الاتفاق النووي بين سنديان الحرب وطاولة الدبلوماسية
اعتبر مستشار الفريق المفاوض الإيراني في محادثات فيينا أن بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪ في منشآة فوردو هو رد إيران على الاستفزازات والتهديدات الغربية.

ميدل ايست نيوز: أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة الثلاثاء أن إيران بدأت إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 % في مجمّع فوردو النووي.
وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان: “في تقريره الأخير للدول الأعضاء… قال المدير العام رافايل ماريانو غروسي اليوم إن إيران بدأت إنتاج يورانيوم عالي التخصيب… في مجمع فوردو النووي، ليضاف ذلك إلى الإنتاج في نطنز منذ نيسان/أبريل 2021”.
بدورها، أدانت حكومات بريطانيا وألمانيا وفرنسا، الثلاثاء، الخطوات التي اتخذتها إيران لـ”توسيع برنامجها النووي”.
وذكر بيان مشترك صادر عن الدول الثلاثة ونشر على الموقع الإلكتروني للحكومة البريطانية، أن “حكومات فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة تدين الخطوات الأخيرة لإيران، كما أكدت ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتوسيع برنامجها النووي”.
وأضاف البيان “من خلال زيادة قدراتها الإنتاجية في (مفاعلي) فوردو ونطنز، متجاوزة الحدود المسموح بها بموجب خطة العملة الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، ومن خلال تسريع إنتاجها لليورانيوم المخصب، اتخذت إيران خطوات كبيرة أخرى في تفريغ خطة العمل الشاملة المشتركة من مضمونها”.
وتابع البيان: “ومما يبعث على القلق بشكل خاص هو قرار إيران زيادة إنتاجها لليورانيوم عالي التخصيب (HEU) في منشأة تحت الأرض في محطة فوردو لتخصيب الوقود”.
وقال إن “الخطوة الإيرانية تمثل تحديا للنظام العالمي لعدم الانتشار (النووي). هذه الخطوة، التي تنطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بالانتشار، ليس لها أي مبرر مدني موثوق”.
ومضى البيان قائلا إن “الأعمال الإيرانية باتت مثيرة للقلق أكثر منذ توقف إيران عن تنفيذ جميع تدابير الشفافية المتعلقة بخطة العمل الشاملة المشتركة، قبل 5 شهور”.
واعتبر البيان التصعيد الإيراني الأخير بأنه “غير مقبول”، مضيفا ان “إيران ملزمة قانونا بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بالتنفيذ الكامل لاتفاقية الضمانات الخاصة بها”.
واختتم قائلا “سنواصل التشاور مع شركائنا الدوليين حول أفضل السبل للتعامل مع التصعيد النووي الإيراني المستمر”.
واعتبر مستشار الفريق المفاوض الإيراني في محادثات فيينا أن بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪ في منشأة فوردو، والذي تم تنفيذه بعد مشروع قرار بشأن إيران في مجلس الأمن، هو رد إيران على الاستفزازات والتهديدات الغربية.
وأعاد مستشار المفاوض الإيراني في مفاوضات فيينا، محمد مرندي، نشر خبر التلفزيون الإيراني برس تي في، حول بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 60٪ في منشأة فوردو، وكتب على صفحته على تويتر: “لطالما ردت إيران على الاستفزازات والتهديدات الغربية. يجب أن تعرف أمريكا والاتحاد الأوروبي أن للغطرسة عواقب”.
حرب أم دبلوماسية؟
في هذا الإطار، قال الرئيس السابق لهيئة الأمن القومي، حشمت الله فلاحت بيشة، لصحيفة “دنياي الاقتصاد” الإيرانية عن الأحداث الأخيرة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية من جهة والمواجهة بين إيران والغرب من جهة أخرى: “هذه القضايا تشير إلى أن التحديات على الساحة النووية أصبحت صعبة وشائكة جداً”.
وفي إشارة إلى أكثر العقوبات فاعلية على إيران بذريعة البرنامج النووي، قال فلاحت بيشة: “إيران حولت الملف النووي إلى أداة للحفاظ على قدرتها التفاوضية في الدبلوماسية النووية”.
وأكد: “السياسة التي تنتهجها الدول الغربية الآن بزيادة معدل العقوبات على إيران بذرائع مختلفة. تحاول من خلالها جعل برنامج إيران النووي خاضعًا للرقابة الذاتية”.
وحول طرح استخدام الخيار العسكري ضد إيران من قبل الدول الغربية والفاعلين الإقليميين الآخرين، قال فلاحت بيشة: “ما يقوم به الساسة الغربيون من إجراءات تجاه إيران يعني أن الجو التفاوضي يخرج من الوضع الدبلوماسي يوما بعد يوم”.
وشدد على أن “إيران في وضع تعاني فيه أكثر من غيرها من العقوبات، إذ لا تريد أن تضيع الوقت على حسابها، لذلك من الطبيعي أن تتبع نفس السياسة السابقة. أي إنتاج اليورانيوم بتخصيب 60٪”.
وعن الخطوة التالية المحتملة التي تهدد أوروبا بها إيران، أضاف فلاحت بيشة: “يبدو أن هذه الخطوة هي إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن، وفي هذه الحالة قد تزيد إيران نسبة التخصيب إلى أكثر من 60٪”.
وأوضح هذا السياسي بيان أوروبا الأخير بشأن تخصيب إيران بنسبة 60٪ بأنهم سيتعاملون مع تصرفات إيران بالتشاور مع شركائهم: “الأوروبيون يقصدون إما إحالة الملف النووي إلى مجلس الأمن مرة أخرى أو تفعيل آلية الزناد”.
ورداً على أين وكيف ستكون نقطة نهاية هذه المواجهة، قال فلاحت بيشة: “أحد الخيارات المطروحة هو الحرب، والخيار الآخر هو العودة إلى طاولة الدبلوماسية. إذ يبدو أن إيران، بإنتاجها 60٪ من الوقود النووي في فوردو، أعلنت استعدادها حتى للحرب. وهذا يعني أن إيران توقعت خطوات صعبة في المستقبل”.
وقلل الرئيس السابق لهيئة الأمن القومي من احتمال خيار الحرب وقال: “إن الخيار الأكثر ترجيحًا من الجانب الإيراني والغرب بعد التصعيد المؤخر هو العودة إلى طاولة المفاوضات وإحياء المحادثات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
وأردف: “في الواقع، يجب على الجانبين اللجوء إلى الدبلوماسية النووية قبل أن تخرج الأزمة عن السيطرة”.