هل وصلت أوروبا إلى نقطة اللاعودة في علاقاتها مع إيران؟
بعد ضغوط هائلة من الرأي العام العالمي، اتخذ الغرب والدول الأوروبية على وجه الخصوص موقفًا متشددًا تجاه إيران بسبب ما وصفوه بانتهاك حقوق الإنسان.
ميدل ايست نيوز: أدى حدوث احتجاجات شعبية في البلاد في الفترة الأخيرة إلى تغيير جذري في علاقات الدول الأوروبية مع إيران.
وفي هذا الصدد، وبعد ضغوط هائلة من الرأي العام العالمي، اتخذ الغرب والدول الأوروبية على وجه الخصوص موقفًا متشددًا تجاه إيران بسبب ما وصفوه بانتهاك حقوق الإنسان والديمقراطية وقمع الحريات.
فقام الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات متعددة ضد إيران في ملفات ترتبط بحقوق الإنسان. وصدرت مواقف حادة من جانب زعماء الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وألمانيا.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال منتدى باريس للسلام، قبل أسبوع، أنه استقبل في باريس ناشطات إيرانيات، بينهم ابنة إحدى ضحايا الاحتجاجات. وقال ماكرون، «استقبلنا بكثير من الفخر والسرور وفداً من النساء الإيرانيات»، مضيفاً: «أريد أن أكرر هنا فعلاً احترامنا وإعجابنا في سياق ثورتهن».
كما أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس السبت المضي أنه يميل لفرض الاتحاد الأوروبي جولة جديدة من العقوبات على طهران هذا الأسبوع. وقال شولتس في مقطع مصور نُشر على تويتر: “نريد مواصلة تكثيف الضغط على الحرس الثوري والقيادة السياسية”، وفق رويترز.
ورداً على سؤال لموقع “فرارو” الإخباري، هل وصلت أوروبا إلى نقطة اللاعودة في علاقاتها مع إيران؟ قال دكتور الجغرافيا السياسية وخبير السياسة الخارجية عبدالرضا فرجی راد: للإجابة على هذا السؤال، يجب أولاً الانتباه إلى العوامل الرئيسية للتشدد الأوروبي الأخير ضد إيران من أجل فهم ما إذا كانت أوروبا تخطط أساسًا لوضع نفسها في موقف اللاعودة في سياسة العلاقات مع طهران. أم لا؟ في رأيي، يمكنني هنا ذكر ثلاثة عوامل لتفسير هذا التشدد الأوروبي فيما يتعلق بإيران.
وبحسب فرجي راد، قبل كل شيء أدى التصعيد في الاحتجاجات الداخلية الإيرانية إلى وجود تداعيات واسعة النطاق خارج البلاد، وكانت لها بطبيعة الحال تأثير كبير على الرأي العام، لا سيما في الدول الغربية التي شعرت بضرورة الرد بشكل مناسب واتخاذ موقف مناهض للسياسة الإيرانية. في حين، يأخذ هذا الموضوع أبعادًا وآثارًا خطيرة، لا سيما بالنظر إلى الانتشار الواسع لأخبار المعارضة على الساحة الدولية من منظور حقوق الإنسان، “حيث ولسنوات عديدة، اعتبر الأوروبيون أنفسهم قطب حقوق الإنسان العالمي. وفي هذا الإطار، ينتهزون مثل هذه الفرص لإطلاق شعارات ودعاوي واهية لما يحدث في إيران”.
ويتابع المحلل الإيراني: أما الأمر الثاني، الذي يجب أخذه بعين الاعتبار كمحرك أساس للتشدد الأخير في أوروبا ضد إيران هو التأخير في إحياء الاتفاق النووي، حيث نشعر أن الأوروبيين فقدوا الأمل قبل الأمريكيين في التوصل إلى اتفاق نووي مع طهران.
ويؤكد أن العامل الثالث، هو المزاعم المختلفة التي يطلقها الغرب حول التعاون العسكري الإيراني مع روسيا في إطار الحرب الأوكرانية. حيث تعد قضية أوكرانيا مسألة حساسة للغاية بالنسبة للأوروبيين، الذين يعتبرون تصرفات طهران ودعمها لموسكو في الحرب خسارة كبيرة بالنسبة لهم. وذلك بسبب الكم الهائل من الأموال التي أهدروها لدعم أوكرانيا بهدف دفع بوتين إلى نقطة ضعف.
وحول إمكانية تغيير السياسات الحالية لأوروبا تجاه إيران والمضي قدماً نحو التهدئة، قال عبد الرضا فرجي راد: “أعتقد أن هناك حلولاً في هذا الصدد. ومثلما دفعت العوامل الثلاثة المذكورة أعلاه أوروبا إلى تبني مواقف عدوانية ضد إيران، يجب علينا أيضًا لفت الانتباه إليها والعمل على إيجاد أبعاد وسياسات مضادة، وخلق أرضية لتحسين العلاقات مع أوروبا”.
وتابع: “وفي ثوب هذا، يقول بعض المفكرين والمحللين المتعاطفين مع الأحداث في إيران، أنه يجب قبل أي شيء خلق جو جديد من التفاهم والمصالحة داخل البلاد حتى يشعر المعترض داخل إيران بالرضا إلى حد ما ويشعر نوعًا ما بالطمأنينة”.
وأكد: “أنه يجب أن نعود سريعًا إلى الاتفاقية النووية. وسواء كانت مفاوضات نووية أو غيرها يجب أن نستغل جميع الفرص في هذه المجال”. مضيفا: “ما زلت أعتقد أن الأمريكيين يرغبون في خوض حوار مع إيران، وإذا أجريت المفاوضات بشكل مباشر، فستزداد احتمالية أن يتحسن الوضع وستكسب إيران المزيد من الفوائد”.
واختتم عبدالرضا فرجی راد حواره: “بيت القصيد، علينا الدخول في حوار دبلوماسية مع أوروبا فيما يتعلق بموضوع الحرب في أوكرانيا وعلاقاتنا مع روسيا. من ناحية أخرى، يتوجب علينا أن نعلن بوضوح إلى روسيا أن ظروف بلدنا خاصة وأنه ستكون هناك تحديات بالنسبة لنا في معادلة الحرب في أوكرانيا”.