمى قمع حقوق المرأة. حيث وقعت عدة كيانات وشخصيات داعمة لحقوق الإنسان مثل زوجات ثلاثة رؤساء أمريكيين سابقين، وغيرهم، رسائل مفصلة في الأسابيع القليلة الماضية تدعو فيها إلى عقد اجتماع خاص لمجلس حقوق الإنسان وإنشاء آلية مستقلة للبحث في هذا المجال كتكملة لمهمة الاستاذ البريطاني من أصول باكستانية جاويد الرحمن، الذي كان قد تقدم بطلب مماثل في 26 أكتوبر الماضي.

وقال مختصون في هذا المجال، أن آلية البحث هذه قابلة للتحقق بقرار رسمي من مجلس حقوق الإنسان.  وخلال فترة ليس بالقصيرة، تم إنشاء الآلية المذكورة أعلاه لبورما وسوريا. بجانب هذا، بعد مرور عام على مقتل الأمريكي جورج فلويد في أمريكا، وافق مجلس حقوق الإنسان على سن قرار غير رسمي أطلق عليه اسم “قرار جورج فلويد” ، وهو آلية للتحقيق في العنصرية في العالم.

بالإضافة إلى ذلك، تسعى عدد من المنظمات غير الحكومية بكل ثقلها لإلغاء عضوية إيران في لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة، التي تشارك إيران في عضويتها بشكل دوري. وقد أعدت إحدى هذه المؤسسات مشروع قرار يجب أن تقدمه إحدى الدول الأعضاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. وستكون أغلبية أصوات أعضاء هذا المجلس ، المؤلف من 54 عضوا ، ضرورية للمصادقة على القرار.

تشير الأمثلة المذكورة أعلاه إلى الاتجاه المتدهور للسياسة الخارجية للبلاد. في حين يتطلب وقف هذه العملية أو الحد منها إجراءات جادة من قبل الحكومة الإيرانية. وعلى الرغم من أن المبدأ هو خلق السلام داخل البلاد من خلال الاهتمام بالمطالب الإصلاحية والتقرب من جميع شرائح المجتمع، إلا أنه من الضروري اعتماد أساليب تصحيحية وإيجابية ولينة لمنع زيادة الضرر بالسياسة الخارجية.

 

كوروش أحمدي

دبلوماسي إيراني سابق

تابع ميدل ايست نيوز على التلغرام telegram
المصدر
شرق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 + 19 =

زر الذهاب إلى الأعلى