من الصحافة الإيرانية: ثلاث نقاط ضعف في سياسة إيران الخارجية
مراقبة وتحليل التطورات في السياسة الخارجية الإيرانية في الأشهر القليلة الماضية والسلوكيات في هذا المجال كشفت إلى حد كبير التحديات التي يواجهها الجهاز الدبلوماسي.

ميدل ايست نيوز: يعد مجال السياسة الخارجية من أهم مجالات الحكم في أي دولة. مجال يتم فيه تنظيم علاقات الدولة مع العالم الخارجي ولا يقتصر على المحور السياسي فحسب، بل يلعب دورًا مهمًا في تسهيل عملية النمو الاقتصادي والتكنولوجي والثقافي والعلمي وحتى العسكري لدول العالم.
ووفقًا لتقرير موقع فرارو، فإن مراقبة وتحليل التطورات في السياسة الخارجية الإيرانية في الأشهر القليلة الماضية والسلوكيات في هذا المجال كشفت إلى حد كبير التحديات التي يواجهها الجهاز الدبلوماسي والتي تلحق الضرر بالمصالح الوطنية للبلاد على المستوى الكلي.
وفي هذا الصدد يرى التقرير أنه يمكننا أن نذكر على وجه التحديد ثلاث نقاط ضعف وتحديات أساسية.
تحدي البيروقراطية المعقدة والسلبية
إحدى المشاكل التي يواجهها جهاز السياسة الخارجية الإيراني لفترة طويلة هي تعقيد الهياكل البيروقراطية للمحاور الدبلوماسي، وبالتالي القرارات والحركات المتأخرة وغير الانتهازية داخله. وأصبحت فيما بعد هذه القضية بارزة للغاية في سياسة إيران الخارجية لدرجة أن البعض يصفها بغير العملية. في هذا الصدد، يمكننا أن نذكر على وجه التحديد مثالين ملموسين شهدناهما مؤخرًا.
على سبيل المثال، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخرًا بزيارة السعودية وحضر في نفس الوقت اجتماعًا مشتركًا مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وتبنى مواقف مناهضة لإيران باسم بلاده.
وأدت الإشارة إلى إيران كقوة متدخلة في المنطقة، وتضامن بكين مع مطالب أعضاء مجلس التعاون حول أوضاع منطقة الخليج فيما يتعلق بقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى والصغرى وابوموسى، إلى بروز أصوات العديد من المراقبين والمحللين وحتى المسؤولين السياسيين في إيران وظهرت انتقادات مختلفة من طهران فيما يتعلق بمواقف الصين.
لا شك في إدانة المواقف الصينية من قبل طهران، لكن تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الصيني قد وقع العديد من الاتفاقيات والعقود مع الجانب الإيراني خلال رحلته إلى طهران عام 2016، إلا أنه ومنذ ذلك الحين وإلى وقتنا الحالي، بدأت سرعة التقدم في العلاقات بين الجانبين لتنفيذ اتفاقياتهما تنخفض تدريجياً، وباتت الأخبار حول اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين إيران والصين لمدة 25 عامًا غائبة عن الشاشة كلياً.
في هذا الإطار، وبعد أن لاحظ الصينيون بطء أداء إيران في معاملاتها، وجهوا انتباههم عمليًا إلى الجهات الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، الذين ينظرون بشكل أكثر براغماتية وانتهازية في مجال السياسة الخارجية، وهذا بالضبط السبب الرئيسي في تطور علاقات الصين مع السعودية.
وفي مثال آخر، مسألة المفاوضات في فيينا والتركيز على إحياء الاتفاق النووي، حيث شهدنا أيضًا مماطلة إيرانية مبالغ فيها في التوصل إلى اتفاق مع الغرب، تسبب في ضياع الفرص من أيدي إيران الواحدة تلو الأخرى، الأمر الذي ينذر بخطر مقبل على أجواء المعادلات الاقتصادية والسياسية للبلاد.
وكعادتها، انتهجت سياسة إيران الخارجية منهج انتهازي في هذه المعادلة، ووقعت في فخ الإجراءات البيروقراطية والتحليلات الضعيفة التي افترضت تعرض أوروبا لشتاء قاس مما سيجعلها ترضخ لإيران، إلا أن السحر انقلب على الساحر، حيث تخوض إيران اليوم أكبر معركة اقتصادية واجهتها في تاريخها.
تحدي التخلف
تواجه السياسة الخارجية الإيرانية تحديا اساسيا أصبح يسمى بـ “التخلف”. ومن هذا المنطلق، فإن هذه السياسة متراجعة جداً إلى حد ما عن مستجدات اليوم الدولي، ولهذا السبب بالذات، فهي متخلفة عن الركب ومصدومة من بعض التغييرات في مجال العلاقات الدولية والعلاقات بين الدول. لفهم هذه القضية بشكل أفضل، يمكننا أن نشير إلى مثال الزيارة الأخيرة لرئيس الصين إلى السعودية ومواقفه الخاصة ضد البلاد.
وفاجأت هذه قضية العديد من المحللين الإيرانيين، وأظهرت كيف يمارس هؤلاء الفاعلون البراغماتية ويتابعون مصالحهم بالانتهازية في العالم المتغير الحالي الذي يحكم المعادلات الدولية.
أحجية السلة والبيض
في آخر المقال، يجب القول إن أحد التحديات والمشكلات التي تواجه جهاز السياسة الخارجية للبلاد، والذي أظهر مظاهرًا أكثر موضوعية في السنوات الأخيرة، هو أن إيران، التي تواجه أوج المنافسة والعداء من الغرب ضد نفسها، أعطت الكثير من الأمل للأطراف الشرقية لتطوير العلاقات معها، وبعبارة أوضح، يبدو أنها وضعت كل بيضها في سلة واحدة: سلة الشرق. وهذه المسألة لها عواقب وخيمة وسلبية للغاية على البلاد، وهي اختلال توازن السياسة الخارجية لإيران، وحرمان إيران من مجموعة واسعة من الفرص.
بيت القصيد، يجب على النظرة الحاكمة في جهاز السياسة الخارجية تنويع العلاقات الخارجية للبلاد قدر الإمكان، والسعي قدر الإمكان للتصدي للأعباء التي تواجه الاقتصاد.
وتعد حماية العلاقات الخارجية مع الدول الأخرى، حتى المنافسين الجديين لإيران على الساحة الدولية، مطلب جاد ويمكن أن يكون مفيدًا في تقليل الكثير من التكاليف ضد إيران.